أضواء تاريخيّة على فنون التّصوير الفوتوغرافي
تعود بدايات إستعمالات أبسط أنواع آلات التّصوير الفوتوغرافي إلى العام 1038 للميلاد, حيث إستخدم العلاّمة العربي إبن الهيثم, أوّل آلة مبسّطة للتّصوير الفوتوغرافي, ذكرها في مؤلّفاته, وكان الفنّانون في عهد النّهضة يستعملونها لمساعدتهم على الرّسم… تلك الآلة كانت عبارة عن صندوق مُعتم ومن أحد جوانبه ثقب صغير, فالضّوء المنعكس من أيّ جسم يمرّ خلال الثّقب, ويسقط شعاعه على لوح أبيض أو على ورق أبيض, موضوع في الجهة المقابلة للثّقب داخل الصّندوق… فإن كان الثّقب كبيرا فمن الصّعوبة الحصول على صورة للجسم إلاّ عند وضع عدسة مكان الثّقب…
وكان أوّل تحسّن يطرأ على آلة التّصوير البدائيّة هو ما فعله جيام باتيستا حوالي العام 1550 للميلاد عندما إستبدل ثقب الكاميرا بعدسة فزاد بذلك إضاءة الصّورة…
ولقد إستعمل العدسة ومن النّوع المحدّب العالم الإيطالي جيوفاني ديللا بورتا وكان ذلك في العام 1589 للميلاد, وهذه كانت البداية والأساس في بناء آلات التّصوير, حيث كان الحصول على الصّورة برسم الصّورة السّاقطة على زجاج نصف شفّاف, والمنعكسة من مرآة موضوعة في مسار الأشعّة الدّاخلة من خلال العدسة…
ومن جانب التّطوّر التّاريخي في صناعة الأفلام والمبنيّة على إستعمال بعض أملاح الفضّة التي تتفاعل مع الضّوء, كان يُعتقد أنّ إسوداد هذه المركّبات هو بتأثير حرارة الضّوء بدلا من الضّوء نفسه, ومن أوائل العلماء الذين أثبتوا أنّ تفاعل الفضّة يتمّ بالضّوء نفسه هو البروفّيسّور جوهان شولتز…
ففي العام 1727 للميلاد إكتشف العالم الألماني شولتز أنّ أملاح الفضّة تتأثّر بالضّوء ويُسوّد لونها…
وفي العام 1758 للميلاد إبتكر صانع العدسات البصريّة جون دولاند مجموعة من العدسات التي أعطت صورة بعيوب قليلة كانت الأساس في تطوّر صناعة العدسات البصريّة والحصول على صورة حادّة…
وأوّل من طبّق ذلك علميّا سنة 1800 للميلاد هو توماس ودجوود حيث حصل على صورة أوراق مضللة بإستعمال مادّة نترات الفضّة ولكنّه لم يتمكّن من تثبيت هذه الصّورة وإبقائها لمدّة طويلة…
وفي العام 1816 للميلاد حصل العالم الفرنسي نيسيفور نيبس على صورة بواسطة الصّندوق والثّقب الصّغير بإستعمال قطعة من الورق المطلي بطبقة من كلوريد الفضّة وأعتبرت كأوّل صورة سالبة بإستعمال آلة التّصوير وحاول الحصول على صورة موجبة ولكن محاولاته باءت بالفشل…
وفي نفس الأثناء, قام لويس داغور الفرنسي الجنسيّة, بمحاولات تثبيت الصّورة على السّلبيّة فإستطاع تحقيق النّجاح بإستعمال بخّار الزّئبق, وفي سنة 1837 للميلاد إستطاع أن يُثبّت السّلبيّة بإستعمال الملح الإعتيادي…
وفي العام 1835 للميلاد, الإنكليزي الجنسيّة, وليام هنري فوكس تالبوت, أوّل من نجح في الحصول على صورة موجبة بطلائه لورقة كتابة إعتياديّة بمحلول أيوديد الفضّة بعدها مباشرة بحامض الكاليك ونترات الفضّة… وبعد أن عرّضها للضّوء ظهّرها في محلول نترات الكاليك الفضّيّة وثبّتها في محلول بروميد البوتاسيوم وبعدها بمادّة الهايبو, وبذلك حصل على صورة سلبيّة, بالإمكان الحصول منها على صورة موجبة بالطّبع التّماسي وبذلك بدأت عمليّة التّصوير المعروفة في يومنا هذا… وبعد ذلك بفترات غير متباعدة تمّ النّجاح يإستعمال الألواح الزّجاجيّة وكذلك السّلّيلود كأساس في طلي الأفلام بالمواد الحسّاسة…
