المعالجة الرقمية للصور .. تثير الجدل في أوساط الفوتوغرافيين
عمر عبدالعزيز : الأولوية في التصوير استخدام الإعدادات الصحيحة والالتقاط المتقن
لقاء – سلافة الفريح :
تثير المعالجة الأليكترونية للصور الفوتوغرافية الكثير من الجدل في أوساط الفوتوغرافيين ، فما بين المحافظ والمعتدل والمحترف والمغرق في المعالجة يختلفون ويتفقون ؛ فالمحافظ يرفض تماما التدخل في الصورة بأي شكل ويعتبرها ضعفا في إمكانيات المصور، والمعتدل يرى أن المعالجة يجب أن لا تتجاوز التشبع اللوني والحدة والرتوش الطفيفة ، والمحترف يتخذ من المعالجة أداة فنية لإخراج الصورة كلوحة ساحرة تخطف الأنظار وتسلب الألباب ، أما المغرق في المعالجة فهو يخرجها عن نطاق الصورة إلى روح الفنتازيا ومداعبة الخيال واستفزاز الفكر كما في الفن المفاهيمي والديجيتال آرت فتحذو حذو أفلام الخيال العلمي الذي له جمهوره ومحبوه .. فماذا يقول الفنان عمر عبدالعزيز الملقب ب “رفيع المقام” أستاذ المعالجة والفن المفاهيمي والمشرف على القسم العربي في الموقع العالمي الديفيانت آرت deviantArt ..
المصور الفوتوغرافي كالفنان التشكيلي هدفه إخراج لوحة فنية تمتع المتلقي
الفوتوشوب أداة مهمة من أدوات التصوير الفوتوغرافي لجعل الصورة أكثر جمالًا وإشراقاً
يبدأ رفيع المقام بالتنبيه إلى قضية مهمة بقوله : إن التصوير الصحفي حالة خاصة فلايصح التلاعب بالصورة عن طريق المعالجة أو التجميل والتحسين لأن المتلقي يطلب المصداقية الكاملة في الصورة التي تعبر عن الحدث كما حدث ، بعكس الفنون الأخرى .. ونحن لا نتعامل مع الصورة كقاعدة ثابتة لايمكن المساس بها بل من المهم أن تخرجها كلوحة فنية بغض النظر عن استخداماتك.
وما يجب أن نعرفه عن المعالجة الرقمية للصور الفوتوغرافية أنها مشابهة تماماً للمسات الأخيرة التي يضعها الفنان التشكيلي والرسام والشاعر وحتى الموسيقار ، فهي لمسات أخيرة ما بين وضوح الصورة وتحسين الألوان وإخفاء الشوائب غير المرغوب فيها، فاللوحة الفوتوغرافية الفنية للمناظر الطبيعية والصور التخليقية والبورتريه كلها فنون ينبغي لنا أن ننظر لها من منظور إمتاعي يكمل متعته وغموضه المعالجة الرقمية.
ثم يضرب عبدالعزيز مثلا حيا يقارن فيه التصوير الفوتوغرافي بالفن التشكيلي بقوله : آلة التصوير مثل فرشاة الرسام فالفنان التشكيلي لا يثبت على القلم بل يستخدم فرشاته والألوان بالإضافة إلى خامات أخرى ( كالفحم ، برادة النحاس ، الفضة ، الرماد ، القماش أحيانا … إلخ ) للخروج بأجمل لوحة ، ونحن المصورين كذلك نستخدم الكاميرا والعدسات وأنواع الفلاتر ويعتبر الفوتوشوب أيضا أداة من أدوات المصور الفوتوغرافي الفنان وليس “المصور الصحفي” .وينبغي ألا ننظر للمعالجة على أنها دخيلة على التصوير بل قد استخدمت المعالجة منذ عقود طويلة مضت في الدارك روم في عهد التحميض الفلمي.
ويستطرد : وكما نشتري عدسة وايد أنغل لتصوير الطبيعة تعمل على الفوتوشوب لتجميل النواقص في الصورة، ولكن الأولوية في التصوير أن تهتم بإعدادات التصوير والالتقاط المتقن دون التفكير بتعديل الأخطاء بالفوتوشوب لاحقا، مع أن هناك فنانين يصورون الصورة أساسا بغرض المعالجة مثل الفن المفاهيمي والتخليقي والديجيتال آرت وهذا فن يطول الحديث عنه. وأنا أرى أن المعالجة مسألة اختيارية ليست إجبارية وإنما المطلوب أن تقدم صورة جميلة تستوقف الإحساس وتمتع النظر مهما تكن استخداماتك. وقد أصبح الكثير من المصورين يتفننون بإضافة اللمسات اللونية والفنية للصورة لتكون أكثر جمالاً وإشراقاً..
