سفير التراث اللامادي أسامة سلوادي
– بقلم : فريد ظفور
لايختلف اثنان في أن للإعلام المعاصر آثار سلبية وإيجابية على الفرد والمجتمع والدول..ولعل أهمها أنه وسيلة لإكساب الأفراد الخبرات والتعلم سواء تم بالمجتمع الواحد أو بالمجتمعات المتعددة ..ومن المؤكد أن اكتساب هذه الخبرات خطوة ضرورية لتنمية قدرات الأفراد ومهاراتهم في التفكير البناء الهادف ومع ذلك يرصد الباحثون والمهتمون والمصورون تلك الآثار السلبية للإعلام من تعاطي المخدرات وإنتشار أفعال العنف ..وغيرها
من هنا نصل ضالتنا في الحديث عن الفلكلور وعلاقته الحميمة بالفنون المعاصرة فهو يتداخل مع فن الإعلام بالتسلل الى قنوات الإتصال الجماهيري المقروءة والمسموعة والمرئية إما بصورته الأصلية أو بالظاهرة الفلكلورية أو الإقتباس لعناصر منها ضمن برامج ومواقع ألكترونية من أجل إمتاع المشاهد وشد انتباهه أو للتعبير عن هموم وهوية المجتمع…. ويتفرع المأثور الشعبي أو التراث اللامادي مع فنون الأدب كالشعر والقصة والرواية وغيرها من أنماط الإبداع ..ويشكل دوراً مهماً وفاعلاً في صناعة وصياغة الفنون بإتجاه العديد من الفنانين نحو استلهام المأثور والموروث الشعبي من حكايات وأساطير وخرافات وأغاني وعادات وتقاليد وكافة المظاهر الشعبية المادية واللامادية ..من رقصات ودبكات ومسرحيات وفنون موسيقية وزجل وميجنا وعتابا وغيرها..
يقول الباحث الأمريكي دونالد بيرد : انه قد حان الوقت ليعمل باحثو و مصوروا الفلكلور على توسيع حقل إكتشافاتهم للمادة الشعبية إلى مدى أبعد من الجمع الحقلي والسعي نحو استخلاص مادة دراستهم مما اختلط من الثقافة الجماهيرية في عصر أصبح فيه كل من الفلكلور والثقافة الشائعة عرضة للتأثر والتأثير بعضها ببعض ..وباتت الحاجة لمعاجم وتصانيف ونظريات أمر ضروري في علم الفلكلور لرصد التفاعل المستمر بين الحقلين..وهناك عوامل التأثير والتأثر بين الثقافة الشعبية والثقافة الجماهيرية..والتي تصاعدت بعصرنا نتيجة عاملين أساسيين هما – اتجاهات الدراسات الفلكلورية المعاصرة نحو التواصل الجماهيري – وأثر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي الواضح في حياتنا المعاصرة..
والبعض يرى بأن وسائل الإتصال الجماهيري ظاهرة فعالة تمنح الإنسان شعوراً بالإنتماء والروح المعنوية العالية..من خلال الهروب المؤقت من الواقع الشاق..والأطفال أكثر من يتأثرون بأبطال أفلام الكرتون والرسوم المتحركة ومسرح الطفل ويقلدون هؤلاء الأبطال في سلوكهم وممارستهم..ثم ينطبق واقع الحال على جيل المراهقين من الجنسين الذين يقلدون مطربيهم وفنانيهم باللباس والمأكل وفي كل تصرفاتهم..
ويلعب مدى أصالة المادة الشعبية في وسائل الإعلام ..لأن المادة الفلكلورية الشعبية تعتبر حدث يتفاعل فيه الإبداع والمبدع والجمهور المتلقي الذي لا يقتصر دوره على الإستماع والنظر بل يتجاوز ذلك الى المشاركة الفعلية في الأداء من خلال ترديد وتقليد وإصدار إشارات وصيحات وردات فعل تعبر عن الإستهجان أو الإستحسان..
وعلى الرغم من إدراك الباحثين بأن الثقافة الجماهيرية هي إبداع واعي يعبر عن ذاتية المؤلف المصور السلوادي ..كما أن الثقافة الشعبية إبداع غير واعي يعكس وجدان الأمة فإنهم لم يهملوا دور الفلكلور في صياغة مكونات الثقافة الجماهيرية ..
