غلاف مجلة أوتدور فوتوغرافر..القبيح
علاقتي مع مجلة اوت دور فوتوغرافر Outdoor Photographer تعود الى عدة سنوات، ربما العام ٢٠٠٢م، حينها تعرفت على عدد من “ابطالي“ في تصوير اللاندسكيب. عرفت ان هناك من يصور بكاميرات القطع الكبير التي يصل حجم فيلمها الى ٢٠ سم X ٢٥ سم، بل وأكبر من ذلك. و أدين لها بالفضل ان قرأت مقالات ولقاءات وإجابات لبعض المصورين المهمين امثال ( فرانس لانتينق، كلايد بوتشر، ستيف ماكوري، وغيرهم كثر ).
ومنذ ان سحرتني المجلة بصور الطبيعة والمقابلات والاختيارات أشتركت فيها من العام ٢٠٠٣م تقريبا وبقيت مشتركا وقارئا ومطلعا دائما سواء وانا في الدمام او في أمريكا. فأنا اذا اعتبر نفسي متابع جيد للمجلة التي كان يشدني فيها في المقام الاول أغلفتها التي عادة ما تنشر صورا ملتقطة بكاميرات فيلمية او من قبل مصورين مهمين حتى ولو كانوا يصورون بالديجيتال مؤخرا. المهم، ان صور الأغلفة عززت من فكر المجلة ورسالتها كمتخصصة في تصوير الطبيعة وتحديدا الصور التي تجسد فكر الممارسة الحقيقية لتصوير الطبيعة حيث انتظار الضوء المناسب واقتناص اللحظة المناسبة والتكوين الساحر. ايضا كان من اكثر اللحظات تشويقا بالنسبة لي ان افتح المجلة على الصفحة التي تخصص لشرح معدات صورة الغلاف وجملة او اثنتين من المصور عن لحظة الالتقاط.
ولكن المجلة في عددها لـ ديسمبر ٢٠١١م. نشرت صورة من اسوء صور الطبيعة واقبحها على الاطلاق. انها لا تصلح حتى ان يختارها موقع فليكر على صفحته الاولى. صورة الغلاف عبارة عن “سكراب رقمي“ فهي صورة نتاج عدد من الصور بتعريضات مختلفة جمعت عن طريق خاصية اتش دي ار High dynamic range المدى الديناميكي العالي، وهذه الخاصية مهمة ومفيدة للمصورين الرقميين ولكن نظرا لسوء استعمالها من قبل بعض المصورين وعدم فهمهم لاصول التعريض أصبحت أقبح تقنية رقمية متاحة ورخيصة. بل أنها تؤثر بوعي وبدون وعي على عين وفكر المصورين الهواة، ولا مجال هنا للحديث عن تقنية الدي اتش ار وتاريخها وتأصيلها ومفهوم الرؤية والصورة والضوء الملتمع. ولكن قبح صورة الغلاف هذه يكمن في وضوح تباينات الضوء الكبيرة بين مناطق الضوء والظلال، والتشبع الفج للالوان التي حولت الصورة الى صور من كارتونات الكوميك. ايضا ادى التعديل القاسي ولصق الصور بالتعريضات مختلفة متباينة بشكل كبير إلى احتراق الجزء العلوي من الشجرة في مقدمة الصورة وتباينه مع بقية الأجزاء، الفلتر البنفسجي المضاف الذي يغطي السماء يمكن ملاحظته بسهولة نتيجة عدم تحرير الصورة بشكل احترافي ثم أنه لا يمكن في مشهد طبيعي ما ان تجتمع تلك الحفلة من الالوان.
بالتأكيد ان المجلة مثلها مثل غيرها من المجلات تعاني من خسوف سوق المطبوعات وتقلص سوقها بالاضافة الى قلة عدد من يصور بكاميرات فيلمية، ولاني لا ادري ان كانت المجلة تدفع مبلغا مقابل صور الغلاف يجعلها تضطر الى شراء صور رخيصة! ولكن هذا لا يبرر لها ان تنحدر الى هذا المستوى الكسيف بتلك الصورة الفضيحة. فحتى في الزاوية التي خصصتها المجلة لشرح صورة الغلاف في ذات العدد تحدث محررو المجلة بخجل عن تقنية الدي اتش ار وانها قد تتجاوز الحدود في بعض الاحيان ثم حاولوا تبرير صورة غلافهم هذه بشكل خجول. الغريب انه لم يعلق على قبح الصورة في صفحة المجلة على الفيسبوك الا شخص قال متعجبا: “صورة دي اتش ار على الغلاف؟ حقا؟“، وكنت الوحيد الذي “ضغط” زر لايك على رأيه مع كمية جارفة من الردود التي تحتفل بالصورة بشكل مرعب، وهو ما قد يبرر للمجلة بأن زبائنها وقراءها لا يدركون العمل الفوتوغرافي الأصيل ولا يفهمون اصول الممارسة الفوتوغرافية وقوانينها وأدواتها.
ولكن المجلة – كما أحاول ان أطمئن نفسي– يبدو انها شعرت بذلك الخزي، فنشرت في العدد اللاحق، عدد يناير–فبراير صورة غلاف لاحد اهم مصوري الطبيعية وهو الامريكي جاك دايكنقا، الذي كان يعمل مصورا صحفيا وحاز على اهم جوائز الصحافة في امريكا(جائزة البوليتزر) ثم ترك الصحافة واتجه الى تصوير الطبيعة في مهمة فوتوغرافية بيئية. ودايكنقا يصور بكاميرات القطع الكبير (٨*١٠) وكان يسخر الى فترة قريبة من الكاميرات الرقمية ولكنه الان يصور بكاميرا نايكون رقمية بالاضافة الى الفلمية وربما ذلك يعود الى اسباب تسويقية. وهنا ايضا ليس مجال الحديث عن دايكنقا وصوره وعلاقتي به كمعجب.
وصورة دايكينقا المنشورة على الغلاف أعرف انها ملتقطة بكاميرا القطع الكبير وسبق للمجلة نشرتها في احد اعدادها قبل عدة سنوات في مقابلة صحفية معه.
ولعل نشر هذه الصورة لـ مصور كـ دايقنكا تكون خطوة تصحيح من المجلة لما قامت به، لتعيد الثقة بأنها ملتزمة ولو على الغلاف على اقل تقدير بأن لا تنشر الا صورا فوتوغرافية ملهمة على مستوى الموضوع والتكوين والاضاءة والادوات.