محاضرة تعليمية عن أصول المعالجة الرقمية :
في هذه الصفحة سأتحدث عن بعض النقاط المهمة للمعالجة والتي تساعد المصور في إخراج صورة جيدة تضاهي صور المحترفين:
1- دائماً عندما تبدأ بعمليات المعالجة ، قم بتقسيم الصورة تقسيماً وهمياً لكنه محددا ، بمعنى أن تقوم بتقسيم العناصر الأساسية في الصورة كأن تقسم السماء على حدة والأرض على حدة والأشخاص على حدة ، قسم كل شيء مهم بالصورة وتأكد أنك ستعالج كل قسم على حدة ولكن في إطار الحفاظ على توازن الشكل واللون العام للصورة. بعد ذلك قم بالمعالجة تحت إطار التقسيم وذلك بأداة Polygonal Lasso Tool واختصارها حرف (L) ولكن ذلك يحتاج إلى الدقة في التحديد وأيضا تعديل قيمة PX من 1 إلى 3 كحد أقصى هذه القيمة تجدها في الأعلى.
2- بعد التقسيم تعامل مع الصورة بالمعالجات المعروفة والدارجة لدى المصورين: التشبع اللوني – التعامل مع الألوان – التعامل مع حدة التفاصيل.
بالنسبة للتشبع اللوني:
في البداية ما هو التشبع اللوني؟ وما الأسباب التي تجعله مكملا لجمال الصورة؟
يعتبر التشبع اللوني عاملاً مهمًا لجعل الصورة أكثر إشراقًا ؛ بمعنى إن كنا سنصور المناظر الطبيعية فما يدهشنا كثيراً في صورها هو (الألوان) ..ألوان خضرة الأشجار ، تباين ووضح التدرجات بين الأرض القريبة والبعيدة، زرقة السماء ، كل ذلك يكون رائعاً بعد التعامل مع التشبع اللوني وعكسها هو بهتان الألوان.
قم بالآتي :
افتح صورة جديدة بها مشكلة في التشبع اللوني عن طريق برنامج Photoshop وتأكد أن الصورة فعلاً تحتاج إلى التشبع اللوني.
- من قائمة Image اختر كما تراه في التوضيح
بعد اختيارك لما شرحناه ، سيظهر لك مربع Brightness/Contrast هذا المربع يهتم بالسطوع والتباين وهم ناتج التشبع اللوني في الصورة ما تم تحديده باللون الأخضر يزيد من سطوع الصورة أما ما تم تحديده باللون الأحمر وهو التبابين فهو يزيد من تباين الصورة ، وبالتوافق فيما بينهم يمكنك أن تخرج بصورة مشبعة بالألوان.
صورة عين التمساح تلك كانت قد صُورت من خلف الزجاج وذلك ما جعلها باهتة بهذا الشكل لكن أنظر للصورة بعد تحسين التشبع اللوني.
التعامل مع الألوان:
دائماً ما تكون الألوان هي لذة ونكهة الصورة ، هذا لا يقتصر على ما تعتقد فحتى الألوان الأحادية (الأسود والأبيض) لها دور كبير في إظهار تفاصيل الصورة بل وتحسينها.
في برنامج الفوتوشوب هناك قائمة واحدة فقط وهي إما ان تحسن الصورة او تسيء لها ، من برنامج الفوتوشوب إذهب إلى قائمة Image ثم اختر Adjustments ومن هذا البند اختر Selective Color
سيظهر لك المربع الخاص بالألوان. وفي الأعلى ستجد اللون الأحمر وهو يخص كل شيء لونه أحمر في الصورة ويمكنك من خلاله تحسينه وإذا ضغطت على السهم ستخرج لك عدة ألوان اساسية من خلالها يمكنك معالجة ألوان الصورة، جربها تحت إطار التقسيم للدرس الأول وفتشها وحاول أن تعرف خفاياه ، قم بتجربة كل لون على حده وأنظر إلى النتائج وتعامل معها بشكل بسيط دون مبالغة ولا أخفيك سراً أن احد أسرار تفادي التعريض المزعج في البورتريه هو اللون الأبيض الموجود بين كومة الألوان الموجودة أعلاه.
حدة التفاصيل:
دائماً يتحدث المصورون عن مصطلح وهو (شارب أو شاربن) فتجدهم يتمنون كثيراً بقولهم “تمنيت لو رفعت نسبة الشارب”، ”ليتك لم تبالغ بالشاربن” ، أو “الصورة لم يكن فيها أي شارب” ..الخ شارب هو مصطلح Sharpen يعني حاد أو أكثر وضوحاً .. المقصود بالشارب في الصور الفوتوغرافية لسيت حدة الصورة فحسب إنما حدة التفاصيل بشكل أساسي.
