- إقتناص الدهشة
- د. راشد بن حمد الشرقي*
ظلّ هاجس الإنسان منذ القدم تخليد ذلك التقاطع الخلّاق بين الزمان والمكان، ولهذا أنجز أعمالاً كثيرة حتى تكون شاهدةً على حضوره، فقد نحت التماثيل، وبنى القلاع، وشيَّد القصور، وحفر الأرض، وجوَّب الصخور، ورسم على جدران الكهوف، وفي مراحل لاحقة تطورت تخطيطاته وألوانه، فرسم الأيقونات للراحلين على قبورهم، وخلّد العظام من قادته وملوكه بالنحت والرسم أيضاً، وظلّ كذلك يبحث عن حفظ تلك اللحظات التي لا تنسى في حياته، أو التي تستحق أن تبقى بعده، حتّى تمّ اكتشاف التصوير الضوئي في وقت متأخر، وعندها عرف كيف يقتنص الدّهشة، ويحتفظ بتلك اللحظات لكي تبقى ذكرى له ولغيره.
واليوم أصبح التصوير الضوئي فنّاً قائماً بذاته، له مبدعوه ونقادّه ومجلاته ومهرجاناته، وتطوّرت حتّى أدوات التصوير ضمن السياق العام لتطور التكنولوجيا، وأصبح الناس يرون أيضاً تشكيلات لونيّة لم يسبق أن رأوها من قبل، وفي هذا السياق وجدنا في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام أنّ مثل هذا الفن المعبّر للصورة قادر على اكتشاف مواطن الجمال في بلدنا، وفي توثيق التراث قبل اندثاره، وفي رصد معالم جغرافيّة بصور شائقة للمشاهد، فضلاً عن الاشتغال على التنوّع الغني لحركة الناس في حياتهم اليوميّة، ولهذا أطلقنا مسابقة الفجيرة للتصوير الضوئي ضمن محاور معينة لكلّ دورة، كما توسعت لتشمل البعد العربي، وهي في النهاية مفتوحة لكلّ الجنسيّات المقيمة بيننا، التي تجد في الموضوعات المطروحة في كل دورة حافزاً لإبداعها في التصوير.
إنّ ما يسبّب الغبطة للنفس أنّ إمارتنا الفجيرة تتميّز بالتنوّع المذهل في جغرافيتها، فهي تعانق البحر من جهة، وتستند إلى سلسلة منيعة من الجبال من الجهة الأخرى، فضلاً عن السهول والكثبان الرملية والواحات، وبالتالي سيجد من يرغب بالتصوير فيها الكثير ممّا يمكن أن يعطي لقطته رونقاً خاصّاً وبعدا متميّزاً.* رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام