عبر مجموعة من ٢٥ صورة فوتوغرافية بالابيض والأسود، أراد «البيت الاوروبي للصورة» في باريس إحياء حقبة معينة من الحياة الاجتماعية والفنية في باريس من خلال فترة مطلع الثمانينات.
هذا كان خيار المديرة الفنية للمعرض كريستيان رودريغز التي أعادت في الوقت ذاته احياء نمط تصوير يرتكز إلى العفوية والتواصل الضمني بين المصور وصاحب الصورة، وهذا ما لفتها في اعمال المصور طوني حاج المعروضة في إحدى قاعات «البيت الأوروبي» الى جانب صور الفنانة الشهيرة بيتينا رينس والمصور رينو مونفورني.
والمعرض الذي يستمر حتى ٢٧ آذار (مارس) المقبل يشكل ايضاً نوعاً من التقدير لطوني حاج الذي أمضى حياته المهنية ولا يزال خلف عدسته، ونشرت صوره في كبريات الصحف والمجلات الفرنسية والدولية رغم انه لا يميل الى هذا القول معتبراً ان اختيار «البيت الأوروبي» له ليس على علاقة بشخصه، بل مرده الى طريقة التقاط هذه الصور التي تتسم بالآنية والعفوية بات من الصعب ايجادها اليوم وتعبر في الوقت ذاته عن مشاعر متبادلة بينه وبين صاحب الصورة لثوان قليلة لا تتجاوز مدة التقاط تعبير او حركة او نظرة ما.
ومن هنا عنوان المعرض «pris sur le vif» اي لقطات سانحة وساخنة، صادفتها عين الحاج والتقطتها عدسته في غفلة عن صاحب الصورة ما يجعل من مجموعة الصور المعروضة نوعاً من لوحات توثق لأحداث ومناسبات بطريقة لم تعد ممكنة اليوم.
ويقول حاج أن «البيت الأوروبي» أراد باختياره هذه المجموعة من الصور من ضمن نحو ٤٥٠ صورة اقترحها من ارشيفه نظراً إلى قيمتها الجمالية ولأنها تروي قصة معينة عن حقبة معينة من تاريخ الحياة الفنية الباريسية.
ويأسف حاج لكون المهنة اختلفت جداً اليوم، فالمصوّر كان قادراً على التقاط هذا النوع من الصور لأنه كان حراً في حركته وقادراً على ان يتنقل بين الاشخاص ويقترب منهم على هواه مسترقاً ما يروق له من ملامح هذا وذاك.
اما اليوم فغابت حرية التنقل وبات المصور مضطراً للوجود في مكان محدد لا يحق له تجاوزه مع زملائه المصورين ولم يعد ممكناً بالتالي الاختلاط بالجمهور المشارك في الحدث بحثاً عن اللقطة العفوية المميزة، وهو ما يرى حاج انه نوع من تقييد لحرية عمل المصور الصحافي فيصبح مجرد تسجيل فوتوغرافي من دون اي عمق او اي مشاعر. من هنا يغلّف معرضه نوع من الحنين إلى فترة خلت ومهنة تحوّلت.