41 مصوراً محترفاً ومهتماً جمعهم عشق تفاصيل الشارقة، فحملوا كاميراتهم، وانطلقوا يرصدون مشاهد مختلفة في الإمارة، لتتلاقى أعمالهم في معرض «الشارقة وجهة نظر 2013»، الذي يسجل تفاصيل قد يراها المتلقي عادية أو ربما تقليدية، أو حتى تجريدية، إلا أنها تبرز رؤية المصور الفوتوغرافي، وزاويته المختلفة التي يوثق من خلالها وجوهاً ومشاهد من الحياة اليومية، وكذلك معالم في الشارقة.
مشروعات مصورة قدم المصور شون بليك مشروع اكرسي بلا عنوانب، إذ عمل على مجموعة واسعة من أنماط التصوير، بدءاً من المدرسة القديمة إلى كاميرات السينما، وبواسطة كاميرا ديانا البلاستيكية المجهزة بمعالجة فورية، شارك في المعرض، إذ أعاد استخدام شريطة من سلة المهملات كحزام للكاميرا، ورصد كرسياً أحمر في أماكن متفرقة منها ساحات وأرصفة ومواقف سيارات وباحات رملية. أما المصورة خديجة فكري، فقدمت في عملها حواراً بين الإمارات قبل اكتشاف النفط، والعولمة والمدنية، إذ إنها تجمع الصور المحفوظة في الصحف القديمة للإمارات وصور المناظر الطبيعية التي تعد بمثابة دفاع تاريخي ضد العولمة، في حين تقوم أيضا بتوثيق المباني التي على وشك الهدم. |
بدأ «الشارقة وجهة نظر» استجابة للدعوة العامة التي أطلقت في مطلع صيف 2013، إذ تمت دعوة مصورين فوتوغرافيين مقيمين في الدولة، لاكتشاف الشارقة، وانتاج أعمال ترسل في ما بعد إلى مؤسسة الشارقة للفنون للاطلاع عليها، واختيار ما يعكس الصورة الحقيقية للشارقة بعيون قاطنيها، والتي تتقاطع مع المفهوم العام للمعرض، ليتم عرض الصور الفوتوغرافية المنتقاة في معرض جماعي في المباني الفنية الجديدة التابعة للمؤسسة.
وبحسب القيمة على المعرض الشيخة حور القاسمي، فإن «أحد أهداف المعرض هو دعم الفنانين عبر الإمارات، الذين استجابوا للدعوة بشكل لافت، إذ كان معدل المشاركات مشجعاً، إذ يجب أن نتقدم بالشكر لكل من شارك واستجاب لهذه الدعوة، وإن لم يقع الاختيار عليه للمشاركة في المعرض الجماعي».
وذكرت أن «المعرض يضع أمام الزائر مختارات واسعة تمثل ردوداً للدعوة التي طرحت، والأعمال الفوتوغرافية التي يتضمنها (الشارقة وجهة نظر) هي أعمال لمصورين وفنانين محترفين، إلى جانب أعمال قدمها بعض الشغوفين والمهتمين ابفن التصوير الضوئي، إذ تمتلك الشارقة نهجاً متنوعاً للحياة من طبيعة وثقافة، الأمر الذي يعكس هذا الزخم من الحماسة والإقبال على التصوير الفوتوغرافي باعتباره وسطاً فنياً يقدم للمجتمع والجمهور صوراً توازي رغبتهم في البحث الدائم داخل الأمكنة التي ينتمون إليها، ويعطيهم فرصة للاستمتاع والتأمل».
وتابعت الشيخة حور ان «المعرض هو إحدى مبادرات مؤسسة الشارقة للفنون المتواصلة دائماً، والتي تصب تركيزها على البرامج العامة والتواصل مع المجتمع، لذلك فإن الأمل يكون قائماً على ما نقوم به من مبادرات وأنشطة من شأنها تحفيز المقيمين والعاملين في الإمارات من فنانين محترفين ومهتمين بالفن على المشاركة في تلك البرامج التي تطرحها المؤسسة، خصوصاً أنها تهدف إلى رفع مستوى الترابط بين الفرد والمجتمع مع الحياة الثقافية والفنية في الدولة، والذي من شأنه النهوض بالحراك الفكري والثقافي المحلي».
