منذ إعلان “دولة لبنان الكبير” في الأول من أيلول 1920 وبعد موافقة الجمعية التأسيسية على نصّ دستوري أدى الى تحويل هذه الدولة الى الجمهورية اللبنانية في 23 ايار 1926، وهي الجمهورية الاولى التي قامت في العالم العربي، تعاقب عليها الى حين اعلان الاستقلال عن الانتداب ستة رؤساء جمهورية ومنذ الاستقلال حتى جلسة الحادي والثلاثين من تشرين الأول، يكون قد تعاقب على رئاسة الجمهورية 13 رئيساً. وفي ما يلي بانوراما بالرؤساء منذ الانتداب حتى الآن:
شارل دباس
انتخب اول رئيس للجمهورية في 26 ايار 1926 بدعم فرنسي وفي عهده عدّل الدستور للمرة الاولى في العام 1927 فألغي مجلس الشيوخ وضم اعضاؤه الى مجلس النواب، وفي العام 1929 اعاد المجلس النيابي انتخابه رئيساً لولاية جديدة (ولاية الرئيس كانت 3 سنوات)، وعدّل الدستور للمرّة الثانية فجعلت مدة رئاسة الجمهورية ستّ سنوات غير قابلة للتجديد.
ومع انتهاء ولاية دبّاس حدثت أزمة انتخاب رئيس جديد بسبب الخلاف بين اميل ادة وبشارة الخوري واتجه بعض النواب إلى ترشيح الشيخ محمد الجسر الى رئاسة الجمهورية، ترافق ذلك مع تظاهرات في بيروت ومناطق لبنانية بسبب التململ من الوضع الاقتصادي والهيمنة الفرنسية على القرار اللبناني، علق إثرها المفوض السامي هنري بونسو الدستور وحلّ المجلس النيابي وأقال الوزارة في 9 أيار 1932 ومدّد ولاية دباس الذي اضطر للاستقالة نتيجة النقمة الشعبية في 2 كانون الثاني 1934.
حبيب باشا السعد
عيّن حبيب باشا السعد رئيساً للجمهورية من قبل المفوض السامي في 30 كانون الثاني 1934 لمدة سنة وهو الرئيس الثاني للجمهورية اللبنانية، ومُدّدت رئاسته سنة ثانية بموجب النظام المؤقت لغاية 20 كانون الثاني 1936، وأجرى إصلاحات مالية وإدارية وخفض عدد أعضاء المجلس النيابي من 45 عضواً الى 25 عضواً، وفي عهده، منح امتياز التبغ الى شركة الريجي، ما أدى إلى إثارة معارضة شعبية واسعة.
اميل اده
انتخب رئيساً للجمهورية في 20 كانون الثاني 1936 في مواجهة بشارة الخوري بعد انسحاب حبيب باشا السعد من المعركة، وأعيدت في عهده الحياة الدستورية بشكل كامل. أبرم معاهدة تحالف وصداقة مع فرنسا وافق عليها المجلس النيابي اللبناني ولم يوافق عليها البرلمان الفرنسي، وبموجبها تعترف فرنسا باستقلال لبنان وتعد بانضمامه الى عصبة الأمم بعد فترة تحضيرية لا تزيد عن ثلاث سنوات. وفي 21 ايلول 1937 اصدر المفوض السامي غبريال بيو قراراً بتعليق الدستور وحل المجلس النيابي وإقالة الحكومة والحد من سلطة رئيس الجمهورية، وأدى التضييق الفرنسي الى تقديم اده استقالته في 4 نيسان 1941.
الفرد نقاش
عين رئيساً للدولة في 9 نيسان 1941. شهد عهده خلافات مع السلطة المنتدبة وفي 18 آذار 1943 طلب الجنرال كاترو منه الاستقالة فرفض مدعوماً من الشعب، الا ان كاترو اصدر قراراً قضى بعزل نقاش وحكومته في اليوم نفسه.
أيوب تابت
في 18 نيسان 1943 عيّنه الجنرال كاترو رئيساً للدولة لإجراء انتخابات ينبثق عنها مجلس نيابي يقوم بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وجعل عدد النواب 54 نائباً (32 مسيحيا و22 مسلما) الامر الذي رفضه تابت، مما حدا بالمفوض الفرنسي الجديد الجنرال هيللو الى اقالة تابت في 21 تموز 1943 بعدما اصرّ على تنفيذ مرسومه.
