انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من المجموعات الفوتوغرافية على مواقع التواصل الاجتماعي و على رأسها موقع الفيس بوك و هي بقدر نفعها في انتشار هذا الفن الجميل أدت إلى وجود خلل كبير ناتج عن أن معظم المشرفين في هذه المجموعات من الهواة و محبي هذا الفن لا من الأكاديميين و هنا لا مشكلة في كونهم مشرفين منظمين لعمل هذه المجموعات و لكن تبدأ المشكلة عندما يقومون بعمل تقييمات لهذه الصور و توزيع جوائز افتراضية كصورة اليوم و صورة الشهر و غيرها من الجوائز و هي على الرغم من لطافتها و فائدتها كتشجيع للهواة إلا أنها على الجانب الآخر أصبحت معيارا لدى الهاوي على جودة عمله مما جعل العديد منهم يصلون إلى حد التعجرف في التعامل عند نقد صورهم بشكل علمي مستندين إلى أن أعمالهم تلاقي رواجا و تلقى تهليلا و ترحيبا على هذه المجموعات مما يؤثر سلبا على المستوى الفوتوغرافي العربي كونه في هذه الحالة يتبع الرائج و موضة السوق كما يقال عازفا عن أن يكون فنا مطواعا لأدوات و قواعد صنعت منه أداة تعد الأهم في عصرنا هذا.
في ما يلي من سطور سأسلط الضوء على بعض العناصر التي يجب على من يرغب في النقد أن ينظر إليها في العمل الفوتوغرافي كي يحدد جودته بعيدا عن الإحساس الشخصي بحب هذا العمل أو كرهه أو حتى الانحياز لمصور ما تبعا لاعتبارات شخصية أو غيرها.
1- التعريض:
يجب النظر إلى تعريض الصورة هل هو صحيح أم زائد أم ناقص، و هل استطاع المصور في عمله أن يوزع الأقنية اللونية على المناطق الخمسة ( Black – Shadow – Midtones – Highlight – white ) تبعا لقراءة الهيستوغرام و هل الصورة تتبع التعريض المتوسط أم ( Highkey- Lowkey ) و ذلك لاختلاف توزيع التونات فيها و قراءة الهيستوغرام لها.
2- التوقيت:
هل اختار المصور التوقيت الأنسب لتصوير العمل إن كان يعمل تحت الإضاءة الطبيعية أو المشتركة.
3- الفتحة:
هل اختار المصور الفتحة الأنسب لكي يضمن عمق الميدان الأنسب لعمله.
4- الغالق:
هل اختار المصور سرعة الغالق المناسبة بحيث يضمن تجميد الحركة أو امتدادها حسب موضوعه.
5- الآيزو:
هل استطاع المصور اختيار الآيزو ( حساسية الفلم ) الأنسب للتعريض مع الأخذ بعين الاعتبار الخسارة في الجودة و تشكل التحبب ( Nois ) و تناقص التدرج اللوني.
6- العدسة الملائمة:
هل استطاع المصور أن يختار العدسة الأنسب من حيث الطول البؤري الذي يضمن زاوية رؤية معينة و ضغطا مناسبا للعناصر و تلافي حدوث التشوهات و باقي أمراض العدسة كالتلاشي ( vignette ) أو الانحراف اللوني ( Chromatic aberration ).
7- الضوء:
هل استطاع المصور أن يوظف الضوء الطبيعي في المكان بشكل صحيح من حيث الجهة و الزاوية و الحرارة و النعومة أو القساوة، و هل استطاع الدمج بينه و بين الإضاءة الاصطناعية إن فعل و هل كان اختياره لطبيعة الإضاءة كمستمرة أو وامضة حسنا و هل كانت المعدلات المستخدمة ( سوفت بوكس – شمسية – أوكتا – سنوت … إلخ ) في محلها الصحيح بما يخدم العمل و هل كان توزيعه للإضاءة صحيحا في حال كان يعتمد على الإضاءة الاصطناعية فقط و هل استطاع الوصول إلى التعريض الأمثل بها دون حصول خسارة في التفاصيل على حساب الهايلايت أو الشادو وهل الانعكاسات إن كان العمل المصور ذا سطح عاكس تخدم العمل جماليا دون خسارة تفاصيل فيه.
8- توازن الأبيض:
هل استطاع المصور أن يضبط إعدادات التوازن الأبيض على الكالفن الملائم لنوع الإضاءة التي يصور تحتها بحيث يضمن ألوانا صحيحة بلا انحرافات لونية معممة.