وفي نفس العام 1835 للميلاد, إستعمل داجير الفرنسي ألواحا معدنيّة مفضّضة وعرّضها لبخار اليود, وبوضع هذه الألواح في الكاميرا تمكّن من الحصول على صور إيجابيّة سُمّيت داجيروتيب, وكذلك صمّم كاميرا تُشبه كاميرا الإستديو الحاليّة… وظهر التّصوير التّجاري بإستعمال آلة التّصوير الدّاجيروتيب…
وفي العام 1840 للميلاد صنع م. بتزفال عدسة لتصوير الوجوه وكانت أوّل مرّة يُستعمل فيها الحساب لصنع عدسة خاصّة…
وفي العام 1844 للميلاد نشر وليام فوكس تالبوت أوّل كتاب به صور فوتوغرافيّة…
وفي العام 1848 للميلاد, حاول أدموند بيكيريل أوّل محاولة للتّصوير بالألوان…
وفي العام 1850 للميلاد صدرت أوّل صحيفة للتّصوير…
وفي العام 1851 للميلاد صوّر وليان فوكس تالبوت أوّل صورة لجسم متحرّك بإستخدام شرارة كهربائيّة…
وفي العام 1853 للميلاد صوّر ج. ب. دانسر أوّل صورة ميكروسكوبّيّة…
وفي العام 1857 للميلاد إخترع ج. ج. وودوارد أوّل جهاز تكبير بإستعمال أشعّة الشّمس…
وفي العام 1858 للميلاد صوّر نادار أوّل صورة جوّيّة من بالون…
وفي العام 1859 للميلاد إستعمل بنزن إشتعال الماغنسيوم للتّصوير…
وفي العام 1861 للميلاد كانت أوّل محاولة ناجحة للتّصوير الملوّن حيث صوّر جيمس ماكسويل ثلاث صور وعرضها معا من ثلاثة أجهزة فانوس سحري خلال ثلاثة مرشّحات حمراء وزرقاء وخضراء…
وفي العام 1864 للميلاد إخترع دوكس دي هورون أوّل جهاز لتصوير وعرض الصّور المتحرّكة…
وفي العام 1877 للميلاد قام موييروج بعمل أوّل دراسة للحركة بالتّصوير…
وفي العام 1880 للميلاد إستعمل سير و. آبني الهيدروكينون للإظهار…
وفي العام 1888 للميلاد, جورج إيستمان هو أوّل من نجح في جعل هذه الأفلام في متناول اليدّ ويشكل أفلام ملفوفة على بكرات والمعروفة برول فيلم إستعملت بكاميرات كوداك 1 حيث يُعاد الفيلم المصوّر إلى شركة كوداك للتّظهير…
وفي العام 1889 للميلاد عدّلت كوداك إنتاجها للأفلام الملفوفة من دعامة نيترات السّليلوز المتفجّرة إلى دعامة من خلات السّليلوز…
وفي سنة 1861 للميلاد, أوضح العلامة جيمس كليرك ماكساويل بأنّه من الممكن الحصول على ألوان مختلفة من ثلاث ألوان رئيسيّة هي الأحمر والأزرق والأخضر, وكانت بداية لمحاولات في الحصول على الأفلام الملوّنة… ففي سنة 1891 للميلاد البروفّيسّور كابرييل ليبمان أوّل من حاول بطريقة تُسمّى عمليّة التّداخل, تبعاه في العام 1904 للميلاد أوغست ولوميير حيث إبتدعا طريقة تُدعى أوتو كروم ثمّ طريقة دوفاي كولور سنة 1908 للميلاد أمّا طريقة كوداككروم فكانت أوّل طريقة مقبولة للأفلام الموجبة والسّلايدات إبتكرت من قبل ليوبولد غودواسكي وليوبولد مانس…
وفي العام 1913 للميلاد صنع أوسكار بارناك أوّل آلة تصوير صغيرة لايكا…
وفي سنة 1935 للميلاد أنتجت كوداك أفلامه الملوّنة كوداكروم…
وكانت أكفا أوّل شركة أنتجت الأفلام السّالبة لأغراض الطّبع والتّكبير سنة 1938 تبعتها شركة كوداك سنة 1942 للميلاد…
وفي سنة 1947 للميلاد, كان دكتور إدوين لاند من شركة بولارويد أوّل من عمل على إنتاج صورة فوريّة باللون الأبيض والأسود, وقد أنتج آلة التّصوير الفوريّة…