ومن أبرز ما يميز «الشارقة وجهة نظر»، الذي افتتحه الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، أخيراً، التنوع الثقافي والفكري للمشاركين في المعرض، إذ لم تنحصر الأعمال على جنسيات محددة، فهناك مشاركات من إماراتيين وعرب وأجانب مقيمين في الإمارات، هذا التنوع في الانتماءات خلف تنوع بصري في الصور التي عرضت وإن كانت الرؤية واحدة متعلقة بالشارقة، ولكن وجهات النظر اختلفت ربما للمشهد الواحد في بعض الأحيان، فهناك من يصورون المشهد ذاته برؤية مختلفة، وبروح تجسد فكر المصور وثقافته.
عدد كبير من الصور الفوتوغرافية حملت بين طياتها مشاهد متنوعة من الشارقة، بمختلف وجهاتها السياحية والثقافية والبيئية، بل تجاوز ذلك ليركز بعض المشاركين على الجوانب الانسانية التي جمعت أطياف المجتمع، منها صور تعكس ممارسات اجتماعية، مثل مشاهد من مناطحات الثيران التي يجتمع حول حلباتها الصغار والكبار من شرائح المجتمع ليشاهدوا تلك الرياضة التي رغم عنفها إلا أنها لمست جوانب انسانية لدى المصورة فيلومينا نونيس، التي تسعى من خلال التصوير الفوتوغرافي إلى الوصول لمستوى أكثر مهنية وتطور عبر تصوير الحياة البرية والبورتريه.
ولم يبتعد كثيرا المصور الفوتوغرافي نوشاد ابراهيم عن المشهد البيئي، فقد شارك بمجموعة من الصور التي تركز على الطبيعة ونمط الحياة والموضوعات التي تلامس الثقافة، فقد رصد حياة البادية ممثلة في الجمال وكيفية الاهتمام بها. أما المصورة الأسترالية سالي ماكولوغ فلديها شغف واهتمام كبير في السفر والتنقل والبحث والعمق في الحضارات والثقافات والأحداث، فوجدت في الشارقة زخما يستحق التجسيد، إذ لديها فضول يتمحور حول الناس وارتباطهم بالمجتمع والتقاليد والمكان.
تميل بعض الأعمال المقدمة إلى الحنين للماضي ومحاولات المقارنة بين زمن جميل، وحاضر متطور، فلم تخل الصور من مشاهد لرمال الصحراء والسفن الخشبية وأشجار النخيل والبيوت القديمة المتهالكة والأسواق الشعبية ومحال البقالة في أحياء سكنية تحمل بين أزقتها ذكريات قد تعود إلى ذاكرة أحد هؤلاء المصورين، ربما أرادت المصورة أسماء الزرعوني نبش تلك الذاكرة، ونفض غبار الزمن عن زمن جميل من خلال صور فوتوغرافية.
ولم يبتعد كثيراً المصور سيف حميد الزري عن المشهد القديم، فالصور التي شارك بها في المعرض تميل إلى التركيز على ذاكرته، إذ يجد نفسه في الماضي القريب والبعيد، ليعمل مع مجموعة من المواد والطرق، وغالبا ما تتكون المشروعات من أعمال تجميع متعددة تمثل موضوعات ومعادن محددة، وفي الصور ركز على الأبواب القديمة، ومداخل البيوت القديمة.
كما حضرت صور المناظر الطبيعة بقوة في المعرض، ومنها أعمال قدمها المصور الفوتوغرافي روي فرانسيس مانالانج، تعكس عشقه للطبيعة والأماكن الغريبة والأشكال الحية والثقافات المتنوعة، إذ يستمع المصور بالتقاط لقطات للمناظر الطبيعية والوجوه.
فيما تميزت أعمال المصورة عصمت شاكيل بالدهشة، والجمع بين الثقافات والأديان، إذ عرضت صورة لكنيسة في الشارقة، وفي خلفية المشهد منارات وقباب مساجد في المنطقة ذاتها.
في حين تميل أعمال المصورة أروى رمضان إلى ايجاد تاريخ العالم، إذ تؤمن رمضان بأن القصة هي بوابة للروح مهما بلغ المرء من العمر، لذلك هي تطوع قدرتها على خلق قصص تعلق من خلالها على القضايا الاجتماعية والانسانية التي تجد أنها عائق للمجتمع العالمي مثل القضايا البيئية والعلاقات الانسانية المفككة.