التصوير فن يعشق الحرية
التاريخ: أكتوبر ٠٦
في عالم التصوير الضوئي، كما في غيره من العوالم الأخرى، يحلو للكثيرين التنظير واحتكار الفكرة، ورسم الخطوط العريضة والدقيقة التي تحدّد مساراته وحدوده الجغرافية التي لا يجب تجاوزها، حسب آرائهم المحدودة! أقول “محدودة” هنا لا على التعيين، لأني واثقة أن كل فكرة تضيّق الخناق على فضاء التصوير الواسع الفسيح، هي فكرة مضادة للإبداع والعكس صحيح، فكل الأفكار التي تنطلق بالقريحة الفنية لعدسة الكاميرا، بعيداً عن الروتين البصري والقوالب التقليدية، تستحق الاحترام حتى لو كان هناك تباين في وجهات النظر.
التصوير فن يعشق الحرية ويهوى الانطلاق في زوايا الكون، بحثاً عن إثارة الدهشة وصناعة الإبهار والبحث عن مصادر لتغذية المخزون الجمالي في الذهن والمخيّلة.
التصوير عملية إبداعية، تتطوّر باستمرار في العدسات الذهنية لكل مصوّر مبدع ذي خيالٍ خلاّق ونفسٍ توّاقة للوصول إلى مساحاتٍ فنيةٍ عذراء لم تصل إليها أي مخيّلة قبله.
الانفتاح الفني طريقة تفكير صحية ونتائجها أكثر جمالاً وتنوعاً، واستمراريتها تملك فرصاً أكبر للبقاء وإثبات الوجود.
الانغلاق والمحدودية والتأطير المبالغ فيه، مذاهب موجودة في التصوير الضوئي ولها من يقف بجانبها ويدافع عنها ويسوق الحجج والمبررات لها، كالحفاظ على الأصالة وحماية الصورة من التزييف أو التشويه وغير ذلك.
لكن لاحظوا معي النتائج الفنية لأصحاب المدرستين، نجد أن ألبومات الصور لمدرسة الانفتاح مبهرة جذّابة متجددة ومتنوّعة في أفكارها ورؤاها، وحتى في المكوّنات اللونية والعناصر الفنية المختلفة، بينما ألبومات الصور لمدرسة الانغلاق مكرّرة فقيرة إبداعياً وفنياً، تنتهج منهجاً أحادياً يقتل متعة المشاهدة ويغتال فضاءات الابتكار.
المصور الحقيقي كي يحصل على استحقاقية فن التصوير ويستحضر الثقافة الأساسية التي ترتكز عليها أسس هذا الفن وأصوله، يجب أن يكون واسع الأفق والاطلاع ذا مقدرة عالية على الاستيعاب والتعلّم والملاحظة، ومناقشة أي فكرة جديدة، دون رفضٍ لأي صوت يحمل جديداً قبل أن يمنحه الفرصة الكاملة ليقول ما لديه بكل راحة وحرية.
لا يليق أبداً بمصور محترف أن يستعرض عضلاته الفنية مستبعداً حقلاً من حقول الصورة خارج دائرة الإبداع! فهذا يعتبر أن فن التصوير الحقيقي هو التصوير النهاري المعتمد بشكلٍ كبير على انعكاسات ضوء الشمس، أما التصوير الليلي فهو نوع من “الفلسفة التي لا قيمة لها”! وهذا آخر يخبر طفلاً موهوباً في تصوير الحشرات والكائنات بالغة الصغر، بأنه “مصور حشري” ليس إلا! أما المصورة الأخرى فكان اختراعها غاية في العبقرية، عندما اخترعت في أوج حماسها القاعدة التالية “من لا يستطيع الرسم فهو لا يستحق لقب مصور”!
أقولها للأصناف الثلاثة بأعلى صوت؛ لو كان للتصوير يدان لسحب منكم الكاميرات!
فلاش:
كلما كان الفضاء الفني لديك رحباً، كلما أبدعت أكثر..
الأمين العام المساعد للجائزة