المعارض الفنية هي بمثابة الوعاء الثقافي والقلب النابض بالموروث الشعبي الفني وبالإبداع الفردي والأممي. ومعرض كولونيا للفن هو تجسيد للطاقات الفنية الشبابية بإخراجها إلى حيز الوجود في صورة تفاعلية أخاذة بين الإبداع والصورة. لوحات زاهية، أجنحة فسيحة، إضاءة جميلة، جمهور شغف ومحب للفن والفنانين، رسومات ولوحات جسدت الفكرة في ثوب الألوان، كل هذا ما يشعر به المرء عندما يطوف في ثنايا هذا المعرض، حيث يسافر في رحلة جميلة مع غذاء الروح، مع الفن واللوحة.

وانطلاقا من اهتمام ألمانيا بالحركة الثقافية والفنية يأتي افتتاح هذا المعرض في مدينة كولونيا. وقد رافق افتتاحه إقبال جماهيري كبير، بالإضافة إلى حركة نشطة في الإقبال على شراء اللوحات الفنية بأسعار مرتفعة. وفي معرض حديثه عن تطور سوق الفن في ألمانيا وحاجة ألمانيا إلى مزيد من الشباب للإقبال على الفن والرسم، قال جيرارد جودورو، مدير معرض كولونيا للفن: “يحتاج المرء إلى أجيال شابة تعمل بهذا المجال ونحن نرى إشارات إيجابية في هذا الصدد.” وأضاف بأن هذا النشاط من شأنه أن “يضمن استمرار العمل في الاتجاهات الفنية وأن يعوض ذلك النقص الذي قد يخلفه العديد من الفنانين والرسامين بتقاعدهم وتوقفهم عن الرسم.” وعلى الرغم من ذلك، تبقى اللوحات الفنية الكلاسيكية لفنانين كبار مثل بيكاسو وكليمنت وشاجال من أكثر المعروضات الفنية زيارة ومشاهدة.

أجنحة المعرض

المعرض فرصة لاكتشاف الطاقات والمواهب الفنية

يضم المعرض العديد من الأجنحة التي انضوت تحت عدد من المسميات. فعلى سبيل المثال، هناك جناح خاص يحمل اسم مواهب جديدة (New Talents)، همه استقطاب طاقات الفنانين الشباب. وهذا الجناح يلقى دعما من الحكومة الفيدرالية الى جانب بلدية مدينة كولونيا. وهناك جناح آخر يحمل اسم الكنوز الدفينة (Hidden Treasures)، حيث يتم فيه تقديم حوالي خمسة فنانين عالميين تزيد أعمارهم عن 40 عاما. وهناك جناح آخر يحمل اسم الفراغ المفتوح (Space Open) يقدم فيه العديد من الشباب أعمالهم من مختلف الاتجاهات الفنية، الأمر الذي يضفي على المعرض نوعا من الحيوية والشبابية.

موضة جديدة

معروضات من الورق المقوى

يرى مدير المعرض، جودورو، بأن هناك “توجها جديدا واهتماما خاصا بفن النحت في هذا المعرض.” كما أضاف ان توظيف الورق في التشكيل الفني له حضور مميز أيضا. وفي حديثه عن أهمية توظيف الورق قي الفن، قال جودورو: “الرسومات والمجسمات التي عبر عنها من خلال توظيف الورق كانت مثيرة للإعجاب والاهتمام. لقد أحسن الشباب توظيفها ، نظرا لانخفاض أسعارها وسهولة إمكانية الحصول عليها.”

وإن كان هذا المعرض يهدف إلى استكشاف الطاقات الشبابية الفنية واستقطابها، إلا أن هذا لا يمنع من وجود فنانين كبار شكلوا محطات رئيسة في الفن الأوروبي المعاصر مثل جينيس كاونليس. وفي ضوء مشاركته في هذا المعرض سيقدم كاونليس البالغ من العمر سبعين عاما لوحته الفنية الشهيرة “دون عنوان” بحلتها الجديدة.

تطلع إلى المستقبل

رغم أن معرض كولونيا يشكل نقطة مهمة للجمع بين الأصالة والمعاصرة، إلا أن عددا من النقاد يرون بأنه لم يستطع أن يصل إلى مرتبة المعارض الدولية الكبرى التي تجري على شاكلته في كل من لندن وباريس والولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال شاركت ثلاثة معارض أمريكية فقط في معرض كولونيا. وحسب القائمين على المعرض، فإن الحاجة ضرورية إلى الارتقاء بمستوى هذا المعرض والعمل على استقدام أكبر عدد من المشاركات الخارجية لكي تصبغ عليه نوعا من الجاذبية والعالمية.

يشار في هذا السياق الى مدينة كولونيا كانت قد استضافت قبل أربعة أعوام معرضا رديفا للمعرض الحالي، حمل اسم Art Fair. وفي هذا المعرض قدم الشباب معروضاتهم ولوحاتهم، كما تم تحديد الأسعار بحيث لا يزيد سعر اللوحة الواحدة عن 5000 يورو. وعن معرض Art Fair قال المستشار الفني له، بيتر لوديرماير “هذا المعرض شكل مختبر اكتشاف للمواهب” وان مثل هذا الأمر يجب أن ينسحب أيضا على معرض كولونيا للفن.