■ الصورة إحساس
فرحة التألّق، خيبة الهزيمة، حيوية العزيمة، دموع الانتصار.. والانكسار وأحاسيس أخرى ترافق الرياضيين في ألعابهم، ووحدها عدسة المصور هي من تجسّد هذه المشاعر على الصفحات وتنقلها إلى القارئ. « الصورة هي الحياة والحاضر والماضي الذي لا يمحى من الذاكرة» يقول عدنان عاشق المهنة، ويضيف أن هذه الصورة الصغيرة الحجم، قد تتطلب في بعض الأحيان مجهوداً كبيراً وعناءً وسفراً مضنياً، لكن حبّ المهنة يبقى هو الدافع الأساسي.
يبلغ عدد المصورين المتخصصين بالرياضة في لبنان، بحسب الحاج علي، خمسة ينشطون بين الألعاب المختلفة والمؤسسات الإعلامية، إضافة إلى حوالى عشرة غير متخصصين فقط بالرياضة، لكن تنتدبهم مؤسساتهم الإعلامية لتغطية النشاطات الرياضية، وهم يتمتعون بكفاءة جيدة. ويضيف أنه لا يوجد هيكلية تنظيمية خاصة بالمصورين الرياضيين، بل يتبعون فقط لنقابة المصورين، فيما هناك في الخارج جمعيات للمصورين الرياضيين «وقد عقدنا جلسات عدة مع زملاء وطرحنا فكرة مشروع إنشاء جمعية، والدراسة جاهزة». ويلفت عدنان إلى أن العلاقة بين المصورين الرياضيين تتسم بالاحترام المتبادل والتعاون والمنافسة المهنية المشروعة.
■ هواية أم احتراف؟
إذاً، هل المصوّر اللبناني هاوٍ أم محترف؟ يسارع عدنان إلى التأكيد أوّلاً أن المصور اللبناني من أبرز المصورين في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية، وهو موجود في المؤسسات الإعلامية الكبرى في المنطقة، لتمتّعه بالذكاء والثقافة، واتقانه اللغات. لكن المشكلة في لبنان هي عدم توافر المعدات التكنولوجية المتطورة. وعن أهمية التخصص، يشير الحاج علي إلى أن حبّ التصوير لا يساعد وحده على النجاح، فالدراسة ضرورية في الوقت الحالي، وخصوصاً في المعاهد والجامعات. ويضيف «هناك متخصصون أكفاء في لبنان، فمثلاً، إن أستاذ التصوير في الجامعة اللبنانية صالح الرفاعي يدرّب مصوّرين من دول عربية عدة».
إلى ذلك، يلفت الحاج علي إلى ظاهرة كانت موجودة في الملاعب سابقاً وفي ألعاب عدة متمثلة «بدخلاء على التصوير، يمكن تسميتهم «مصورين وهميين» لا يمتهنون التصوير بل يستغلونه للدخول إلى الملاعب، ويكمل مستغرباً كيف أن بعضهم لم يكن يكتفي بالجلوس على المدرجات، بل يدخل إلى أرض الملعب، ومنهم من كان يتشارك الفرحة مع اللاعبين عند تسجيل الأهداف!». ويلفت إلى أن قانون الفيفا مثلاً، يحظر على المصور الدخول إلى أرض الملعب أثناء المباراة، أو أن يعيد الكرة إلى اللاعبين حتى لو أصابته. وينص أيضاً على أن يكون المصور في الملعب قبل المباراة بساعة، وأن يجلس على كرسي يحمل رقماً معيناً ولا يبارحه طيلة التسعين دقيقة. أما في لبنان، فتصحّ مقولة «دبر راسك»!
■ التكنولوجيا ضرورة
يختلف التصوير الرياضي كثيراً عن التصوير في مجالات أخرى، يلفت الحاج علي، ويقول: «تحتاج الرياضة من المصور إلى أن يتمتع بسرعة البديهة والمتابعة الدقيقة في الملعب، ذلك أن اللقطة لا يمكن إعادتها، ويجب أن يكون المصور قبل كل شيء عاشقاً للرياضة ومتابعاً منتظماً لها، حتى خارج دوام العمل».
وماذا عن التكنولوجيا في التصوير؟ يشير الحاج علي إلى أن التصوير مثل الطب، يجب أن يواكب التطور التكنولوجي في المعدّات، وهذا ما لا يتوافر للمصور في لبنان. فالكاميرا بقياس 70×200 ملم ما زالت تستخدم منذ 20 عاماً، والفرق الوحيد هو أنها تبدلت من فيلم إلى رقمية( digital) بحيث أصبحت تستوعب كمية أكبر من اللقطات، فيما الكاميرا المتطورة بقياس 400 ملم ذات جودة عالية وتعطي تفاصيل دقيقة، لكنها غير متوافرة محلياً. أما على المستوى الشخصي، فأنا أحصل على هذه المعدات المتطورة بحكم عملي في الاتحاد الآسيوي، ولكن حبّ المهنة يساعدني أحياناً في تطوير ذاتي. وعلى سبيل المثال، «خلال تغطيتي لبطولة كأس العالم في ألمانيا 2006، اكتشفت كاميرا يستخدمها مصورون عالميون من خلال الدوس بأقدامهم، وبعد عودتي إلى لبنان لم أستطع النوم لكثرة التفكير فيها، وهي نادرة الوجود، حتى توصلت إلى ابتكار شيء مشابه بالاستعانة بقطعة من لعبة لابنتي الصغيرة وصلتها بآلة الريموت على أرض الملعب التي تعطي بدورها أمر التصوير إلى الكاميرا المثبتة خلف المرمى، وهكذا أصبحت أحصل على لقطات باليد والقدم في آن واحد».
■ … والجماهير أيضا!ً
يركز عدنان على أن المستوى الرياضي في لبنان يؤثر في نوعية الصورة، ويقول «مستوى هابط ينتج صورة هابطة»، هذا على المستوى الفني ومهارات اللاعبين في الملعب. أما تقنياً، فإن جمال الملاعب يساعد وهي أصبحت متوافرة حالياً في لبنان، إضافة إلى أن العشب يعطي رونقاً مميزاً، وبالتأكيد فإن وجود الجماهير يمثّل خلفية رائعة للقطة، ويؤثر كذلك في اللاعبين أنفسهم، فيبتكرون أساليب احتفالية عند تسجيل الأهداف تساعد في أخذ لقطات معبرة، وهذا ما لا يوجد في الوقت الحالي ( مباريات بلا جمهور) ويؤثر في جمالية الصورة.
■ «الصورة واضحة»!
يشير الحاج علي إلى أن مصاعب التصوير الرياضي في لبنان «تتمثل بالعامل المادي بالدرجة الأولى. فالأجور تبدأ ما بين 300 و500 ألف ليرة شهرياً حداً أدنى. إضافة إلى ذلك، فإن المعدات المتطورة باهظة جداً وتتراوح ما بين 35 و50 ألف دولار، بينما في دول الخليج المؤسسات الإعلامية هي التي تجهّز المصور وتساعده». ويلفت الحاج علي إلى أن هذا الأمر «يشكل منفذاً يستغله كثيرون في الوسط الرياضي «لجذب» عدسات المصورين، وبالتالي إبراز صورهم على الصفحات»، ويضيف «كذلك فإن بعض المحررين الرياضيين ينتقون الصور التي تعنيهم، وذلك على حساب صور نجد أنها قيّمة وجهدنا لالتقاطها، وهذا الأمر لا يخدم الصورة، وبالتالي الرياضة