بترو طراد
عيّن رئيساً للجمهورية في 22 تموز 1943، وهو جاء لمهمة خاصة هي إجراء الانتخابات النيابية وتسليم الحكم للرئيس الذي ينتخبه المجلس الجديد، وبعد وساطة مصطفى نحاس رئيس الحكومة المصرية صدر قرار بتحديد عدد مقاعد المجلس النيابي بـ 55 مقعداً (30 للمسيحيين و25 للمسلمين)، وجرت في عهده الانتخابات النيابية على دورتين وانتخب المجلس الجديد الشيخ بشارة الخوري رئيساً للجمهورية.
بشارة الخوري
هو اول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد نيل الاستقلال. انتخب في 21 ايلول 1943 واستمر في سدّة الرئاسة حتى 11 تشرين الثاني 1943 حين اعتقلته سلطات الانتداب الفرنسي مع الرئيس رياض الصلح وعدد من اعضاء حكومته في قلعة راشيا وأفرج عنهم في 22 تشرين الثاني 1943 وانتخب بعدها رئيساً للجمهورية. في 22 ايار 1949 عدّل الدستور لتجديد ولايته فجدد انتخابه لست سنوات، واضطر في 18 ايلول 1952 الى الاستقالة تحت ضغط نيابي وشعبي على خلفية اتهامه بالفساد. لم يسلم الخوري رئيساً منتخباً انما كلّف قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب بتشكيل حكومة انتقالية تتولى إجراء انتخابات رئاسية، كان مقرّ رئاسته في القنطاري ومقره الصيفي في قصر بيت الدين.
كميل شمعون
انتخب رئيساً للجمهورية في 23 ايلول 1952 وبقي في سدّة الرئاسة حتى 22 ايلول 1958 وحكم في خضم الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي. انضم الى “حلف بغداد” وأقام افضل علاقات مع شاه إيران والغرب، وكان لـ “حلف بغداد” و “المد الناصري” تداعيات على عهده الذي انتهى بثورة شعبية في العام 1958 وبشبه إجماع على رحيله، نزل على عهده المارينز على شواطئ بيروت. أقام في قصر القنطاري الذي تمّ حصاره ابان الثورة ودافع الدرك عنه وسُلم الى اللواء شهاب.
فؤاد شهاب
هو اول قائد للجيش اللبناني ورئيس حكومة عسكرية أسبق. انتخب رئيساً للجمهورية في 23 ايلول 1958 وغادر في 23 ايلول 1964، تعرض نظام حكمه في 1 كانون الثاني 1961 الى محاولة انقلابية فاشلة. استهل عهده باجتماع مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 25 آذار 1959 في خيمة عند الحدود اللبنانية السورية. أوجد نهجاً خاصاً به عُرف بـ “المدرسة الشهابية”. نقل المقر الرئاسي من القنطاري الى زوق مكايل (مقر شتوي) واتخذ من دارة لآل مدور في عجلتون مقراً صيفياً.
شارل حلو
أنتخب الرئيس شارل حلو رئيساً للجمهورية في 18 ايلول 1964 واستمر في الحكم من 23 ايلول 1964 الى 23 ايلول 1970. وازن بين علاقات لبنان العربية والغربية، وفي عهده كانت نكسة 1967 وبداية الصدام بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية التي ادت الى توقيع اتفاق القاهرة في 3 تشرين الثاني 1969، كما عرف عهده هزة اقتصادية بعد إفلاس بنك انترا عام 1969، أقام في سن الفيل شتاء وفي عاليه وبيت الدين صيفاً، وعند الانتهاء من بناء القصر الجمهوري في بعبدا انتقل إليه في آخر سنتين من ولايته.
سليمان فرنجية
انتخب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بفارق صوت واحد عن حاكم مصرف لبنان الياس سركيس وتسلّم مقاليد الحكم من 23 ايلول 1970 حتى 23 ايلول 1976، وسكن في بعبدا شتاء وإهدن صيفاً. اندلعت في آخر سنتين من عهده الحرب الأهلية وتعرض القصر الجمهوري للقصف فغادر بعبدا ونقل المقر الرئاسي الى بلدة الكفور في كسروان واعتمد منزل آل دحداح (وزير الخارجية لوسيان دحداح) مقراً رئاسياً.
