المصدر/ Creative School Arabia
بحسب خبرتي في هذا المجال, يمكنني أن أؤكد أنه مهما تطورت البرامج و أصبحت أفضل, فلا يمكن بالاعتماد عليها فقط تجاوز فنان خبير و ذو مهارة عالية. و من المهارات التي أعتقد أن لها أهمية قصوى هي القدرة على التفكير و العمل كمصور فوتوغرافي أو مصور سينيمائي حتى و ان كان العمل يقتصر على استعمال أدوات رقمية.
من المصطلحات المفتاحية التي يجب أن تعرفها كمصور العمق, المجال, العدسات, سرعة الغالق, و الأيزو أو ما يعرف بحساسية الفيلم. لكن الأهم هو فهم كيفية تناسق كل هذه المفاهيم و عملها بتجانس . باختصار, يجب أن تعرف القواعد. معرفة هده المفاهيم سيساعدك قطعا على على تخيل النتيجة النهائية التي ستظهر عليها صورتك بعد التعديل. عندما بدأت العمل في مجال التصميم الجرافيكي باستخدام الكومبيوتر, كنت في العديد من المناسبات أستعمل خبرتي في مجال التصوير الفوتوغرافي لأتحكم في ما ستنتجه أخيرا “الكاميرا الافتراضية”.
التعود على الملاحظة و التحليل كان أهم جزء من التحول الى مختص في مجال التصميم الجرافيكي بالكومبيوتر و الاضاءة. يجب أن تطور عينيك و نظرتك و الأهم أن تطور حس النقد فيك. عندما أبدأ العمل على بعض اللقطات. دائما ما كنت أعود الى ما تعلمته في مجال التصوير الفوتوغرافي و أوظفه لتبرير قراراتي. بمعنى اخر, أفضل العمل بعيني و عقلي على العمل بيدي و بالبرنامج المتاح لي.
مما يجب أن تعرفه عند العمل على صورة ما أن الجمهور سينظر الى نتيجة عملك لاحقا على أنها لقطة قد التقطت بكاميرا. هذا المفهوم الزامي لأنك في حالة قمت بأي شيء قد يفسد هذا الشعور بالنسبة للمشاهد, فان عملك لن يروق له حتما, مما سيؤول بك تباعا للفشل. مهمتك هي أن تحافظ على هذا الاحساس و تصنع صورة تكون في نفس الوقت جذابة و واقعية.
ثلاث نصائح مهمة في التعامل مع الاضاءة
عندا أقوم بالحد من الاضاءة, أعتمد على خطوات تحليلية تساعدني على فهم كيفية ظهور صورتي. لا يتعدى ذلك تمرينا بسيطا يستوجب منك أن تجسد ما يدور في ذهنك من زاوية نظر مصور فوتوغرافي و ليس كشخص يتخبط ين مجموعة من المصطلحات التقنية. هذه الخطوات تقوم على 3 مراحل هي أساس التصوير الفوتوغرافي:
1. تصحيح الاضاءة و نعومة الظل
2. التعريض الضوئي والحرارة اللونية (ألالوان)
3. التباين و التشبع
يمكنك استعمال أي برنامج لدمج كل من هذه الأسس, انظر لها على أنها مجالك لفهم و ترجمة الصورة الفوتوغرافية الى لقطتك المعدلة باستعمال الكومبيوتر.
اتجاه الاضاءة و نعومة الظل
الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هو تحديد مصدر الضوء. هل هو قادم من خلال النافذة؟ هل مصدره الشمس؟ هذه بعض الأسئلة التي أطرحها على نفسي لمعرفة اتجاه الضوء في صورة ما. و بمعرفة الاتجاه, انتقل للعمل على نعومة الظل. هل هو ضبابي جدا؟ أو حاد جدا؟ أو قد يكون معتدلا بين الاثنين؟ أحاول دائما أن أتخيل كيف يمكن أن يكون الظل المسقط في هذا المشهد في الواقع, ثم أعمل على اعادة محاكاته بواسط البرنامج. مما يساعد أيضا جمع العديد من المراجع للصورة الفوتوغرافية. الاضاءة و الظل هما العنصران الأساسيان لاستحضار الوقت و الجو الذي التقطت فيه الصورة. و هما ما يجعل منهما الأساس لاعطاء معنى للمشهد و جذب انتباه المشاهد.
التعريض الضوئي و حرارة الضوء
بعد معرفة اتجاه الضوء و الظل, أمر الآن الى تحديد التعريض الضوئي. يروق لي كبداية أن أصنع رابطا متينا بين حدة الضوء و دكانة الظل. عند العمل على التعريض الضوئي, سيجب عليك التعامل مع هذين العنصرين, حيث أن دقة أحدهما سينعكس مباشرة على الآخر.
