على الرغم من مغادرتها مياه شواطئ الخليج التي اعتاد متنافسوها الغوص في أعماقها على مدار دوراتها السابقة، أسوة بما كان يفعله الغواص الإماراتي الباحث عن المحار ومكنونه اللؤلؤ، وإقامة بطولة فزاع للغوص الحر داخل صالة حديثة عالية التجهيز داخل مجمع حمدان بن محمد بمنطقة الروية بدبي، إلا أن البطولة التي تنظمها إدارة بطولات فزاع بمكتب سمو ولي عهد دبي حافظت على كامل تقاليدها المتعلقة بفنيات الغوص التقليدية، وفرضت على الغواصين المحترفين الذين توافدوا من دول أوروبية واجنبية الامتثال لقواعد الغوص المحلي «الحيارى» على طريقة «طواويش» الإمارات التقليدية الذين استحضر أساليبهم أيضاً معرض مصاحب شمل نماذج لأبرز المعدات التي كانوا يستخدمونها، فضلاً عن فئة المحترفين التي استوعبت إلى جانب المتسابقين الإماراتيين نظراءهم من دول مجلس التعاون الخليجي.
«الحر» مختلفقال الشيخ راشد بن ثاني آل مكتوم، الذي تصدر فئة الهواة، إن الغوص الحر الذي يعتمد أسلوب «طواويش الإمارات» الباحثين عن قوت يومهم في عصر الغوص للبحث عن المحار لاستخراج مكنونه من اللؤلؤ، مختلف عن مقومات رياضة الغوص الحديثة، وأكثر حاجة إلى جهد عضلي وذهني، فضلاً عن المهارات الفنية الضرورية له، معرباً عن تثمينه لجهود سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لدعم ممارسات كل أشكال الموروث الإماراتي عموماً والغوص الحر خصوصاً.
وقال عضو اللجنة التنظيمية لبطولة فزاع للغوص الحر، المدرب الإماراتي عادل علي بوحليقة الذي تولى الإذاعة الداخلية للمنافسات، إنه يستعد للوصول إلى مسافة 100 متر غوصاً في تجربة سيشهدها مياه البحر المتوسط في شهر يونيو المقبل، بعد أن سجل سابقاً رقم 70 متراً، مشيراً إلى أنه يخطط لأن يخوض تلك التجربة التي يستعد لها جيداً في اليونان. وفي مقابل تحقيق الشيخ راشد بن ثاني آل مكتوم زمناً قدره 4.39 دقائق تصدر به فئة الهواة، حقق مدربه اللبناني أحمد نمر زمناً قدره 5.23 حل به رابعاً في فئة المحترفين. «فزاع للغوص الحر» تعقبت مهارات الأجداد في بطولة جمعت بين متنافسين من 13 دولة. الإمارات اليوم |
وأبدى عدد من الغواصون انبهارهم من الأرقام التي تحققت في فئة الهواة، مشيرين إلى أن الوصول إلى أرقام مميزة من دون الخضوع لبرامج تدريبية وتأهيلية دقيقة، أمر شديد الصعوبة في طرق الغوص الحديثة، وهو أمر يزداد صعوبة في حال التقيد بأساليب الغوص الحر «الحيارى» المطبق في البطولة.
وحصل الشيخ راشد بن ثاني آل مكتوم على المركز الأول في فئة الهواة، محققاً زمناً قدره 4.39 دقائق، تلاه الإماراتي ناصر عبيد خلفان الرزي بفارق ضئيل، محققاً زمناً قدره ،4.38 فيما حل القطري حمد راشد الهاجري ثالثاً محققاً 3.29 دقائق.
المركزان الأول والثاني تحديداً هما ما استحوذا على دهشة الغواصين المحترفين في البطولة التي شهدت مشاركة متسابقين من المملكة العربية السعودية، قطر، عمان، كرواتيا، كينيا، الفلبين، الاردن، وكندا، لبنان، مصر، وروسيا، لا سيما أن صاحب المركز الأول الشيخ راشد بن ثاني آل مكتوم، يشارك في البطولة للمرة الأولى، وكشف لـ«الإمارات اليوم» «أتدرب على المشاركة منذ نحو سبعة أشهر فقط، عبر تدريبات لا تعتمد فقط على تدعيم مهارات الغوص، الذي يختلف من دون شك في حالة الغوص الحر عن سائر أنماط الغوص الحديثة الشائعة، ويستدعي بالضرورة قوة احتمال أكبر، وخبرة في التعامل مع المعطيات المختلفة».
وقال الشيخ راشد إن أحد أهم دوافعه للاشتراك في البطولة هو «المساهمة في إحياء أحد اهم أشكال الموروث المحلي وهو الغوص الحر، مثمناً بشكل خاص جهود راعي البطولة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، للحفاظ على الموروث المحلي عموماً والمرتبط بمهنة الغوص التقليدية خصوصاً».
وأشار الشيخ راشد إلى السهولة النسبية التي يتمتع بها الغواصون في البطولة من هواة ومحترفين حتى مع تقيدهم بتقاليد الغوص الحر، بسبب إقامة هذه النسخة من البطولة تحديداً في صالة مغطاة وليس على الشواطئ المفتوحة، بكامل التأثيرات الطبيعية وغير الطبيعية التي كان يخضع لها الغواص الإماراتي الباحث عن المحار لاستخراج مكنونه من اللؤلؤ في رحلة العمل اليومية».
