32 فوتوغرافياً يعرضون أبعاد وجماليات التصميم الإسلامي لمسجد الشيخ زايد الكبير
مسجد الشيخ زايد الكبير
أبعاد وجماليات التصميم الإسلامي لمسجد الشيخ زايد، والذي يعد واحدا من أهم المعالم الدينية ذات الطراز المعماري الفريد والمبهر في المنطقة وفي العالمين العربي والإسلامي، كانت مساء امس الأول في معرض فوتوغرافي نظمته جمعية الإمارات للفنون التشكيلية بمقرها في منطقة الشارقة القديمة بمشاركة اثنين وثلاثين مصورا قدموا ثماني وثمانين صورة.
وجاء المعرض تلبيةً للمبادرة التي أطلقها مجلس الوزراء بتسمية ذكرى وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بيوم العمل الإنساني الإماراتي ــ والذي يصادف التاسع عشر من شهر رمضان المبارك ــ وحرصاً على التواصل المجتمعي الذي يثري الذائقة الفنية لدى الجمهور، وشهد افتتاح المعرض اللواء حميد محمد الهديدي القائد العام لشرطة الشارقة، وحضره عيسى آل علي رئيس جمعية التشكيليين بالإنابة، ومحمد القصاب عضو مجلس إدارة الجمعية، بالإضافة إلى لفيف من الفنانين والمصورين المشاركين بالحدث.
ثراء التفاصيل
تميزت الأعمال المشاركة في المعرض بتنوعها وثرائها في التقاط التفاصيل البنائية والتزيينية في صحن المسجد، وفي فنائه ومرافقه الخارجية، كما تميزت بتناغمها البصري المعبر عن رغبة كل فنان في تقديم صور انطباعية مستقلة اعتمدت على الزوايا والمعالجات الفنية، واستغلال التداخلات اللونية المتجانسة، والأخرى المتمايزة بين فضاءي النور والظل، وغلب على الصور الملتقطة ميلها للإطار البانورامي الذي يبرز العمارة الخارجية لمسجد الشيخ زايد الكبير، ويعكس ضخامة البناء واللمسات الهندسية الفخمة والجاذبة لزوار مدينة أبوظبي، حيث يستقبلهم المسجد بإطلالته المهيبة المرتكزة على المآذن العالية، وبياضه اللامع المقترن بتشكيلات ذهبية في الأعمدة والأقواس المتماوجة بخفة ورشاقة على وجه المياه والأحواض المحيطة بالمسجد.
وفي المقابل استطاعت الأعمال الملتقطة داخل الفناء وفي غرف الصلاة أن تبوح بعلاقات لونية وتزيينية غاية في الإدهاش والدقة والاعتناء الفائض بالخطوط والكتابات والأدعية الدينية والآيات القرآنية، والتي تقدم في مجملها مناخا روحيا مشتبكا تماما مع الهدأة والسكينة الداخلية لرواد دور العبادة في الثقافة الإسلامية.
مسابقة
الجدير بالذكر أن المعرض تضمن مسابقة تشتمل على ثلاث جوائز لتشجيع وتحفيز المشاركين وحثهم على تقديم ما هو أفضل في مجال الإبداع عموما والتصوير خصوصا، حيث فاز بالمركز الأول الفنان السوري أنس الرفاعي، وفازت الإماراتية عائشة عبدالرحمن آل علي بالمركز الثاني، بينما فاز المصور الإماراتي إبراهيم عبدالله الحمادي بالمركز الثالث، كما قام راعي الحفل بتوزيع شهادات التقدير على باقي المشاركين تثمينا لدورهم في إبراز مكتسبات النهضة المعمارية والثراء الثقافي والفني الذي تتميز به دولة الإمارات في ظل القيادة الرشيدة الراعية والمساهمة والداعمة للمبدعين والمتميزين من أبناء الدولة والمقيمين فيها.
التحفة العالمية
وبمناسبة إقامة هذا المعرض المهم من جهة توثيقه الجمالي لمسجد الشيخ زايد والموصول بالأجواء الروحية لشهر رمضان المبارك، تحدث عددا من الفنانين المشاركين بالمعرض، حيث أشار الفنان أنس الرفاعي الفائز بالمركز الأول بين الأعمال المشاركة، إلى أن فوزه كان مفاجئا بالنسبة له، نظرا لجودة وتميز الأعمال التي تناولت الفضاء المعماري والعرفاني للمسجد، والذي وصفه الرفاعي بالتحفة العالمية حيث بات يشكّل مزارا دائما ووجهة مفضلة للسياح ولأبناء الدولة والمقيمين بها، وحول التكنيك البصري الذي استخدمه في أعماله المشاركة
وأوضح الرفاعي أنه لجأ للصورة البانورامية الخارجية التي تربط الطبيعة المحيطة بالمسجد مثل الغيوم المتناثرة ككتل بيضاء شفافة وسط زرقة السماء، والتي ساهمت في شحن الصورة بالأبعاد القدسية التي تصل الإنسان بخالقه، وتقرّبه من معاني الصفاء والمحبة والسلام الداخلي التي يشيعها المسجد في نفسية المصلين والمتعبدين المحاطين بهالة من الطمأنينة والانجذاب الإلهي.
صورة ساطعة
بدورها أشارت المصورة الإماراتية الشابة نورا أحمد الزرعوني إلى أنها ركزت في صورها المشاركة بالمعرض على القباب البيضاء الكبيرة التي يتميز بها مسجد الشيخ زايد، والتي قدمتها هنا بصورة ساطعة استغلت فيها إمكانيات الكاميرا للتعبير عن انبهارها الداخلي بهذه القباب، وتأثيرها على المتأمل فيها من حيث علوها وتكوينها النصف الدائري القادم من التراكمات الأسلوبية للمعمار الإسلامي في التاريخ العربي وقدرة هذه التكوينات البصرية المتفردة في إضفاء ملمح ديني خاص ومستقل مقارنة بالديانات الأخرى.
الضوء والظل
من جانبه قال الفنان الإماراتي على عبدالله الشريف، إنه لجأ للقطات البعيدة كي يجسد في أعماله الفوتوغرافية الشكل الظاهري للمسجد، والمتمازج مع أشعة الشمس وانعكاسها على الزوايا والسطوح، مما يؤسّس ــ كما أشار ــ لعلاقات بصرية بين الضوء والظل، ويضيف أبعادا تشكيلية فاتنة وحميمية، تعكس في النهاية الاتصال العاطفي والوجداني بين الصيغة الإبداعية التي يقدمها الفنان، وبين الإبداع الهندسي الواضح في التصميم الخارجي للمسجد.
وأوضح الفنان موسى محمد الرئيسي، أن مسجد الشيخ زايد يقدم مجالا بصريا مغريا لكافة محبي التصوير من هواة ومحترفين، وقال إنه لجأ لتكنيك خاص في تجميع الصور الصغيرة المستقلة ودمجها في صورة واحدة بانورامية تختصر وتكثف الأبعاد والمساحات الواسعة والممتدة التي يتمتع بها مسجد الشيخ زايد.
وأضاف الرئيسي أنه استفاد من تقنية الفوتوشوب، لتحويل اللقطات الخام إلى مشاهد وأعمال بصرية تقتنص جماليات المكان في المسجد، وتستدعي تفصيلات الموزاييك والكتل اللونية الباذخة للزخرفة النباتية والحروفية على الأسطح والجدران والأقواس والقبب الداخلية.