ضحى عبدالرؤوف المل
حققت مؤسسة الشارقة للفنون في عام 2016 نجاحات كبيرة على صعيد تنظيمها للمعارض والفعاليات والأنشطة، وعززت من حضورها على خارطة المؤسسات الفنية الكبرى على مستوى العالم، باعتبارها منصة راسخة للفن المعاصر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا.
تعتمد الفنانة التشكيلية “ناديا أوسي” على فكرة انثروبولوجية المنظور المسطح في الفن التشكيلي وتطوراته، كنشاط بصري فعال لاثارة الالوان الزاهية، وانعكاساتها على الانسان او المرأة تحديداً في اعمال فنية تتميز بمنهجية الخط والمنظور وتطوراته من خلال طبيعة المرأة وجدلية وجودها في الحكايات والاساطير والواقع، والابعاد الضوئية على المسطحات في اللوحات التشكيلية التي تميل الى القديم والجديد. لتولد الاساطير من جديد في لوحات بعيدة كل البعد عن المفاهيم الانقلابية في التشكيل ، لكنها تمسكت بروح اللون وجمالية الخط، لتبقي على تصميم اللوحة كمشهد جمالي ذي ابعاد سريالية غامضة بنسبية المقاييس التي تتخذ مفهوما تقنيا مشغولا بدقة على برامج بصرية لها رؤيتها الحديثة في التشكيل، لتبقى الريشة هي الاداة التشكيلية التي تمنح اللوحة بريق الحياة، والمظهر الجذاب لاشكال اجتمعت ضمن لوحة تنادي بقيمة الاغتراب ومؤثراته على المرأة تحديداً التي تحلم الى العودة الاولى حيث وطنها الحالم بالجمال والسكينة والاساطير التي تحولت الى حقائق سحرية ، مزجتها “ناديا اوسي” مع الالوان لتثير الدهشة وتحافظ على ميزة الابهار عند المرأة وكينوتها في الحياة.
انعكاسات وجودية للمرأة وانفصالها عن الاخرين في اغلب لوحات الفنانة ” ناديا اوسي” لتعيش وحيدة على زورق او تعمل منفردة او تراقب او تتامل بين مزركشات او منمنمات زاخرة بالعزلة الميالة بالحنين او العودة الى الذات والوطن، لتسيطر منفردة على الواقع الاجتماعي للمراة الشرقية المبتعدة عن الأسود كليا، وكانها تضعها في مكانها الداخلي. لتراها القلوب بالحس الفني ، والادراكي للجمال الذي ينتمي لعالمها التشكيلي ومحفزاته الفنية المملوءة بالانزياحات التي مارستها عبر تحولات الشكل، وغرائبيتها الذاتية المفارقة للواقع والمنسجمة معه في آن. كأنها تبحث عن الانا في كل لوحة مكنتها من البحث عن التخيلات والحقائق دون الانفصام عن قوة اللون وثباته في الضوء والظل والانعكاسات على السطوح، وبين الثيمات ضمن فنتازيا متوازية مع المألوف وغير المألوف ضمن محسوسات الجمال في كينونة المرأة والوجود، مما يجعل المتلقي يغوص في لوحاتها متسائلا عن منمنماتها وسطوحها ونسبية الابعاد والمقاييس في لوحة تتوافق مع انفعالات الخيال وحقائق الخطوط بتناغم وتضاد بين الخط واللون والانعكاسات الضوئية. تصورات متعددة تتخذها ايحاءات الاشكال التي تزين بها لوحات الفنانة “ناديا اوسي” اضافة الى الجسد الانثوي بجماليته المكتملة انثويا مع اللون، لترصد من خلاله معطيات الوجود البولوجي مع معطيات المجتمعات الثقافية والاجتماعية، والفنية والتاريخية منذ القديم حتى العصر الجديد المتزين بشتى العلوم التقنية والفنية في نشوء الجمال والانماط المختلفة في تحليل الرؤية الجمالية للمراة وابعادها النفسية، والرومانسية لاخضاعها لمنطق الانسانية التي يليق بها ان تتخذ منه مسافة تتشاركها مع ذاتها ومع الاخرين ضمن الالوان المشتركة وصياغتها القادرة على فك الرموز الفنية التي تتخذ منها ” ناديا اوسي” نداءات تطلقها لتكون المرأة هي الفكرة والموضوع والحياة، وبانثيالات جذرية تمس البنى المثالية في مرتكزات الفكر الفني تجاه كينونة المرأة في الفنون عامة .
منظور المرأة في لوحات الفنانة “ناديا اوسي” هو سيكولوجية الصياغة وتطورات الحركة عبر الفعل المقترن بالمعنى والشكل، والرؤية العامة في توصيف الشكل واندماجه باللون لتكوين حيوي بأوجه فنية مختلفة تزدان بالمعايير والمفاهيم لتطور المرأة البيولوجي والحضاري وقدرتها على الحفاظ جماليا على وجودها ومعناه بكافة موضوعاته الانسانية منها والوجودية. لتحتل مكانة مرموقة في المواضيع الفنية والادبية والجمالية، وقدرتها على التكيف في المكان والزمان لتلقي الضوء على اهميتها في التطور الانساني بشكل عام منذ بدء تكوينها وحتى الان.
تكتسب لوحات الفنانة ” ناديا اوسي” اشراقة ضوئية ذات خصائص دينامية مدروسة تقنيا مثل الحجم والأبعاد، والنسب وتدرجات اللون والظل، واشكالية توزيع العناصر بما يتواءم مع تقنية اللوحة على القماش بعد تصميمها وفق الابعاد المعينة، لتكوينات تتعلق بالجوانب البصرية ودرجات كل لون وقدرته على ابراز السطوح. لتسهم في الكشف عن اهمية الاستشراق في بناء اللوحات ما بعد الحداثة ، والتي تعنى بمهارة الفن في المحافظة على روح التشكيل ضمن لغة العولمة التشكيلية، وعودتها الى ابراز منمنمات اللون وفق النظم ورهانات المرأة في تجاوز المتخيل نحو الواقع والزمنية المفتوحة الى ما لانهاية.