الياس سركيس
انتخب الياس سركيس رئيساً للجمهورية في 8 ايار 1976 واستمر حتى 23 ايلول 1982، وكانت ولايته حافلة بالأحداث الأمنية وأبرزها الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982. أقام في بعبدا وفي منزله في الحازمية.
بشير الجميل
انتخب بشير الجميل رئيساً للجمهورية في القاعة الكبرى في المدرسة الحربية في 23 آب 1982 وكان أصغر رئيس للجمهورية في تاريخ لبنان (35 عاماً)، لكنه لم يتسلّم السلطة، اذ اغتيل في عملية تفجير ضخمة لمقر حزب الكتائب في الاشرفية في 14 ايلول 1982.
امين الجميل
انتخب أمين الجميل رئيساً للجمهورية في القاعة الكبرى في المدرسة الحربية في 21 ايلول 1982 واستمرت ولايته حتى 23 ايلول 1988، ولم يسلم رئيساً آخر، انما سلم السلطة الى حكومة عسكرية من أعضاء المجلس العسكري برئاسة قائد الجيش العماد ميشال عون، فكان أن دخلت البلاد في أزمة الحكومتين (أولى برئاسة عون وثانية برئاسة سليم الحص).
رينيه معوض
بعد إقرار الطائف، انتخب النواب الرئيس رينيه معوض في 5 تشرين الثاني في مطار القليعات بعد 409 أيام من الانقسام والفراغ في سدة الرئاسة الاولى. لم يتسلّم من احد، ولأن العماد عون لم يغادر قصر بعبدا اقام في المرحلة الاولى في منزله في إهدن ومن ثم انتقل الى المقر المؤقت في الرملة البيضاء استمر رئيساً للجمهورية 17 يوما واغتيل بانفجار استهدف موكبه بعد خروجه من القصر الحكومي المؤقت في الصنائع. وهو الرئيس الثاني للجمهورية الذي يقتل بعد بشير الجميل.
الياس الهراوي
بعد اغتيال الرئيس معوض، اجتمع النواب على عجل في فندق بارك اوتيل شتورة في 24 تشرين الثاني 1989 وانتخبوا الياس الهراوي رئيساً للجمهورية حيث تسلم السلطة واعلن على الاثر عزل العماد عون من قيادة الجيش وعيّن مكانه العماد اميل لحود في 28 تشرين الثاني 1989، وأقام في البداية في ثكنة ابلح العسكرية ومن ثم انتقل الى المقر الرئاسي المؤقت في الرملة البيضاء، وبعد ثلاث سنوات أعيد ترميم القصر الجمهوري وانتقل اليه الهراوي حيث أمضى بقية ولايته التي تم تمديدها ثلاث سنوات وانتهت في 24 تشرين الثاني 1998.
اميل لحود
انتخب العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية في 15 تشرين الاول 1998 وتسلّم في 24 تشرين الثاني 1998 واستمر عهده الممدّد ثلاث سنوات حتى 23 تشرين الثاني عام 2007، وأقام في قصر بعبدا واتخذ من قصر بيت الدين مقراً صيفياً، شهد عهده حدثين بارزين أولهما تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي في 25 أيار 2000، واغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، كما تم في عهده الانتصار على اسرائيل في عدوان تموز 2006 وصدر قبل التمديد لولايته القرار الدولي 1559 لكنه لم يسلم أحداً حيث تعذر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية وغادر بعبدا منتصف ليل 23 تشرين الثاني 2007.
ميشال سليمان
انتخب في 25 أيار 2008 بعد إبرام اتفاق الدوحة ودخل قصر بعبدا في اليوم التالي ولم يتسلّم من سلفه نظراً لشغور الموقع، ولم يسلم أحداً من بعده بسبب الشغور. توزعت إقامته بين بعبدا وبيت الدين.
ميشال عون
بعد شغور استمر سنتين ونصف السنة (منذ 25 ايار 2014)، انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بتاريخ 31 تشرين الاول 2016 ولم يجد من يسلّمه مقاليد السلطة بسبب الشغور الرئاسي.
رؤساء الجمهورية من الانتداب إلى عون