جماعة الفن والحرية .. الإنشقاق، الحرب والسيريالية (2 / 5)
في لوحة إنجي أفلاطون ‘فتاة ووحش’ نجدها تقدم عناصرها ككومات من أشلاء منصهرة تشكلت من ألسنة اللهب ذات الألوان النحاسية.
ميدل ايست أونلاين
بقلم: د. أمل نصر
صوت المدافع
اعتمد تقسيم المعرض وتسلسل خطة العرض ومفهومه على تقديم الموضوعات الاجتماعية والفلسفية والثورية والنفسية التي طرحها فنانو السيريالية، وكل قاعة تحمل عنوانا مستوحى من مفاهيم الجماعة أو مقولاتها الشهيرة ، وجاء التقسيم كالتالي : الثورة الدائمة، صوت المدافع، الأجسام المقطعة، امرأة المدينة، الواقعية اللاموضوعية، جماعة الفن المعاصر، التصوير الفوتوغرافي والعبث بالقدسيات، الرسم الصحفي، علاقة الفن بالأدب.
قاعة العرض التالية لقاعة “الثورة الدائمة” تحمل عنوان “صوت المدافع” الذي كان شعار أول كتالوج لمعرض الفن الحر وقد تم ذكره في أعداد “المجلة الجديدة” التي ترأس تحريرها الفنان رمسيس يونان، وفيها العديد من الأشعار السريالية عن الحرب مثل “إنهم يصنعون الموت”، ورسوم كاريكاتورية ضد النازية وضد هتلر، كذلك ضم العرض لقطات من الصحف المصرية تظهر فيها حركات ثورية مثل جماعة “القمصان الزرقاء” تطوف شوارع القاهرة، وهي حركات ضد الحرية ومع الفاشية.
يضاف إلى ذلك تقديم فيلم لعرض عسكري في أحد شوارع القاهرة، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق مثل أعداد “دون كيشوت”، ومجلة “التطور” التي وثقت معارض الجماعة التي نظمّها جورج حنين خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. تتضمن هذه القاعة أعمال لإنجي أفلاطون ومايو وراتب صديق وإيمي نمر ورمسيس يونان وسمير رافع. اتسمت الأعمال بسمة تراجيديا واضحة الحضور.
ففي لوحة إنجي أفلاطون “فتاة ووحش” على سبيل المثال نجدها تقدم عناصرها ككومات من أشلاء منصهرة تشكلت من ألسنة اللهب ذات الألوان النحاسية، وهي تتحرك في فضاء سديمي تتحد فيه الأرض بالأفق بالسماء وقد تحرك فيه ما يشبه الصواعق أو الشهب التي تتحرك في الفراغ فلا نستطيع أن نمسك بزمان أو مكان محدد وكأنها تضفي حضوراً كونيا مبهماً على مفردات عملها مع توفير أعلى درجة من التمزق والمبالغة في تفعيل الأثر التراجيدي للعمل وتصدير إحساسا بالخوف للمتلقي المشارك في نفس المحنة: محنة الحرب.
ويذكرنا هذا العمل ببعض أشعار جورج حنين التي تأثرت بها إنجي مثل قصيدة “المرأة الداخلية” من ترجمة انطوان جوكي يقول فيها:
جميلة ..
مثل صاعقة تتوقف في منتصف السماء..
لتختار شجرتها..
مجهولة..
قريبة إلى حد تثير فيه الخوف ..”
وأيضا قصيدة “لامبررات الوجود”:
أيتها الأحياء التي خرجت من ليل الحديد ناراً ..
فلتواصل صفارتك الحادة صراخها..
حتى تصاب بالصمم آذان الزمن ..
(ترجمة: أنور كامل وبشير السباعي).
د. أمل نصر ـ أستاذ ورئيس قسم التصوير ـ كلية الفنون الجميلة ـ جامعة الإسكندرية