وأنّ أوّل إستعمال للأفلام الفوريّة الملوّنة كان في سنة 1963 للميلاد وكان من مساوئها عدم الحصول على صورة سالبة لأغراض الطّبع والتّكبير في حينها وفي سنة 1974 للميلاد ظهرت آلات تصوير بولارويد تعمل بالبطّاريّة لإظهار الصّورة آليّأ ولا تزال تتطوّر آلات التّصوير وأفلام التّصوير وطرق الطّبع والتّكبير ومنها تكبير أفلام السّلايد بطريقتي السّيباكروم والفوتوكروم وبتكاليف مناسبة في متناول كثير من هواة ومحترفين…
وقبل قدوم آلات التّصوير الرّقميّة كانت تكنولوجيا التّظهير الرّقمي موجودة, وظهرت من خلال إستخدامات عدد من البرمجيات الرّقميّة المعالجة للصّور باللونين الأبيض والأسود, والتي ظهرت في العام 1989 للميلاد…
وفي العام 1992 للميلاد ظهرت أولى آلات التّصوير الرّقميّة الرّاقية والغالية الثّمن, تبعتها في العام 1994 ظهور آلات التّصوير الرّقميّة المنخفضة الثّمن بالنّسبة للأشخاص العاديين…
ومع إنتشار آلات التّصوير الرّقميّة, سيّما الصّغيرة منها, يكون قد إنطوى زمن آلات التّصوير العاديّة, وإنطوى معها زمن إستعمال شرائح الأفلام, وكذلك إنتهت عمليّات التّحميض الكيميائي وعمليّات التّظهير, وتمّ الإستغناء عن الكثير ممّا كان سائد الإستخدام مع آلات التّصوير التّقليديّة القديمة… وأصبح بالإمكان إلتقاط ما يشاء المستخدم لآلة التّصوير الرّقميّة من الصّور المباشرة, وعرض صوره مباشرة على شاشة آلة تصويره, والقيام بإنتقاء اللقطات التي تُعجبه وحفظها في ذاكرة آلة التّصوير المدمّجة بها, وشطب لقطات الصّور التي لا تريحه وإلغائها مباشرة من ذاكرة آلته التّصويريّة… هذا, ويستطيع مستخدم آلة التّصوير الرّقميّة من معالجة لقطاته التّصويريّة وتحسين إخراجها, بإستخدام الحواسيب وما يشاء من البرمجيات الرّقميّة المتخصّصة لمثل هذه الحالات وهي كثيرة ومشهورة وسهلة الإستخدام, ومنها البرمجيات البسيطة والأخرى المعقّدة… ويُمكن تصدير اللقطة المختارة وإرسالها لمن يشاء المستخدم, وذلك عبر علب البريد الرّقميّة, ونشر ما يُريد في الشّبكة العالميّة للمعلومات… وتبقى جميع اللقطات التّصويريّة بحالتها من الجودة, مهما طال عليها الوقت, سواء تمّ حفظها على وسائط من البلاستيك, أو بطاقات تخزينيّة خاصّة بآلة التّصوير الرّقميّة, أو على أقراص صلبة أو مرنة أو ضوئيّة, أو في حافظات رقميّة صغيرة الحجم والكثافة, أو وسطيّة أو كبيرة الحجم والكثافة…
وإمعانا في تفعيل الثّورة الرّقميّة وإنتشارها, أقدمت الشّركات والمؤسّسات المصنّعة للهواتف الرّقميّة المتحرّكة, من إدماج آلات تصويريّة عالية الجودة في الهواتف الرّقميّة الحديثة, والتي تعمل بنفس معطيات جودة الكاميرا الرّقميّة, مع الكثير من التّسهيلات في عمليّات الإستخدام وأخذ اللقطات التّصويريّة والتّحكّم بها إن لجهة الإحتفاظ أو لجهة الإلغاء أو لجهة المعالجة من خلال برامج المعالجة التي يتزوّد بها مطلق هاتف رقمي حديث… هذا بالإضافة للبرمجيّات الفنّيّة الكثيرة, والتي تُساعد المستخدم على تحويل أيّ صورة وإخراجها بتقنيّة عالية الجودة من الرّسم والتّشكيل, وبأساليب ومدارس ومذاهب وأنواع فنّيّة متعدّدة
حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
أديب, شاعر, ناثر, رسام هندسي,فنان تشكيلي, وصحافي حر
عضو إتحاد الكتاب اللبنانيين تحت رقم 749 وعضو نقابة المحترفين التشكيليين
مهندس مساح محلف لدى المحاكم. عضو نقابة الطبوغرافيين اللبنانيين تحت رقم 138
أمين عام روّاد كشّافة الرّسالة الإسلاميّة في لبنان