وفي فئة المحترفين جاء في المركز الأول الكرواتي كورا كولاك بزمن قدره 7.1 دقائق، وفي المركز الثاني جاء مولاني الكسي من روسيا بزمن وقدره 6.54 دقائق وهو صاحب المركز الاول في العام الماضي، وجاء في المركز الثالث عن فئة المحترقين وليم ورام من كندا بزمن وقدره 5.59 دقائق.
وكانت البطولة التي شهدت تسجيل 186 متسابقاً في مرحلتها الأولى، قد انطلقت فعلياً بـ50 متسابقاً بعد ثلاثة أيام خصصتها لأغراض التدريب، لتستمر فعالياتها على مدار ثلاثة أيام أخرى اختتمت مساء السبت بتتويج الفائزين الثلاثة الأوائل في كل فئة.
وحملت التصفيات الأولية نتائج متباينة، تؤشر إلى أن بعض المتنافسين تعمد إما ادخار مخزونه، او عدم الكشف عن كامل قدراته لأسباب تتعلق بالمنافسة، في الجولات التمهيدية، التي شهدت تأهل 10 متسابقين من كل فئة الى الدور الختامي حيث احتل المركز الأول في التصفيات الخاصة بالهواة ناصر عبيد محققا زمنا قدره 5.30 دقائق، وفي المراكز الثاني جاء خالد عبدالله العبيدلي بزمن وقدره 4.02 دقائق، وفي المركز الثالث جاء مروان ابراهيم الزرعوني بزمن قدره 3.50 دقائق، أما المركز الرابع فحصل عليه أحمد علي سعيد الهنداسي بزمن قدره 3.43 دقائق، وفي المركز الخامس جاء الشيخ راشد بن ثاني آل مكتوم بزمن قدره 3.11 دقائق، على الرغم من أن المتسابق نفسه عاد وتصدر البطولة بزمن قدره 4.39 دقائق.
من جانبه، قال رئيس اللجنة المنظمة لبطولة الغوص الحر حمد الرحومي، إن نظام البطولة هذا العام قد حقق مكاسب مهمة على مستوى ضمان تحقيق الهدف من إطلاقها بالأساس وهو العمل على تعميق نشر جانب مهم من جوانب الموروث الإماراتي وهو الغوص الحر، مضيفاً أن «الأرقام التي انتهت إليها تؤشر إلى تطورها على المستوى الفني لا سيما بعد اتباع آلية الفصل بين الفئتين الهواة والمحترفين».
واعتبر الرحومي أن «المشاركة هذا العام كانت جيدة قياساً بالأرقام المحققة في الدورة الماضية، مشيداً بشكل خاص بالتحول المحوري في البطولة وهو تقسيمها إلى فئتين، واحدة للمتنافسين من دول مجلس التعاون الخليجي، وأخرى للمحترفين تستوعب كل المشاركات».
وأضاف أن هذه الخطوة ساعدت في رصد أرقام محلية وأخرى عالمية، خصوصاً في ظل وجود أرقام احترافية عالمية، مشيراً إلى أن هذا الإجراء من شأنه أن يحفز المشاركة والتنافسية الخليجية على نحو مطرد.
وأكد أن تراث الغوص الإماراتي والخليجي الذي تعتمده بطولة فزاع للغوص الحر يرتكز على مقومات عدة، منها الحبل الذي يمسك به الغواص، لإعطاء إشارة لمرافقيه أعلى سطح الماء تفيد التوصل معه مفضلاً عدم الاستعانة بأدوات الغوص الحديثة مثل ملابس الغوص والساعة الرقمية وغير ذلك، في الوقت الذي تتوافر في البطولة كل عناصر الأمن والسلامة من خلال عناصر الضفادع البشرية التابعة لشرطة دبي الذين يرافقون المتسابقين خطوة بخطوة تحت سطح الماء، فضلاً عن طواقم الإسعاف والطوارئ تحسباً لأي عارض، مشيراً إلى أن نقل البطولة الى المجمع الجديد ساعد المتنافسين على تحقيق ارقام قياسية لم تحقق من قبل، وذلك لتحييد تأثير الرياح وحرارة الجو التي تسيطر على السباقات المناظرة التي كانت تقام على شواطئ الخليج العربي.
وقال مدير إدارة بطولات فزاع التراثية بمكتب سمو ولي عهد دبي، عبد الله حمدان بن دلموك، إن «البطولة هذا العام حفلت بالمزيد من الندية والإثارة سواء في فئة الهواة أو المحترفين، مشيراً إلى أن الملاحظ هذا العام أن عدداً كبيراً من المشاركين الهواة قد قاموا بالاستعداد الجيد للمنافسة، وهو ما انعكس على ارتفاع المستوى الفني للتصفيات».
واعتبر بن دلموك أن «بطولة فزاع للغوص الحر» رسخت مكانها بطولةً ذات طابع عالمي تحمل قيمة تراثية، منوها بعدم واقعية المقارنة بين الأرقام التي تتحقق عبر طرق الغوص الشائعة حالياً في المسابقات الأولمبية بواسطة الطفو، والغوص الحر الذي يتم في ظروف أكثر صعوبة عن طريق النزول إلى مسافات أكثر عمقاً في ظل التخلي عن ملابس وأدوات الغوص المساعدة.