علي بن تميم: العناوين الفائزة تميزت بمعالجة القضايا الملحة في وقتنا الراهن
زايد للكتاب تعلن أسماء الفائزين في الدورة الـ 11
الخميس 30 مارس 2017
أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب أمس، أسماء الفائزين في دورتها الحادية عشرة 2017- 2016. وفاز كل من الكاتب اللبناني عبّاس بيضون بجائزة «الآداب» عن روايته «خريف البراءة»، والمفكر السّوري محمد شحرور بجائزة «التنمية وبناء الدولة» عن كتابه «الإسلام والإنسان – من نتائج القراءة المعاصرة»، وفازت الكاتبة الكويتية لطيفة بطي بجائزة «أدب الأطفال والناشئة» عن كتابها «بلا قبعة»، وفاز الباحث والمترجم اللبناني زياد بوعقل بجائزة «الترجمة» عن كتاب «الضروري في أصول الفقه لابن رشد»، والذي نقله للفرنسية، وفاز الباحث العراقي سعيد الغانمي بجائزة «الفنون والدراسات النقدية» عن كتابه «فاعلية الخيال الأدبي»، كما فاز الألماني ديفيد فيرمر بجائزة «الثقافة العربية في اللغات الأخرى» عن كتابه «من فكر الطبيعة إلى طبيعة الفكر»، في حين فازت «مجموعة كلمات» من الإمــــــارات العربية المتحدة بجائزة «النشر والتقنيات الثقافية».
أبوظبي (الاتحاد)
علق الدكتور علي بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، بهذه المناسبة، قائلاً: «تميزت مواضيع النِّتاجات الإبداعية الفائزة للدورة الحالية بمعالجتها القضايا الملحة التي نعايشها في وقتنا الراهن، كالمواطنة والنص الديني والفلسفة العربية والتكنولوجيا والإرهاب، واستحق الفائزون الفوز عن جدارة لما لأعمالهم من أثر مهم في الارتقاء بالثقافة والحياة الاجتماعية العربية». وأضاف: «كما تتقدم الجائزة والهيئة العلمية ومجلس الأمناء بالشكر لكل من تقدّم للمشاركة في دورتها الحالية، وتتمنى من المرشحين الذين لم يتسن لهم الفوز بالترشح مرة أخرى في الدورات المقبلة».
مسوغات الفوز
وفي ما يتعلق بمسوغات الفوز، جاء في بيان الجائزة أن رواية «خريف البراءة» تعالج موضوعة الإرهاب على نحو متميز، قائلاً: «بالنسبة لجائزة الشيخ زايد للآداب والتي فاز بها اللبناني عبّاس بيضون، عن رواية «خريف البراءة» الصادرة عن دار السّاقي، 2016، فإن الرواية تتناول موضوعة الإرهاب على نحو متميز، فقد جعلت موضوعها الاختلاف بين أب إرهابي يتسلط على إحدى القرى ويفتك بأهلها وبين ابن متسامح يطمع أن يعيش الحب وأن يستمتع بالحياة، ويتحول الاختلاف بينهما إلى خلاف يصل حد القتل».
وأضاف البيان: «الرواية تنطوي على إمكانات سردية متميزة؛ كالانتقال بين الضمائر في السرد، إضافة إلى البناء الرمزي للعمل، حيث ترمز القرية إلى معظم البلدان العربية.. كما تأتي لعبة الأسماء الرمزية في الرواية تأكيداً على هذا البناء. فالرواية تبين الصراع بين من يدافع عن الحرية والحب ومن يدافع عن التسلط والإرهاب».
