رحيل التشكيلي الطاهر الأمين المغربي
توفي الفنان التشكيلي الليبي الطاهر الأمين المغربي، الاثنين، بعد صراع مع مرض السرطان، والراحل هو أحد مؤسسي «نادي الرسامين» بطرابلس ومن مؤسسي «دائرة الفنون التشكيلية» بوزارة الثقافة.
فبعد أن درس المغربي في إيطاليا في منتصف الستينيات من اقلرن الماضي، عاد إلى الوطن ليشارك في تأسيس عدد من الكيانات الثقافية ومنها «دائرة الفنون التشكيلية» التي نظمت العديد من المعارض، وكان له اهتمامات بفن التصوير الفوتوغرافي فأنتج العديد من الأعمال، ونظم العديد من المناشط والمعارض الفردية والمشاركات الداخلية والخارجية ولم ينقطع عن العمل الفني منذ أن احترفه لأكثر من خمسة عقود.
وكتب عنه التشكيلي عدنان بشير معيتيق في مجلة «القدس العربي»: «يستدعي الفنان مفردات لوحاته من الذاكرة الشعبية، الحياة اليومية، الأسواق، الوجوه، الأزياء الشعبية، الأبنية وشاطئ البحر، الأرياف والحقول والجنوب الليبي الجميل بمزارعه المختبئة بين لفيف النخيل وواحاته المتأنقة بين أشجاره اليافعة وجداول الماء والعلاقة بين حمرة الأرض وخضرتها وما يكسوهما من زرقة عميقة بسمائها الصافية وهو يتأرجح بكل يسر بين عالمين عالم المدن وعالم الأرياف وعلاقته المتينة التي تكونت فيهما. فالفنان من منطقة فران الشاطئ وأقام بمدينة طرابلس ودرس الفن التشكيلي بروما ايطاليا.
لوحات الأرض والحياة البسيطة في الأرياف لا تعبر عن هذا العالم أو تلك بقدر ما تعبر عن عالم لم يعد موجودا إلا في ذاكرتنا تقريبا وابتعاد البقية عنه بسبب مد البترول والحياة الحديثة الملوثة بكل المظاهر السلبية ، فيصبح عمله بمثابة ومضات تنشط ذاكرة الأجيال في منظومة بصرية معرفية تصبح ذاكرة للوطن يرجع إليها الجميع الكل حسب حاجته الفنية والثقافية».
وأضاف: «من هنا أيضا كان الطاهر الأمين المغربي يراعي التطور الذي أصاب فن الرسم منذ بدايات القرن العشرين وصولًا إلى أخر مدارسه، ويراعي تطور عين المتفرج الجيد، فكانت أعماله رغم وضوح ملامح أشكالها واقترابها من الناس في خطابه وطرحه، إلا انه ينتهج آخر ما توصل إليه التعبيريين في تلك الفترات وما أنتجتها مختبراتهم الفنية من خلاصة في المعالجات الفنية الحديثة السائدة في أوروبا وأمريكا اللاتينية كالمدرسة الاجتماعي الأشهر في هذه البلدان».
أما الدكتور عياد هاشم فقدم قراءات نقدية في الفن التشكيلي الليبي والتي تحدث فيها عن الراحل الفنان الطاهر المغربي فقال: «طاهر المغربي هو (ديغوا ريفيرا) العربي الليبي الذي جاء من أقار بالشاطئ من منطقة فزان الكبرى واستقر بطرابلس منذ زمن طويل في التزام وفياً للتعبيرية الواقعية الاجتماعية كما كان ريفيرا. فناننا لم يكن انطباعيًا في أعماله التشكيلية هذه فهو أبعد مما وقعت فيه الانطباعية من عجز عن الغوص في أغوار الجوانب الجوهرية في الحياة وافتقارها للمشاعر الإنسانية وقضاياها الأساسية ، وقبعت في دائرة الترديد ألا متناهي للتأثيرات الجوية والمناخية وانحصرت أعمالها في الإدراك الحسي الذاتي ولم تتعداه».
وتابع: «المغربي يؤمن بالتجربة والممارسة المستمرة فهو يكون بذلك فنانا مبتكرا مبدعا بأسلوب أكثر قرباً من واقع مجتمعه ، فينسج خطوطه وأشكاله وألوانه من واقع الحياة المعاش للبيئة الصحراوية وما تحمله من طبيعة سمراء تتباين فيها العناصر التشكيلية بين الدفء والبرودة ـ الحركة والسكون ـ النخيل والزيتون ـ الرمان والتمور ـ الإنسان والجمل ـ المرأة والرجل ـ النور والظلمة ـ الشروق والغروب . فتحية لهذا الفنان الرائد المبدع».
ولد المعربي في 1941 بقرية أقار الشاطئ بمدينة فزان، وحصل على ليسانس الفنون الجميلة قسم الرسم من أكاديمية روما للفنون الجميلة 1965، وهو عضو مؤسس لاتحاد الفنانين التشكيليين العرب سنة 1971، وعضو الأمانة العامة للاتحاد، و شارك ونظم عدة معارض بليبيا والدول العربية والأجنبية منذ عام 1960، وعمل رئيسًا لوحدة الفنون التشكيلية لبلدية طرابلس.