فواز الساجر.. رحلة إبداع.. وذكرى مبدع
الأحد 25 أيار 2008
“إن عصرنا هذا هو عصر الضيق, أكلنا ضيق, شرابنا ضيق, زيُّناً ضيق, مسكننا ضيق, مرتبنا ضيق, تفكيرنا ضيق, قبرنا ضيق, مطمعنا ضيق, أفقنا ضيق, عدلنا ضيق, عالمنا ضيق, مصيرنا ضيق, موتنا ضيق, قبرنا ضيق, الضيق, الضيق! افتحوا الأبواب والنوافذ.. سيقتلنا الضيق!
افتحوا الأرض والسماء .. سيقتلنا الضيق!
افتحوا الكون .. سيقتلنا الضيق!
الضيق.. الضيق”.
-“قصاصة عثر عليها بين أوراق المخرج الراحل فواز الساجر”
عدة أيام من الانغماس بين أوراق سيرته تجعلك تبحر بعيد في عالم المسرح الذي تبين لك انك لم تكن تعرف شيءً عنه سوا اسمه.
– وعدكم eAleppo بتقديم سيرة الراحل الكبير ومشاركة من eAleppo بتخليد ذكرى رحيله العشرين نقدم شيءً من سيرة المبدع, الراحل الكبير فواز الساجر.
ولد فواز الساجر في أحدى قرى منبج ناحية أبو قلقل عام(1948).
حصل على الشهادة الثانوية (الفرع الأدبي بتفوق عام 1965) من محافظة الرقة بمجموع قدره (49) من(50), ولابد من الإشارة إلى اندفاعه الكبير إلى القراءة والمطالعة وهو شابا فقد كان من الرواد الدائمين وبشكل مستمر إلى المركز الثقافي العربي في منبج .
أوفدته وزارة الثقافة لدراسة الإخراج المسرحي في موسكو عام (1966) حيث كان أستاذه الفنان « يوري زافانسكي» تلميذ ستانسلافسكي وهو مدرسة مسرحية عالمية ومن أهم وجوه المسرح السوفيتي.
تخرج من معهد ” غيتس ” المعهد الحكومي للفنون المسرحية(كلية الإخراج)عام(1972), وفي العام (1975) عمل مع المسرح الجامعي في دمشق وقدم ثلاثية بعنوان: «أن نكون أو لا نكون» على نصوص لأوزوالددراكون وممدوح عدوان ورياض عصمت شارك في هذا العرض باسم سوريا في مهرجان دمشق السادس للفنون المسرحية.
وفي أحد الحوارات التي أجريت معه على هامش هذا المهرجان تحدث الساجر عن المسرح قائلاً: ” أنا أفهم المسرح كمسرح يغير ولا يتغير .. أنا ارفض المسرح الذي يقدم قيما أخلاقية ثابتة من منظور تبريدي .. المسرح المطلوب في وطننا هو المسرح الذي يؤكد قيما اجتماعية وأفكارا جديدة تدفع بوعي الناس إلى الأمام.. ”
وفي عام (1977) أسس مع سعد الله ونوس المسرح التجريبي وقدم: « يوميات مجنون» عن نص نيكولاي غوغول, وعن تلك المرحلة تحدث الراحل “سعد الله ونوس” قائلاً: ” جلست وفواز في أحد المطاعم القريبة من المسرح والآن !! قالهـا وهو يغص بالبكـاء أجبت: ألن نعمل في التجريب ! المسـرح مازال فكرة في أذهاننـا والجميع ينتظرون الكيفية التي سنحقق بها فكرتنا.
– ومن يضمن أن عرضنا القادم لن يطوى
– لا أحد
– وإذن
– لا شيء.. قدرنا أن نعمل بلا ضمانات..
بعد قليل كفكف دمعته وانغمسنا في حلم جديد “.
وفي حوار معه عن المسرح التجريبي قال الساجر: ” منذ بداية نشاطي المسرحي، رغم قصر التجربة كان هاجسي الأساسي هو الوصول إلى المتفرج مستفيدا من طبيعة تكوينه وخصوصيته الشرقية ولذلك بدأت اختبر معلوماتي وقناعاتي المسرحية , وقد اضطررت للتخلي عن الكثير من هذه القناعات بسبب بعدها عن متفرجنا رغم أكاديميتها وثبات صحتها “.