أما بالنسبة إلى جائزة الشيخ زايد للتنمية وبناء الدولة التي فاز بها د. محمد شحرور عن كتابه «الإسلام والإنسان – من نتائج القراءة المعاصرة» والصادر عن دار الساقي، 2016: فالكتاب يتناول الأسس الثابتة للإسلام كالإيمان والمواطنة والولاء. ويعتمد شحرور في كتابه، الذي يعدّ تطويراً لمشروعه الفكري، قاعدة الترتيل منهجية له. والمقصود بالترتيل هو نظم الموضوعات الواحدة الواردة في آيات مختلفة في نسق واحد. ويمثل الكتاب لوناً من إعادة اكتشاف النصوص في ضوء مفاهيم جديدة كالحرية والمواطنة والإيمان والإسلام، بعيداً عن مفهوم الصراع والاختلافات التي قادت إلى تصورات مشوهة عن الإسلام.
ومنحت جائزة الشيخ زايد لأدب الطفل والناشئة للكاتبة لطيفة بُطي، عن كتاب «بلا قبعة» من إصدارات سيدان ميديا، 2015، نظراً لما يتمتع به الكتاب من خيال واسع ولغة رشيقة مشوقة تحفز على الإبداع والتفكير، وتدعو إلى تقبل الاختلاف وعدم قبول الأفكار الجاهزة والنمطية دون إعمال الفكر فيها، كما يحفّز الكتاب الأطفال على التواصل مع جمال الطبيعة وسحرها.
وبالنسبة إلى جائزة الشيخ زايد للترجمة التي فاز بها زياد بوعقل، عن ترجمته «الضروري في أصول الفقه لابن رشد» من منشورات دي غرويتر، 2015، فقد ترجم زياد بوعقل كتاب ابن رشد إلى الفرنسية تحت عنوان: «ابن رشد: الفلسفة والشرع»، ويفيد هذا العنوان الجديد أن المترجم حرص على أن يكتسب الكتاب مقروئيته التي تراعي الفرنسية الحديثة. وقد بذل زياد بوعقل مجهوداً واضحاً في تقريب كتاب عن علم أصول الفقه الإسلامي إلى قارئه الفرنسي، حيث خصّ تعابير ومصطلحات قرآنية وفقهية وفلسفية بمقابِلات لها في الفرنسية. ولا شكّ أن إدراك هذه الغاية أضاف إلى قيمة الكتاب المعرفية قيمة تواصلية هدفها الانفتاح على الآخر في لغة زمننا. ولهذا فإن الكتاب يساهم في التعريف بالمتن الرشدي لدى الباحثين بالفرنسية في الفلسفة العربية ويشجع على استيعابها والحوار معها.
وفاز بجائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية الباحث العراقي سعيد الغانمي، عن كتابه «فاعلية الخيال الأدبي»، من منشورات الجمل، 2015، نظراً لأن الدراسة تعالج موضوعاً نقدياً دقيقاً هو دراسة نصوص الأساطير والفلسفة والتاريخ القديم في بلاد الرافدين ومحاولة البحث عن البلاغة المعرفية التي توجد في تلك النصوص، كما أن موضوع الكتاب يقع بين تخصصات مختلفة فلسفية وأسطورية وأثرية وتاريخية قديمة، وقد استعانت الدراسة بمرجعيات متعددة، ووظفت مجموعة كبيرة من المصطلحات والمناهج النقدية الحديثة على نحو منهجي سليم.
أما جائزة الثقافة العربية في اللغات الأخرى، فذهبت للباحث الألماني دافيد فيرمير، عن كتابه «من فكر الطبيعة إلى طبيعة الفكر» من إصدارات دي غرويتر – برلين، 2014، نظراً لأن الدراسة الفلسفية التي يقدمها لفكر ابن باجة، تبرز بصورة تكاد تكون غير مسبوقة فرادة هذا الفيلسوف الأندلسي ودوره في تعريف الثقافة الغربية والعالمية بفلسفة أرسطو لدى انبعاث الاهتمام بفكر المعلّم الأوّل اعتباراً من القرن الثالث عشر الميلادي. ذلك أنّ ابن باجة قد سبق ابن رشد ومارس تأثيراً كبيراً على من لحقه من الفلاسفة، بيد أنه ظلّ، في الغرب بخاصة، قابعاً في ظلّ وريثه العظيم. وإلى ما قام به من تحليل متعمّق لفكر ابن باجة على امتداد مئات الصفحات، قام فيرمير داخل كتابه هذا بوضع ترجمة إلى الألمانية لنصّ ابن باجة «كتاب النّفس» الذي يبرز فيه ارتباطه بالفكر الأرسطيّ من حيث جوانبه النفسيّة وسعيه إلى إرفادها بفكره الخاصّ. هكذا جمع فيرمير جهد الباحث والمفكّر ومؤرّخ الفلسفة إلى جهد المحقّق والمترجم.
