يصعبُ على اي مؤرخ ان يضع خطوط عريضة عن الفن التشكيلي في حلب دون الاشارة الى الفنان نزار حطاب. وكيف يشرح المؤرخ عن فصول الحداثة والتطور التشكيلي في مدينة الشهباء ان لم يقف عند مراحل الفنان حطاب. لقد ابتعد عن الطبيعة ليجعل من لوحاته عملية تحليل اجتماعي, كي يجعل من تصميماته عمليات التحليل الفكري ويتبعها بطابع الاحساس الملتزم, واقعي في المشاعر الروحية, يُنضج لوحات بالوان فوبية, ويكسيها بإحساس تعبيري, ويقدمها بإطار الرمزية.. له حوار ذاتي بين الوجوه وبين الفكرة. بين الظاهر وبين الداخل. حوار يحمل مظاهر الاسى ولم يجد جواب مريح. فيعود ليُعلل نفسه في أمال بعيدة المدى. صوت الكمنجة لا يصل لكل من يرغب, لأنه يعرف ان صوت الطبول لاتسمح بأن تتمتع الارواح بصوت البلابل.
الفنان نزار لم يخشى صعوبات المجهول, ولم يخشى اي عائق في اختيار انواع الحداثة, ولهذا لكل لوحة من منجزات الفنان تحكي عن قصة مختلفة, والبعض منها تُعبر عن مسرحيات فيها من الفرح والامل, واخرى فيها من المأساة والالم, . لوحات لم تفقد ملامح التحكم على الهيكل والمضمون. ايضا لم تنسى منجزاته حوادث الالم المجاور, ومشاعر المظاهرة في وجه الظلم. الوانه الحكيمة فيها كثير من العدالة الفكرية, وتحكي عن جروح دون تطبيب.
الاشارة الى الفنان الحطاب واجب وليس مجاملة, لايمكن للباحث ان يكون متغاضيا عن كبار الفنانين ومن ثمارهم تتغذى ابصار المهتمين والمعجبين. ليست كل الفصول في السوية, لكن كل السنين لها ربيع. ومن ازهار الفن التشكيلي في حلب هذه ثمار الفنان نزار حطاب.
عبد القادر الخليل
فنان وباحث تشكيلي
بلباو- اسبانيا. 31/3/2017