التصوير الفوتوغرافي بالنسبة للفنان الإماراتي جاسم ربيع محمد العوضي، ليس مجرد اتجاه فني أو هواية أو مهنة، لكنه أسلوب متكامل للحياة يمتزج فيه الفن بالعلم والفلسفة. وهو يعتبر الصورة في المرحلة الحالية، في ظل ما تمر به دولة الإمارات من طفرات متتالية في التطور والعمران، والتقدم في مختلف المجالات، ذات أهمية خاصة، وتضطلع بدور متنامٍ في توثيق ما يحدث على أرض الواقع، وتسجيله للزمن والتاريخ وللأجيال المقبلة. ولذلك يشدد العوضي على ضرورة أن يكون هناك مصورون محليون يتولون توثيق أشكال ومظاهر الحياة في مختلف أنحاء الدولة، بما فيها من مدن وقرى وصحارى ومضارب، فهم بحكم انتمائهم إلى هذه الأرض، الأقدر على التعبير عنها ونقل الواقع بأمانة وفهم.
على الرغم من اعتزازه الكبير بفوزه بجائزة الإمارات التقديرية لهذا العام، في مجال الفنون التشكيلية فرع التصوير الفوتوغرافي، تقديراً لدوره في إبراز حركة التصوير من خلال نشر ثقافة التصوير بين جيل الشباب، والسعي إلى تأسيس جماعات للتصوير وتدريبهم وتأهيلهم، وتأسيس جمعية الإمارات للتصوير، إلا أن العوضي يؤمن بأن الجوائز ليست الهدف الذي يجب أن يسعى إليه المبدع والفنان، فعظماء الفنانين مثل فان جوخ وغيره، لم ينتظروا التكريم والجوائز، ومع ذلك لايزال الناس يستمتعون بفنهم. كما اعتبر أن فوزه بالجائزة بمثابة تكليف جديد، وليس تشريفاً فقط، وهي مسؤولية جديدة وضعت على عاتقه ليسعى من أجل المزيد من العمل والإنجاز والارتقاء بفنه وبالمجتمع معاً.
يحرص العوضي على التواصل مع المصورين الشباب، ولا يبخل عليهم بالنصح والإرشاد، وهو دائماً ما يؤكد لهم أن «التصوير هو التركيز والتعمق في ما يطرحونه من موضوعات بشكل علمي وفلسفي دقيق، كما تجب دراسة الموضوع أكثر من خلال البحث المنهجي، بحيث تتلاءم طريقة العرض مع الموضوع أو الفكرة المطروحة، على أن يرتبط كل ذلك بالفكر الخاص للمصور نفسه، فيجب على كل منا أن يعرف مكانته الحقيقية عند مقارنة أعماله ونتائجه وعطائه بأعمال الآخرين من المصورين».
وُلد جاسم العوضي في دبي عام 1961 وأنهى دراسته الثانوية بمدارسها، ثم سافر إلى أميركا، إذ حصل عام 1985 على بكالوريوس الفنون تخصص تصوير فوتوغرافي من جامعة دايتون أوهايو، وفي عام 1995 حصل على ماجستير التصوير الفوتوغرافي من كلية الفنون بجامعة «نوتينغهام ترنت» في المملكة المتحدة.
وكان لتأثر العوضي وعلاقته الوثيقة بخاله الفنان المصور عبدالله قنبر، أحد قدماء المصورين بالإمارات، دور كبير في زيادة ولعه بالتصوير منذ طفولته، واتجاهه للتخصص في هذا المجال، وبناء على ذلك فقد عمل في التصوير بالمختبر الجنائي للقيادة العامة لشرطة دبي، وفي عام 1987 عُين رئيساً لقسم التصوير، ثم مديراً لإدارة مسرح الجريمة، ثم انتقل خلال الفترة 2002 ـ 2004 إلى العمل مديراً لإدارة الأمن بسلطة المنطقة الحرة للإعلام والتكنولوجيا، ليتولى خلال الفترة من عام 2004 حتى 2007 مهمة التدريس أستاذاً للتصوير بكلية الفنون جامعة الشارقة، ليعود بعدها في عام 2009 خبيراً جنائياً كُلف بالتصوير الجنائي، والإشراف على إدارة الأدلة الجنائية بقيادة شرطة دبي.
وأقام جاسم العوضي العديد من المعارض الخاصة، وشارك في معارض بالإمارات وخارجها، ونال العديد من شهادات التقدير والجوائز والأوسمة، ما أهله ليكون أميناً عاماً لجائزة سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد للتصوير، ونائباً لرئيس مجلس إدارة اتحاد المصورين العرب، وعضوية عدد من اللجان المعنية بالتصوير في الإمارات. كما أن له مقالات عدة في الصحف والمجلات الثقافية حول التصوير، كما ألقى العديد من المحاضرات في هذا المجال.