جائزة للنشر الإماراتي
وفي فرع النشر والتقنيات الثقافية، فازت بالجائزة «مجموعة كلمات» التي أسستها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، وهي دار النشر الأولى في الإمارات العربية المتحدة المتخصصة بنشر وتوزيع كتب قيّمة للأطفال باللغة العربية وإنتاجها وفق المعايير العالمية. أصدرت «كلمات» عشرات الأعمال المميزة، شملت كتباً مصورة وكتباً للأطفال الرضع، إضافة إلى كتب ذات أفكار حيوية وأخرى تتضمن بعض الأساطير التراثية القديمة. تتميز «كلمات» بتصاميمها الخلاقة ورسوماتها اللافتة للأنظار والمضمون الهادف والمبتكر في الكتب الصادرة عنها. وهي تصدر عن مشروع معرفي يهدف إلى تشييد أفق حضاري متفتح ومستنير، بعيداً عن التعصب وأحادية المنظور.
وقد أعلن مجلس أمناء الجائزة في بيان سابق عن حجب الجائزة في فرع «المؤلف الشاب»، لأن الأعمال المشاركة لم تحقق المعايير العلمية والأدبية، ولم تستوف الشروط العامة للجائزة.
يذكر أن شخصية العام الثقافية سيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة. وسيقام حفل تكريم الفائزين في 30 أبريل 2017 خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب، حيث يمنح الفائز بلقب «شخصية العام الثقافية» «ميدالية ذهبية» تحمل شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب وشهادة تقدير، إضافة إلى مبلغ مالي بقيمة مليون درهم. في حين يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على «ميدالية ذهبية» و«شهادة تقدير»، إضافة إلى جائزة مالية بقيمة 750 ألف درهم إماراتي.
بدور القاسمي: فوز «كلمات» علامة فارقة
إبراهيم الملا (الشارقة)
قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات: «يعد فوز مجموعة كلمات بجائزة الشيخ زايد للكتاب، علامة فارقة في مسيرة المجموعة، إذ تعد الجائزة شهادة تميز وريادة، يتنافس عليها سنوياً كبار صُناع الأدب والكتاب في العالم العربي، وتسعى الكثير من المشاريع الثقافية والمعرفية لتكون في قائمتها القصيرة، لما لها من ثقل وحضور في المشهد الثقافي العربي والعالمي مشيرة إلى أن حصول المجموعة على الجائزة يؤكد المسيرة التي تمضي فيها، ويدفع بها نحو المزيد من العمل والجهد لتكون على قدر المسؤولية والأمل الموضوع فيها».
واعتبرت سموها أن فوز «كلمات» بالجائزة يزيد من إصرارها على تحقيق رؤاها، وأهدافها، وقالت: «وضعت مجموعة كلمات منذ اللحظة التي انطلقت فيها، جملة من الأهداف، فظلت حريصة على إثراء المحتوى الإماراتي والعربي بمؤلفات إبداعية تحقق النهوض المعرفي والثقافي للتجربة الإماراتية، ومواكبة التقنيات العصرية في هذا الصدد، واختارت المجموعة مقابل ذلك أن توسّع مساحة الحوار الثقافي بين العالم العربي ومختلف ثقافات العالم، فشكلت بذلك تجربة لافتة لحركة الإبداع العربي، وفتح قنوات التواصل مع كبار دور النشر العالمية، وتبادل تجاربهم على المستويات كافة».