مقالة اليوم عن معرض الشريان – بقلم الأستاذة : نادية عبد الحليم – جريدة المصرى اليوم
“الشريان”
نجحت أعمال الفنان أيمن لطفى أن تأخذ التصويرالفوتوغرافى إلى القاعات الفنيةالمصرية ،لتحتل الفوتوغرافيا التشكيلية لأول مرة المكانة التى تليق بها فى معارض الفن جنبا إلى جنب الرسم والنحت، ثم انطلق إلى العالمية ليحصل على مجموعة من أهم الجوائز الدولية فى هذا المجال، ومنها جائزة الماستر فى بينالى الصين الدولى للتصوير الفوتوغرافى المعاصر، والنجمة الذهبية من الجمعية الأمريكية ، كما أصبح حكما فى العديد من مهرجانات الفوتوغرافيا الشهيرة ،وفى معرضفني جديد تحت عنوان “الشريان”، يقدم لنا الفنان مجموعة جدبدة من إبداعاته التى تحمل حكابات و أفكار ورؤى مفعمة بالمعانى الإنسانية العميقة.
لكن لماذا هذا الاسم ؟…”الشريان” الذى أثار دهشة البعض! لأننا كما يقول لطفى “كلنا نحتاج الى الشريان الذى يضخ إلينا الدم لذى نعيش به..أوالحياة نفسها ، وسط كل ما يحيط بنا فى العالم من أحداث سياسية واجتماعية ،لكن أحوال هذا الشريان ليست دائمة ،فقد يتوقف عن ضخ الدم به ،كما قد يتعرض لجلطة وصولا إلى تعرضه للتمزق ، ورغم كل هذا يتحدى الإنسان الظروف المحيطة به ويقرر أن يعيش”
وبرغم الحضور القوى للمرأة الذى يلحظه المتلقى فى أعماله، إلا أنه ينفى وجود المراة فى المعرض من الأساس قائلا “لا أرى وجودا للمرأة فى المعرض !”ويفسر ذلك ” ليس للمعرض أى علاقة بها أو بقضاياها ، فما نراهمن وجه أو جسد إمرأة إنما يمثل رمزا للأرض والوطن ،والحالة أوالإنسانيات البشرية التى توجد فى الحياة، إذن فالعنصر النسائى غير موجود أو مستهدف فى حد ذاته ، إلا أن المرأة الموديل هى الأكثر قدرة على التعايش والإحساس والتعبير عن المشاعر و الأفكار،الأمر الذى يسمح لها أن تكون بمثابة المرآة التى نرى أنفسنا فيها بصرف النظر عما إذا كان المتلقى هنا رجلاأو إمرأة كما لوكانت هى الراوى لحكاياتى وأفكارى ،فالقضية إذن تخص الحياة والإنسانية بشكل عام ”
يستخدم الفنان تكنيكا فنيا حديثا يما يواكب أحدث الأساليب فى مجال الفوتوغرافيا لكنه صعبا للغاية ،حتى أن الإعداد للمعرض استغرقمنه3 سنوات كاملة، حيث اشتغل على الإسكتشات، التى تحولت الى إكسسوارات ، ومنها إلى story board أو مايعرف بالتجهيز للتصوير ، وبعد التصويرأضاف الفنان الكثير من المؤثرات إلى الصور نفسها ، ونلاحظ أن ترتيب تعليق الصور فى المعرض تم بعناية شديدة ووفقا لفكر محدد يتناغم مع الحكاية، أو المفهوم الذى يتناوله ،بما يساعد على توصيل أفكاره ، مثل البدء بلوحة يعلو وجه الموديل فيها القناع الحديدى، فى رمز إلى الرغبة فى الاحتماء خلفه، ثم نجد يعد ذلك مجموعة من الصور التى تتضمن الأداة التى يتم تصويب الأسهم تجاهها، وتعكس حالة من الخطر الذى يتم مواجهته يالإصرار،ثم المرحلة الثاثة وقد تركت فيها الموديل كل وسائل الحماية ،و تقوم بالتعامل مع الشريان ويرمز إليه الخيط الأحمر الذى تلفه حول يديها وحول اصبعها ،دون أن يكون معها أى وسائل دفاع ، ثم المرحلة الأخيرة حيث تقطيع الشريان بأداة “المخرطة ” وبرغم ذلك هى قادرة على التعايش والبقاء فى تحد، وتنتقل الأعمال يسلاسة ونعومة ما بين التجريبية والمفاهيمية و السيريالية والتجريدية والأبيض والأسود ،.بحيث يتعرف الجمهور على أن الفوتوغرافيا ليست مجرد تسجيل لقطة أوموقف أومشهد،إنماهى تحمل كل هذه الأساليب السابقة كى تستطيع التعبير عن الحدوتة التى يحكيها المعرض، ويساعد على ذلك استخدامه غير المسبوق للإضاءة .
كما يواصل استخدامه للحروف والخط ،ليذكرنا بالحروف الهيروغليفية فى بداياته ، ومن ذلك لوحته المشهورة ــ عام ــ2010 “الصدأ “الحاصلة على الكثيرمن الجوائز، موضحا “هذه الكتابات مفاهيماتخدم مفهوم اللوحة ، كما أنها تضفى عليها الهوية المصرية “،وكما تعودنا منه فى معارضه يقدم لنا عملا من الفنون الأخرى،وفى هذا المعرض يقدم المجسم الذى يتخذ شكل المكعب الملون ذى التفاصيل الكثيرة بالأبيض والأسود فى غموض يتماهى مع اللغز الذى نعجز عن حله ،وهواستمرار تدفق الدم فى الشريان.
Nadia Abdelhalim