تمائيل وحلي ولوحات .. كنوز مصر الغارقة في برلين
من أبي الهول إلى كليوبترا … برلين تستضيف “كنوز مصر الغارقة”
تستضيف العاصمة الألمانية برلين معرضاً عن الآثار المصرية الغارقة، التي تعرض لأول مرة منذ انتشالها قبالة شواطئ مدينة الإسكندرية. المعرض، الذي افتتحه الرئيسان مبارك وكولر، يعكس اهتماماً غير مسبوق بالحضارة المصرية القديمة.
تم يوم أمس الخميس (11.05.06) في العاصمة الألمانية برلين افتتاح معرض “الآثار المصرية الغارقة” التي تم اكتشافها حديثا قبالة سواحل مدينة الإسكندرية. ويضم المعرض الذي افتتحه الرئيس المصري حسني مبارك برفقة نظيره الألماني هورست كولر في مبنى “مارتين غروبيوس” أكثر من 489 قطعة أثرية من بينها تماثيل ضخمة يصل ارتفاعها إلى عدة أمتار. وشارك في الاحتفال الذي افتتحه الرئيس الألماني بكلمة ترحيب بنظيره المصري عدد كبير من المسئولين الألمان والمصريين. يشار إلى أن هذا المعرض يعد الأول من نوعه في العالم بعد نجاح عالم الآثار ومدير المعهد الأوروبي للآثار ورئيس البعثة الفرنسية للآثار الغارقة فرانك غوديو في انتشال هذه المعروضات القيمة من مياه شواطئ الإسكندرية.
تماثيل ولوحات وحلي ورؤوس ملوك
وتعود مساعي فرانك غوديو، أشهر علماء الآثار البحرية في العالم، إلى التنقيب عن الآثار المصرية الغارقة قبالة سواحل الإسكندرية إلى عام 1992. ففي هذا العام، بدأ غوديو مع فريقه وبالتعاون مع الهيئة العليا للآثار المصرية بالتنقيب عن أسرار الآثار المصرية الغارقة. وبعد عمل استمر أربع سنوات وبالتحديد في عام 1996، استطاع عالم الآثار العثور على أعمدة ضخمة وألواح غرانيت وقطع نقود من بقايا ما يسمى بالمربعات الملكية في الإسكندرية. وفي عام 1997 استطاع غوديو التوصل إلى اكتشاف يثبت أن الإسكندر الأكبر مؤسس ” لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط” اتخذ من جزيرة “أنتيرودوس” مقرا له، وذلك قبل تأسيس مدينة الإسكندرية. وعثر العالم في هذا العام على تماثيل ضخمة من بينها تمثال الكاهن الحامل للمزهرية وتمثالين شبيهين لأبي الهول. وحسب المنظمين للمعرض، فإن المقتنيات تم انتشالها من آثار كليوبترا في منطقة قصور ومعابد الميناء الشرقي ومدينتي هيراكليوم ومينوتس الغارقتين في خليج أبو قير ومن بينها لوحة هيركليوم التي يبلغ ارتفاعها نحو مترين وكذلك مجموعة من التماثيل الضخمة التي تضم تمثالين لملكة وملك حضارة البطالمة وتمثال حابي إله النيل البالغ طوله ستة أمتار، بالإضافة إلى لوحة ضخمة تبلغ مساحتها ستة أمتار ومكتوبة بثلاث لغات هي الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية، ناهيك عن مجموعة من تماثيل أبي الهول ورؤوس ملوك وملكات البطالمة ومجموعة من الحلي والأواني البرونزية وجزء من ناووس معبد هرقل.
بعيدا عن الثقافة …
وبعيدا عن أروقة المعرض الذي يلقي نظرة عميقة على التاريخ المصري، جاءت زيارة الرئيس المصري حسني مبارك لألمانيا لتشير إلى أهمية الدور المصري في تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني والعلاقات الثنائية بين العالمين العربي والغربي. ففي اللقاء الذي جمع الرئيس مبارك بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في مكتب المستشارية الألمانية، تطرق المسئولان إلى عملية السلام في الشرق الأوسط بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة. وفي حين ركزت المستشارة الألمانية في مباحثاتها مع مبارك على ضرورة اعتراف “حماس” بالدولة العبرية كشرط لاستمرار تقديم المساعدات للفلسطينيين وبالتالي لاستئناف مباحثات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، أكد مبارك على ضرورة تحالف جميع القوى الإقليمية من أجل التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إضافة إلى ذلك، أعرب المسئولان عن رغبتهما في مواصلة تقديم الدعم السياسي للرئيس الفلسطيني محمود عباس. على الصعيد ذاته، أعلن مبارك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت سيجتمع معه بعد زيارة سيقوم بها الأخير إلى الولايات المتحدة لبحث آخر تطورات ملف عملية السلام في الشرق الأوسط مع المسئولين الأمريكيين. أما بخصوص الملف النووي الإيراني، فقد لاحظ المراقبون توافقا في الرأي بين المستشارة الألمانية والرئيس المصري، إذ أشار المسئولان إلى أن الجهود الدبلوماسية لفض النزاع بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة وإيران من جهة أخرى “لم تستنفد بعد.”
الزيارة الثانية خلال شهرين
وفي محاولة لمعرفة أسباب هذه الزيارة المفاجئة، استفسر أحد الصحفيين في المؤتمر الصحفي عن سر الزيارة الثانية التي يقوم بها الرئيس المصري لألمانيا خلال شهرين وخصوصا أنها تأتي في وقت شهد فيه النزاع النووي مع إيران وكذلك عملية السلام في الشرق الأوسط تطورا جديدا. وفي هذا الخصوص، أجابت المستشارة ميركل بالقول إن هذه الزيارة هي دليل على قوة ومتانة العلاقة بين بلادها ومصر، مشيرة إلى أهمية تبادل المعلومات مع القيادة المصرية عن آخر تطورات ملفات عالقة. أما مبارك فقد اعتبر الزيارة تلبية لدعوة الرئيس الألماني هورست كولر إلى المشاركة في افتتاح معرض “الآثار المصرية الغارقة،” عازيا سبب الزيارة إلى افتتاح المعرض. ونظرا إلى تسارع مجريات الأحداث في الشرق الأوسط، أضاف الرئيس المصري أن الزيارة تأتي أيضا لمناقشة آخر التطورات على صعيد عملية السلام في الشرق الأوسط والنزاع النووي مع إيران.
“لا لوقف المساعدات عن الفلسطينيين”
وسبق لقاء ميركل ـ مبارك لقاء آخر بين الرئيس المصري ونظيره الألماني هورست كولر تطرف فيه المسئولان إلى الملفات السياسية في الشرق الأوسط وإفريقيا وعملية برشلونة والإصلاح في المنطقة العربية. وحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، سليمان عواد، فإن مبارك أكد في اجتماع استمر ساعة على ضرورة مواصلة تقديم الدعم المالي للفلسطينيين، في خطوة لإعطاء الشعب الفلسطيني أملا في المستقبل. وقال المتحدث الرسمي إن مبارك أشار إلى أن تجميد المساعدات أو إيقافها سيؤثر سلبا على الفلسطينيين وبالتالي على عملية السلام. وفي اللقاء ذاته، قدم مبارك ضمانات لنظيره الألماني بأن بلاده لن تتخلى عن جهودها الرامية إلى إحلال السلام في المنطقة، مؤكدا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مدعو لزيارة القاهرة قريبا.