فوتوغرافيا
Saad Hashmi | HIPA
حينما يقول المصور: لستُ فنّاناً !
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي
عندما توافق مصوّرة تبلغ من العمر 92 عاماً على تسليط الضوء على تجربتها الحياتية والفنية الممزوجة بالضوء والتي تتجاوز العقود الستة، يكتنفك الفضول وتسيطر عليك أجواء التشويق، فاسمٌ كـ”سابين فايس” لا يجود به التاريخ كثيراً !
هي مصوّرة سويسرية الأصل فرنسية الجنسية منحازة لحقوق المرأة ومتصادمة مع التصنيفات والتنظيرات الفنية، ترى أنّ أيّ صورةٍ بسيطة ومؤثّرة هي صورة ناجحة في أداء دورها. لدى سابين أيضاً مهارة خاصة في الحفاظ على الأشياء، فقد حوّلت العديد من ذكرياتها القديمة إلى لوحاتٍ وتُحفٍ حفاظاً عليها من التلف، كعلب سردينٍ قديمة وأمشاطٍ أثرية ، ما يُعدّ سلوكاً فنياً فريداً في جمالية التعامل مع الزمن والإنتاجية الفنية المبسّطة.
منزلها هو ذاته ورشتها منذ 46 عاماً، وقد حوّلته بنجاحٍ لمتحفٍ دافئ يعجّ بالروائع التي تحكي سيرتها بشغف، وعلى جدران المنزل تنتشر مجموعة كبيرة من الصور واللوحات جميعها تخلو من توقيعها. خلال إبحارها في دفاتر الذكريات تروي أنها كانت تتجوّل في أسواق باريس لتصوّر المتاجر وكانت في بعض الأحيان تقدّم للجزّار صورةً مقابل شريحة اللحم ! تقول: عام 1946 كان الناس سعداء في باريس بنهاية الحرب، لم يكن لدينا الكثير من المال لكن أغلب وقتنا خارج المنزل ونتناول طعامنا هناك أيضاً، كانت حياتنا طبيعية وتعاملي مع التصوير طبيعياً أيضاً، كان المصورون الرجال يطلبون مني الابتعاد قائلين”دعي المصورين يقومون بعملهم” وكنتُ أكملُ عملي بهدوء ولا أسمح لهم بإزعاجي ! لم أكن فتاة وقحة أو انفعالية بل طبيعية جداً.
من القيم التي تؤمن بها سابين، أن التصوير ليس فنّاً .. بل مهنةٌ ميدانية تخدم من يخدمها ويتعب من أجلها، وأن التفكير العمليّ أساس النجاح فيه وليس النظريات.
عاشت سابين لحظاتٍ سعيدة، منها لقاؤها بالمصور الشهير “روبرت دوازنو” الذي استهواه عملها كثيراً وبفضل دعمه لها استطاعت الحصول على عقد شراكة مع مجلة Vogue ومن ثم عملت في وكالة رافو Rapho وتُعتبر “سابين فايس” الممثلة الأخيرة لما يُعرف بـ “المدرسة الإنسانية” التي يُجسّدها “روبرت دوازنو” و “ويلي رونيس” و “ايدوارد بوبا”، وقد وافَقَت مؤخراً على عرض حوالي 130 صورة وفلم ووثيقة من أهم نتاجات حياتها الفنية في معرضٍ خاص باسم “عدة عوالم” في أحد متاحف سويسرا.
فلاش
التاريخ منجمٌ معرفيّ لا ينضب .. من يجيد قراءته يختصر المستقبل