9- نمط الألوان:
هل استطاع المصور اختيار النمط اللوني الأنسب الذي يضمن تباينا لونيا يدعم عمله و هل اختياره للتدرج الرمادي إن اختاره في محله و هل استطاع أن يكون هذه التدرجات بالشكل الأمثل.
10- التباين العام:
هل استطاع المصور تبعا لاختياره لطبيعة الموضوع و المعالجة و التعريض أن يحصل على صورة ذات تباين ( Contrast ) مناسب يخدم العمل.
11- الحدة:
هل استطاع المصور أن يضمن للتفاصيل في عمله حدة أو نعومة تخدم عمله.
12- الكادر:
هل استطاع المصور أن يؤطر عمله بالشكل الأمثل من حيث اختيار الكادر العرضاني أو الطولاني و هل اختار النسبة الباعية الأنسب لطبيعة عمله و هل استطاع توزيع العناصر بشكل صحيح تبعا لقاعدة الأثلاث و نقاط القوة أم كسر هذه القاعدة و هل كسرها بطريقة صحيحة تخدم العمل و هل توزيع العناصر كتليا يؤدي لتوازن ثقل العمل دون انحراف لأحد الجهات ضامنا التوازن بين الفراغ الإيجابي و الفراغ السلبي و هل عدد العناصر في العمل كاف أم أنه زائد أم ناقص و هل اعتمد على القوة البصرية للعنصر لونيا و تركيبيا أم اعتمد على القوة الفيزيائية ضمن ساحة العمل و هل عناصر العمل متناسقة من حيث الشكل و النوع و الطبيعة العامة أم أنها متنافرة و هل نجح في جمع التنافر بما يخدم فكرة العمل و جماليته البصرية و هل الخلفية متناسقة مع العمل أم متنافرة معه و هل خدم التناسق أو التنافر هذا العمل و هل استطاع توظيف الخطوط القائدة في عمله بحيث يقود عين المتلقي إلى نقطة محددة أم لا.
13- اللون:
هل استطاع المصور أن يشمل في الكادر توازنا لونيا صحيحا و أن يرتب العناصر تبعا لحرارتها اللونية و تناسقها من حيث التدرج اللوني و الحراري أم عمد إلى وضع تباينات لونية و هل نجح في جمع هذه التباينات.
14- المعالجة الحاسوبية:
هل استطاع المصور أن يقوم بالمعالجة اللازمة لعمله لإخراجه بالشكل الأمثل أم أن المعالجة زائدة عن الحد أم ناقصة.
15- الفكرة:
هل استطاع المصور أن يوصل لي فكرته أم عجز عن ذلك و هل استخدامه لكل ما سبق أو كسره له خدم فكرته و التعبير عنها أم أنه لم يجد توظيف جميع العناصر كي يصل إلى المتلقي بالشكل الأمثل.
و قد يسألني البعض هل استطعت أن توظف جميع ما ذكرته أعلاه في أعمالك و سأجيب دون تفكير ( لا ) فالكمال لله و لكن السعي للكمال يعد كمالا بحد ذاته و كلما فكر المصور أكثر في عمله قبل أن يضغط زر الغالق كلما استطاع أن يخرج عملا أكثر اكتمالا و قد ينجح في مرات و يفشل في أخرى و لكن مع الممارسة و التفكير و تلقي النقد العلمي و تطبيق التعديلات ستصبح المرات التي لا ينجح فيها المصور في أن يخرج عملا شبه متكامل أقل فأقل حتى يصل يوما إلى ما يكون أقرب للكمال و إن سألت أي مصور ما هي أجمل صورة التقطتها فسيجيب تلك التي لم ألتقطها بعد !! إذ أنه يعي تماما انه في رحلة تطور و شحذ و تهذيب تبدأ في اليوم الذي أمسك فيه كاميرته و لا تنتهي فالعلم لم و لن يتوقف عند حد و مهارة الإنسان كذلك.
ختاما أقول لجميع الزملاء:
تقبلوا النقد الذي يوجهكم نحو نواقص أعمالكم بشكل علمي و أحبوه و اتركوا العناد جانبا، فهو إن أتاكم فقد أتاكم عن حب و غيرة عليكم و لم يكن أحد من الخلق قد خلق كاملا و متعلما بل هي رحلة مستمرة ما استمر الزمن.
و دمتم بكل الود
هيثم فاروق المغربي