عنوان للمعرض التفاعلي باستخدام الوسائط المتعددة للفنان الموسيقي يوسف قعوار (نرى باذاننا ونسمع باعيننا). في زيارة للعرض في دارة الفنون وبتأمل للمكان والمعروضات فيه، تعيش حالة بصرية وجدانية. حيث ترى مجموعة من الاعمال المشفرة التي تحتاج الى فك لترميزها. المبدع انك لن تستطيع الابحار في فك الشيفرة دون المرور بحاسة السمع حيث الموسيقى تتحول الى اداة بصرية تساعدك على تأمل العمل ومن ثم تأويله. هذا التأويل الذي يعيشه كل انسان ضمن منظومته النفسية الخاصة. قال ابن الأثير: “الإحساس العلم بالحواس، وهي مشاعر الإنسان، كالعين، والأذن، والأنف، واللسان، واليد، وحواس الإنسان: المشاعر الخمسة، وهي: الطعم، والشم، والبصر، والسمع، واللمس”.
الإحساس إن كان للحس الظاهر فهو المشاهدات، وإن كان للحس الباطن، فهو الوجدانيَّات. حيث اننا نجد أنَّ القُوى الجسمانيَّة آلاتٌ للإحساس، وإدراك الجزئيات والمدرك هو للنفس.وحاسة السمع لها أهمية كبيرة؛ لأنَّها تتلقى المعلومات بجزئياتِها المتغيرة؛ لذا عُبر عن الأذن بالإفهام، وعن فعل السماع بالسمع والطاعة.العين هي الباصرة،وتُطلق على الحدقة،وهي عبارةعن مجموع طبقات تسع،محيط بعضها ببعض،ويغطي الحدقة الجفن،وقد تُطلق العين علىمجموع الغلاف ومافيه، كما يراد بها حقيقة الشيءالمدركة بالعيان،أومايقوم مقام العيان .البصر، ويرادفه النَّظر، والرُّؤية،والمشاهدة، والملاحظة، والاطِّلاع، فالبصرهوإدراك العين،ويطلق على القوة الباصرة إدراك أشباح الصور،بانعكاس الضوء فيها؛ إذالبصرهوحاسةالرُّؤية. هذه حقائق علمية تتوقف عندها مع وصولك للفضاء الذي يحتضن العرض. وبثقافتك البصرية وانطلاق فكرك البصري تجد نفسك محلقا في اجواء خاصة ما بين التقنية والخامة والموضوع، السمعي بصري .
استمعت لما تحدث به المهندس عمار خماش حول علاقة الصوت بالصورة ومن اتى قبل الآخر واهميتهما للانسان، والعمل بالفن من اجل الانسان لا من اجل الفن، والخامات والعلاقات الانسانية والمكان، وتركيز الضوء على الانسان الاول وعلى رسومه في الكهوف. جاءت كلماته تأكيد على ان الإنسان يميل بفطرته إلى البساطة وعدم التعقيد فقد أدرك أن هبة البصر من بين الحواس التي انعم الله عليه بها هي لادراك الكون من خلالها، أبسطها إستعمالاً وأكثرها فاعلية وقدرة على التواصل وبإدراكة لهتين لحقيقتين, إكتشف الإنسان البدائي معادلتة للتواصل في توظيف عناصر الطبيعة ونقل الخبرة البصرية من خلال المادة الفنية لتحقيق التواصل.
الوسائط البصرية المتعددة التي استخدمها الفنان الموسقي يوسف قعوار اكدت ان الفنون عبارة عن عملية تجميعية توظيفية للعناصر الأساسية للفن البصري ضمن قواعد وأسس فنية تؤدي الى عملية خلقية إبداعية , بمعنى أن الفنان عند العمل على مشروع فني فهو ببساطة يستخدم عناصر فنية معينة تستند الى قواعد فنية جميعها طبيعية للخروج بتكوين جديد يؤدي غرضاً معيناً للخروج بعمل جديد يؤدي وظيفة معينة.
ان كل خبراتنا ونتاجاتنا الفنية إنما هي محاولة لإعادة ترتيب عناصر موجودة بيننا للخروج بعمل فني جديد. و اللغة البصرية تمكننا من قراءة الأعمال الفنية للفنان الموسيقي يوسف قعوار كمشاهدين او مستخدمين, وتمكننا من إلتواصل مع الأفكار والأحاسيس في العمل الفني البصري, لهذا لابد لنا من الإلمام باللغة البصرية لكي لا يصبح اعمال يوسف قعوار وغيره عبارة عن نتاج مبهم وإنتاجه يكون ضياعاً للجهد والوقت معاً. واللغة البصرية كوسيلة إتصال تتضمن مفرداتها وقواعدها.
واعمال الفنان الموسيقي يوسف قعوار تكاد ان تكون تجربة اضافية لما قدمه الفنانان كريس ويفر وفاري برادلي معرض فن الصوت في دبي «أنظمة لمقطوعة»، الذي يستعرضان من خلاله اللغة البصرية وعلاقتها بالصوت من خلال التركيب والنحت والعمل التعاوني المشترك في المكان نفسه. مقدرة الصوت على تحقيق التواصل بين الحالة الواقعية والتخيلية، من خلال تكرار الأصوات بأشكال مختلفة تراوح بين المادية والاجتماعية (مثل المنحوتات، واستديو التسجيل). وامكانية استخدام الصوت كأداة لفظية وجهاز لإعادة صياغة الصور والمنحوتات والفيديو بطريقة مبتكرة. ويُعد الصوت الميزة المحددة للعديد من الأعمال التي قدمها يوسف قعوار، و تشكل اعماله مفهوماً أو تجربة سمعية تخيلية في ذهن المتلقي. بحيث يمكن للأعمال الفنية الصوتية تحقيق مجموعة غير مسبوقة من الطبقات، ويظهر تخيل الشكل في كل مكان، وبما أن فن الصوت لايزال جديداً إلى حد ما، تعتبر هذه المرحلة بمثابة إعادة تعريف لهذا المفهوم.