خطوة أخرى اضافية قد تكون درجة اسقاط أو اضمحلال الضوء. يجب عليك أن تفكر في أن التعريض الضوئي هو المتحكم في حياة الضوء في المشهد و أن طاقة الضوء يجب الحفاظ عليها في الصورة. هذا الأمر مصيري لضمان واقعية النتيجة. بعد تحديد التعريض الضوئي, أنتقل للعمل على حرارة الضوء أو اللون. أغلب البرامج توفر لك امكانية ادخال مقدار درجة الحرارة, غالبا حاول استخدام قيمة “كيلفن“, ليمكنك من مطابقة الحرارة الواقعية للضوء في مشهدك ثلاثي الأبعاد. يجب عليك معرفة الوقت و الحرارة الفعلية التي التقطت فيهما الصورة, لكن هناك بعض الجداول على الانترنت التي تساعدك على معرفة هذه المعلومة.
و بالاعتماد على درجة الحرارة يمكنك اتخاذ القرار للتغيير الطفيف عليها بهدف الحصول على نتيجة أجمل و أكثر جاذبية تباعا لذوقك الفني. من الأساسات المهمة لتحديد حرارة الضوء نذكر العلاقة بين الأضداد. بصفة طبيعية, عندما يكون الضوء دافئا, فان الظل سيكون تباعا في الجهة الباردة من طيف ذلك اللون, و العكس صحيح. مما يساعد على عمل انتقال جميل للضوء و كثافة أكبر لعناصر الصورة المضاءة.
التباين و التشبع
التباين و التشبع يتلخصان في صناعة نمط يمكن بفضله قراءة الصورة. عادة أعمل على هذين العنصرين بمحاولة تحديد قيمتهما في مختلف المساحات في الصور. و تحديدا بالنسبة لهذين العنصربن فهما دائما مرتبطان ببعضهما البعض, حيث أنك بتغيير أحدهما يتغير الآخر. تعتبر هذه التعديلات من اللمسات الأخيرة التي يمكننا تتطبيقها على الصورة لاضفاء المزيد من التوازن. انها الجزء الخاص بتصحيح الألوان و الجمع بين كل العناصر. خلال هذه المرحلة, أعير الكثير من الاهتمام للعلاقة بين المساحات و مدى تأثيرها على التباين والتشبع. على سبيل المثال, اعتمادا على المسافة الفاصلة بين الكاميرا و الموضوع, انارة هذا الأخير و ألوانه قد تتغير. استخدم هذه الملاحظة بحكمة لاضافة لمسة فنية الى الصورة النهائية..
كخلاصة, يمكن القول أن العمل كخبير اضاءة هو توازن حساس بين التمتع بمهارة تقنية عالية و قدرة كبيرة على الملاحظة. بالطبع معرفة التعامل مع البرنامج الذي تعمل عليه هو أمر ضروري أيضا, لكن حسب خبرتي, خبراء الاضاءة الأكثر ابداعا عادة ما يثقون في أعينهم أكثر من ثقتهم في معرفتهم أو في في البرنامج. ما يجب وضعه في الحسبان أيضا هو أن البرامج و االأدوات في تطور مستمر و سريع مما يجعل منحنى تعلمها سريعا جدا. الا أن مراحل تدريب نظرك ليست بنفس سهولة تعلم برنامج جديد. انه مشوار تعلم ذاتي يستدعي تدربا يوميا و قد يتطلب العديد من السنوات لاتقانه. يجب أن تحب الملاحظة و يكون لك تلك الرغبة الجامحة في ترجمتها الى لغة التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي.
في التصوير الفوتوغرافي, الكاميرا لا تتدخل الا بجزء صغير جدا من المهمة وهوالتقاط الصورة. انها في الواقع عين المصور التي تلتقط المشهد و تصنع منه قطعة فنية. في نفس السياق, التصميم الجرافيكي باستخدام الكومبيوتر ليس الا آداة و تقنية, لكن عينيك المدربتين لا تقدر قيمتهما بثمن في لحظة صنع والتقاط الصورة. عيناك المدربتان و أفكارك في المجال الفوتوغرافي يضفيان على عملك في هذا المجال ما لا يمكن للبرامج تحقيقه.
ايقونة التصوير السينمائي “روجر ديكنس” يقول : ” لا تسمح للتقنية بتشتيت انتباهك”
ليس أصح من هذه المقولة في مجال التصميم الجرافيكي و الاضاءة. الفنانون الذين يفكرون كمصورين فوتوغرافيين و مصورين سينمائيين لديهم القدرة على رؤية السيناريو و المشهد وصنعه قبل تصويره. بغض النظر عن البرنامج الذي تستعمله, ما ستراه هو تركيبة نهائية من الألوان و الضوء, ما ستراه هو صورتك النهائية و ليس بعض الأرقام و القيم المخزنة في حاسوبك.