في عام (1978) أوفد إلى اليابان لمدة ستة أشهر للإطلاع على المسرح الياباني وأنجز عرض1 «توراندوت».
ساهم فواز الساجر في تأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا وعمل مدرساً فيه.
وفي عام (1979) عاد إلى المسرح التجريبي وقدم مسرحية «رحلة حنظله من الغفلة إلى اليقظة» من اقتباس سعد الله ونوس, وقد عرضت هذه المسرحية في الكويت وألمانيا.
وفي العام (1980) قدم (ثلاث حكايات) عن ثلاثية الكاتب أوزوالددراكون وهي:
” ضربة شمس- حكاية صديقنا بانشو- والرجل الذي صار كلباً”، عرضت في تونس وفي العام (1981) قدم عرض التخرج لطلبة الدفعة الأولى من قسم التمثيل وهو (سهرة مع أبي خليل القباني) لسعد الله ونوس.”.
وسافر من جديد
فواز الساجر في اليابان. |
إلى موسكو لدراسة الدكتوراه عام (1982) وعاد بها عام (1986) وأصبح في العام (1987) مدرساً لمادة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية وقدم في العام (1988) مسرحية (سكان الكهف) للمسرح القومي عن مسرحية ويليام سارويان
رحل الساجر إلى جوار ربه في 16 أيار لعام 1988 تاركا إرثاً مسرحياً عميقاً في صدقه وتجربته وحبه وعشقه لخشبة المسرح مخلفاً من طلابه عمالقة في الفن التلفزيوني والمسرحي ونذكر منهم (أيمن زيدان, وغسان مسعود, وآخرون…)
فواز الساجر مبدعاً كبيراً رحل سريعاً, وسريعاً جداً.. إنه الساجر من عشق المسرح وعمل جاهداً أن يقدم مسرحا للجماهير, حالماً أن يصل المسرح إلى داخل كل إنسان.
•شهادات في الساجر:
ولتكن البداية من رفيق دربه الرحل الكبير “سعد الله ونوس” وفي الذكرى الثامنة لرحيله، وضمن الندوة التي أقامها المعهد العالي للعلوم المسرحية حول مسرح الساجر, حيث شارك فيها سعد الله ونوس رغم مرضه وتحدث مطولاً عن ذكرياته المسرحية مع فواز الساجر , وقد قال في كلمته الارتجالية: “هذه المناسبة ليست جميلة على قلوبنا, كنا نتمنى أن تكون مختلفة، سنوات مرت على وفاة فواز وخلالها كنت أتساءل من منا يسبق الآخر, أهذا الذي رحل وتركنا ننتظر, أم هذا الذي يجلس خلف النافذة ينتظر موته ويرقب انهيارات العالم الكبرى “.
وعن تجربتهما المشتركة قال: “سخر مني قليلاً وقال فواز: “إن الأمور مترابطة وأنك لكي تستمتع بحواسك يجب أن تنمي مناخاً يسمح للفعل أن يستمتع والعاطفة والحيوية والإنسانية أن تستمتع بكليتها”
قال عنه الفنان أيمن زيدان: ” فواز لم يمت ولم ينته, بدأ العمل معنا بحماس واندفع حين كنا (26) طالبـاً، كان همه الأساسي أن تنصهر الذات على بوتقة الجماعة، وأن تتحول الأنا إلى النحن في هـذا الزمن المسرحي الصعب ،
ثلاثية أن نكون لا نكون |
علمنا كيف نقرأ الحياة قراءة إبداعية.
وقد كتب لي رسالة يوم سافر إلى موسكو قال فيها ” طوبى لمن ربح نفسه وخسر العالم ”
علمنا هناك العتمة تكمن الحقيقة.. هكذا كان فواز”
اما الفنان غسان مسعود فقال فيه”: رفض فواز “الدوغما ” فالفكر ليس قمقما” وهذا السبب في أن فواز أعاد نظرتة في الحياة والإنسان00″
عندما تبدأ البحث عن فواز الساجر ورحلته وتجربته وعمله ومارفد به خشبة المسرح السوري والعربي تنهمك في البحث عن سبيل للبداية وتعجز عن إيجاد كلمات للختام والنهاية، هذا هو الساجر ….
((ختاماً ننوه بأننا حصلنا على معلوماتنا من الحوارات الصحفية والمقالات التي كتبت عن الساجر في حياتـه وبعد رحيله ومن الفيلم الوثاقي الذي عرض في ذكرى رحيله …))