بترتيب منمّق وحضور ثقافي وفني مميز، وقّع الأمين العام لجائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير الضوئي، أول من أمس، إصداره الأول، ولكن بصفته الفنية هذه المرة، باعتباره واحداً من أنشط المصورين الفوتوغرافيين الذين تخصصوا في التصوير تحت الماء، في السنوات الأخيرة.
نصيحة «الناشر»رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، حول طبيعة الخطوة المقبلة التي قد يعتزم الأمين العام لجائزة حمدان بن محمد للتصوير الضوئي، الإقدام عليها على صعيد ابداعه الشخصي في عوالم التصوير تحت الماء، قال بن ثالث: «إنه قد يعتمد نصيحة (الناشر)، الذي اقترح عليه التمهل، ومنح عشاق الصورة البحرية من استغراق تجربته في الإصدار الأول قبل الإقدام على تاليها».
وتابع: «الإصدار المطبوع يمثل بالنسبة لي نفساً آخر، ومحاولة مختلفة أدعو فيها من يلامس صفحاته إلى الغوص سوياً، لأن لا شيء بإمكانه استدعاء المشاهد المتفرّدة التي يزخر بها عوالم ما تحت الماء، سوى الصورة ذاتها». لكن بن ثالث أكّد في المقابل أن «الاحتفاء والحضور المميز الذي لقيه الإصدار الأول، قد يكون في المقابل دافعاً لمزيد من التجارب التي تسعى إلى تكريس حضور عوالم التصوير تحت الماء، وإتاحة الفرصة لأن يكون حاضراً باعتباره رسول أعماق البحار في فضاءات اليابسة، سواء عن طريق المعارض، أو الإصدارات المختلفة». «بين مكانين» لم يستوعب حدث توقيع الكتاب، وافتتاح المعرض المصاحب له، موقعاً واحداً في القاعة المخصصة لاستضافة الفعاليات المهمة في ركن الأزياء بـ«دبي مول»، وكان على الحضور الذهاب إلى دور مغاير، والوصول إلى موقع المعرض الذي اختير ليكون مواجهاً للنسخة الطبيعية المصغرة التي يحتفظ بها «دبي مول» لعوالم الكائنات البحرية في «الأكواريوم». وفي الوقت الذي فرض فيه حدث توقيع الكتاب حضوراً رسمياً اقتصر على حاملي بطاقات الدخول إلى القاعة، فإن الجمهور الذي تصادف وجوده في محيط «الأكواريوم»، كان على موعد مع تجربة فنية مختلفة تمتد لتستوعب العشرات من رحلات الغوص حول العالم. |
المعرض المصاحب لتوقيع الكتاب، كان بمثابة حكاية أخرى، لم يتحدث فيها بن ثالث، على غرار حدث توقيع الكتاب، بقدر ما روت الأعمال عن قصص تتعلق بجماليات وألق البيئة البحرية، وأسرار عالم ما تحت الماء، عبر تجارب شديدة التنوّع، سواء في ما يتعلق بالمحتوى، أو مكان وزمان قيام بن ثالث بمعايشة ورصد هذه البانورامية من التجارب.
طبيعة الحضور الرسمي والثقافي كان بمثابة رسالة أخرى، بأن فن التصوير الضوئي عموماً، يمر بمرحلة انتقالية محلياً يتجه فيها نحو مزيد من الشغف والاهتمام، فبعد 48 ساعة من معرض وتوقيع كتاب «زنجبار الجميلة» للأديب محمد المر، تتابع الفعاليات الثقافية حدث آخر في سياق ذات الفن، ولكن بالابتعاد عن اليابسة هذه المرة، وصولاً إلى «الأعماق»، تحت الماء، عبر تجربة بن ثالث، التي تجيء أيضاً موثقة بإصدار مميز، يصاحبه معرض مفتوح، وكلا الحدثين شهدا حضور المر وبن ثالث، على نحو تناوبا فيه موقعي «المبدع» و«المتلقي».
وفي القاعة المخصصة لاستضافة الأحداث المهمة، في ركن الأزياء بـ«دبي مول» استهل بن ثالث مراسم توقيع الكتاب، حيث تحدث بشكل مكثف عن بدايات تعلقه بالتصوير عموماً، في عام 1994، قبل أن يتحوّل هذا التعلق، بشغف خاص بالتصوير البحري بدءاً من عام 2004.
البداية كما يرويها بن ثالث، كانت مع مياه الخليج العربي انطلاقاً من شاطئ منطقة الجميرا، حيث يقطن على بُعد أمتار قليلة، لكن المحرك والمحفز الرئيس لم يكن مصادفة مكان «النشأة»، حسب بن ثالث، الذي يشير إلى استلهامه حكايات الوالد عن الغوص والبحر، والصيد وغرائب الأسماك، وعجائب صنع الله التي يخبئها البحر في أعماقه، لتكون تلك الحكايات بمثابة المشوّق باتجاه تجربة ممتدة له، ستأتي لاحقاً.
واستدعى بن ثالث أيضاً مرحلة كان يُكبّد الأسرة ميزانية مرهقة، من أجل حصوله على أدوات التصوير التي تساعده في إرواء شغفه بالتصوير البحري، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن المحيطين به أسرياً، اقتنعوا في ما بعد بأن هذا العبء المالي، والاقتتاع الوقتي، من مرحلة كان يتلمس فيها بداية حياته العملية، لم يذهبا ثدى.
ورداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم» حول صور الكتاب، قال بن ثالث: «إن الإصدار يتضمن 188 صورة، هي مخاض لبعض من تجارب الغوص تحت الماء قادته لعشرات الدول، لكنه استعرض من بينها على الشاشة الموجهة للحضور خمس صور، قال إنها تحمل شغفاً خاصاً بالنسبة له، أحدها في أعماق مياه الهند، يرصد فيها مغامرة غوص مثيرة لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الذي أكّد أن سموّه كان الداعم الأكبر لاستمراره في هذه الهواية، التي يحيط بها الكثير من الصعوبات، قبل أن يتمثل الاشتراطات الاحترافية لفن التصوير الفوتوغرافي تحت الماء».
واستغرق بن ثالث وقتاً قصيراً في التوقيع على بعض النسخ، واعداً الحضور بمزيد من التوقيعات، بعد أن افتتاح المعرض المصاحب، حيث كان على الجميع الانتقال إلى مرحلة أخرى في مواجهة حوض الكائنات البحرية العملاق «الأكواريوم»، من أجل افتتاح المعرض المصاحب، الذي كان بمثابة إبحار آخر، ولكن ليس بين دفتي إصدار ورقي هذه المرة، بل من خلال نماذج للأعمال، صيغت على نحو مبتكر، من خلال لقطات معروضة وكأنها شاشات بلازما متعددة، بحيث تأخذ روّادها في ما يشبه رحلة الغوص البحري، ولكن هذه المرة في عشرات المواقع الملهمة في قارات العالم الست التي يحتاج إلى استقصائها فعلياً تجربة تمتد لأكثر من 10 سنوات، بشرط أن يكون صاحبها متمتعاً بمهاراتي «الغوص» و«التصوير الفوتوغرافي تحت الماء»، على النحو الذي تعكسه تجربة بن ثالث.