يركز المصورون في تصوير البورتريه مثلا على العين كتطبيق لأحد أهم الإرشادات الفنية ولكن في المقابل البعض يغفل عن مسألة التفاصيل في البورتريه من تعابير وتجاعيد وجروح وتفاصيل الجلد كل ذلك بسبب تركيزه على العين ونسيانه بقية الأجزاء… أنظر إلى الصورة التالية
- اذهب إلى قائمة Filter واختر Sharpen ثم اختر Unsharp Mask
سيظهر لك المربع Unsharp Mask:المربع الأبيض سيكون بمكانه الصورة التي اخترتها لكنك تمتلك 3 قيم مختلفة الآن:
- القيمة الأولى باللون الأحمر اهتمامها ينصب نحو دقة التفاصيل مثل الشعر والجلد والعين.
- القيمة الثانية باللون الأزرق اهتمامها يكون على توافق القيمة الأولى لكن إن بالغت بها قد تسيء إلى صورتك كثيرا…
- القيمة الأخيرة وهي باللون الأخضر تقوم بعملية توازن النقاوة، بمعنى كلما زادت هذه القيمة تقل نسبة الحدة ولكنها في المقابل تساندك في عملية التوازن.
طبّق القيم الحالية على صورة صغيرة الحجم بمقاس 800 بكسل لأطول ضلع ستجد أن صورتك أصبحت حادة بشكل معقول ، أما القيمة المثلى لحجم الصورة الكبيرة هو ( الأحمر: من 60 إلى 100 – الأزرق: 0.9 – الأخضر: صفر)
في النهاية هذه القيم ليست قيماً ثابتة وإنما هي قيم تأتي بحسب رؤيتك الفنية للصورة
التحويل للأحادي ( أسود وأبيض ) :
لكن هناك أمراً يجب أن يعرفه المصور بخصوص التحويل للأحادي ، فهناك طرق مختلفة في التحويل للأحادي :
الأولى للتعامل مع الطباعة والثانية تحويل للعرض على شاشات الكومبيوتر والغالب يعرف طريقة التحويل الأولى وهي عن طريق مربع حوار Hue ولإخراجها قم بالضغط على زر ctrl+U من لوحة المفاتيح وبعدها تقوم بسحب القيمة الوسطى إلى نسبة السالب لسحب الألوان من الصورة كي تصبح أحادية وبعدها تقوم بالتلاعب بالألوان الأحادية عن طريق Selective Color بآخر ثلاثة ألوان الأبيض والرمادي والأسود.
لكن هناك طريقة ثانية تختلف كليا عن الأولى وهي خاصة بالصور الأحادية والتي سيتم طباعتها.
قم بفتح صورة ملونة ، في الأسفل يوجد صندوق القنوات (Channels) ستجد 3 ألوان أحادية الأحمر والأخضر والأزرق وتفقّد كل لون بالضغط عليه و من خلال ذلك يمكنك أن تجد الأفضل بحسب رؤيتك، سنختار اللون الأزرق لهذه الصورة اضغط عليها ليتم تحديدها.
الآن اذهب إلى قائمة Image ثم Mode واختر Multichannel ستتغير الوان الصورة للبرونزي.
هذا التغير ناتج عن تغيير ألوان الفرز في القنوات لذلك أنظر إلى القنوات من جديد ستجد الألوان التالية
cyan – Magenta – yellow وهي السماوي والأرجواني والأصفر وهذه الألوان هي ألوان الفرز CMYK
فحرف Kيعني اللون الأسود وهو الناتج الذي سنحصل عليه في الصورة الأحادية. الآن قم باختيار اللون الأصفر yellow من القنوات.
- اذهب إلى قائمة Image ثم Mode واختر Grayscale ستتحول الصورة إلى اللون الأحادي الذي اخترته ، ولك أن تجرب مع جميع الألوان RGB لتختار الفرز منها CMY بعد ذلك تخرج بنتائج مشابهة. الجدير بالذكر أن الصور التي يتم تحويلها للون الأحادي بهذه الطريقة ، عند طباعتها ستخرج الصورة أحادية اللون ما بين الأسود والأبيض والرمادي أما التحويل عن طريقة Hue فستخرج الصورة بعد الطباعة بألوان قريبة ما بين الأزرق أو الأخضر ، انظر للتوضيح اللوني ويمكنك أن تستنج ذلك بنفسك.
في النهاية يجب أن تكون المعالجة مسألة اختيارية لدى الفنان ، فلا يحق لنا منع الآخرين من المعالجة ولا إجبارهم أيضاً على المعالجة ، يجب أن تكون الأولوية في الصور الفوتوغرافية هو إخراج عمل فني مذهل يضاهي الفنون الأخرى..
وعلينا أن نفرق بين الصور الصحفية والتي تحتاج لمصداقية خبرية والصورة الفنية التي تحتاج للمسات إضافية تخدم العمل الفني.