في الحقيقة اعتمد الفنان أسامة السلوادي على مفاهيم كثيرة هي نتيجة خبرات خاصة وتجارب ضوئية مستوعبة بنضج وممارسة عملية طويلة خلاقة فمن التركيز على قيم تراثنا في بلاد الشام وفلسطين حصراً والتي تؤرشف وتوثق التراث اللامادي ..ومن مفاهيم الإبتداء بتصوير الطبيعة والبورترية والتصوير الصحفي الذي دفع ثمنه غالياً ..أقعده على كرسيه ..ليعلن حربه ضد السرقات اللامحدودة للتراث والآثار المادية وحتى اللامادية من هنا يأتي دور السلوادي الراعي للقضية التوثيقية الفلسطينية من براثن النهب والسرقة والتعدي من قبل الصهاينة ليلاً ونهاراً..وأعماله وكتبه هي خلاصة تغهم واع للتصوير والتوثيق وناتج عن شخصية فنية واضحة الملامح واثقة وأصيلة وغنية بثقافتها الضوئية والتراثية للمنطقة العربية.. وقد عمل ويعمل بكل إخلاص لخلق توثيق عربي أصيل وحديث يحافظ على موروثنا التراثي الغزير والواسع ..
أعمال السلوادي تحاكي العين المعاصرة بشكل مباشر ويشمل على وجهات نظر شخصية اعتمدت على جولات ميدانية ولقاءات مباشرة قام بها مع أناس لازالوا على قيد الحياة طامحاً الى تكوين نظرة تعليلية وبرؤية تشكيلية يحاول الإشارة الى بعضها بالأزياء والحلي وغيرها وهي غالباً ماتصادفنا ملحفة بغموض يلفحنا بتساؤلات عديدة نغلق الباب عليها ..وهذه المظاهر والرؤى تزخر بها الأرياف والمدن الفلسطينية وتعج بها عادات وذكريات أبناء هذا المجتمع..
وكما يقول الدكتور هشام صفدي : إن الشعب الذي يكون فترة صحيحة عن ماضي بلاده يمكنه بدوره أن يصوغ صورة مستقبلها..
وإذا عرفنا بأن التراث هو مجموعة من القيم الفكرية والمعتقدات التي آمنت بها الجماعة وانعكست تأثيراتها وترسخت في وجدان الأمة وترسخها محفوفاً بالقداسة ونسميه بالأعراف ويصعب الفصل أحياناً بين العرف والقيم الروحية التي آمنت بها الجماعة.. وهذا الإرث الحضاري واللامادي تزخر به بلاد الشام وقد أفادت منه الحضارات الأخرى فكان كالعطر ينتشر ومثل ضوء الشمس الذي يتفاعل مع بحر الحياة العظيم على أشكال ومظاهر متعددة ..
والحقيقة أن الإنسان منذ استوطن الكهوف وعيشه المشترك ضمن الجماعة ..كان دوماً حريصاً على ترسيخ معتقداته وتسجيل مأثوراته الغريزية والتي لازالت تسري وتنتشر في أوساطنا الشعبية من عادات وتقاليد ومثل وأعراف وأزياء ..بالرغم من انتشار العلوم وتقدم التكنلوجيا وتطور الحقب والوصول الى عصر الأتمته والأنترنت والمكننة وتطويع النترون والألكترون للأغراض النفعية واستخدامات الإنسان للأشعة الليزرية في أغراض متعددة من متطلبات حياته ..لم يفت كل ذلك من رسوخ المعتقد في ضمير الفرد والجماعة رسوخ نقش على حجر بازلتي متين..
وبذلك تكون كتب وصور السلواي شوكة في حلق المستعمر ورصاصة في نعش سرقة التراث الماي واللامادي ..وهكذا رفع الراية وأعلنها حرباً على المغتصب ورفع البطاقة الحمراء في وجهه في مباراة وصراع التحدي بين الوجود أو الىوجود..
بوركت سواعد السلوادي وكل الذين يوثقون تراثنا المادي ويحافظون علية وينشرونه ليتعرف عليه جيل المستقبل..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعماله وكتبه
صدر للسلوادي تسعة كتب والعاشر قيد الطباعة زينة الكنعانيات
وهي:
- “المرأة الفلسطينية عطاء وإبداع” سنة 1999
- “ها نحن” سنة 2005
- كتاب ” فلسطين … كيف الحال ” سنة 2008.
- كتاب “الحصار” سنة 2008
- كتاب “القدس” سنة 2010
- كتاب “ملكات الحرير” سنة 2012.
- كتاب “بوح الحجارة” سنة 2014
- كتاب “الختيار” سنة 2014 يتضمن صور بورتريه للرئيس الراحل ياسر عرفات.
- كتاب “أرض الورد”، يتضمن صوراً لأزهار فلسطين البرية.[7]
نشرت صورالسلوادي في كبريات الصحف والمجلات العالمية خلال فترة عمله مثل مجلة ناشيونال جيوغرافيك ومجلة التايم ونيوزويك. أقام سلوادي العديد من المعارض محلياً وعالمياً حيث عرض في فلسطين والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.