يُعد قصر العظم من أهم المباني التاريخية الضخمة في مدينة دمشق، وأحد أجمل القصور التي شيدت في بداية القرن الثامن عشر، ونموذجاً مهماً لعمارة البيوت الدمشقية الكبيرة.
أمر ببنائه والي دمشق أسعد باشا العظم في العام 1163 ه/1749م، ليكون داراً لسكنه بعد توليه ولاية الشام، ويقع القصر وسط مدينة دمشق القديمة ما بين الجامع الأموي شمالاً وسوق مدحت باشا (الشارع المستقيم) جنوباً بالقرب من البزورية، وقد اختار أسعد باشا موقع هذا القصر بعناية، ليستفيد من المزايا الاقتصادية والسياسية لسوقين من الأسواق الرئيسية في المدينة القديمة.تبلغ مساحة القصر 5500 متر مربع، ويعتقد أن قصر العظم يقع على بقايا القصر الذهبي ل «تنكز» الحاكم المملوكي لدمشق من عام 1312 م ولغاية 1339م. ومن المحتمل أن هذا البناء المملوكي قد هدمه الاجتياح المغولي لمدينة دمشق على يد تيمورلنك عام 1401م. للقصر بوابة تؤدي لممر عريض مغطى بعقود متصالبة وعلى يمينه مصطبة للجلوس ويؤدي هذا الممر إلى قسمي الاستقبال والمعيشة أي «السلملك» و«الحرملك» ، حيث تزيد ساحة «الحرملك» على ثلثي مساحة القصر وهي المساحة الأكبر غالباً في البيت الدمشقي، وحول فنائه الواسع تتوزع القاعات والغرف والإيوان الكبير وهو شبه غرفة مفتوحة على ساحة البيت، وتمتد أمامه بركة ماء طويلة شبيهة ببركة جنة العريف في غرناطة. وتحيط بالبركة أشجار باسقة للزينة وأشجار حمضيات متنوعة بالإضافة لعرائش الياسمين الدمشقي ، وقد زينت واجهات الغرف والقاعات بمداميك ملونة مغطاة بزخارف هندسية دقيقة، فيما غطيت الأسقف بالأخشاب الملونة.
أما القسم الأصغر حجماً وهو قسم الاستقبال (السلملك) ، فيحمل ذات الزخارف وذات الطابع المعماري ، وفي وسط فنائه بركة ماء مربعة أيضاً، بينما حمام القصر فهو صغير نسبياً لكن عمارته تشابه عمارة الحمامات الدمشقية الضخمة ، فهو مؤلف من ثلاثة أقسام البارد والدافئ والحار، ويقع الحمام في قسم الحرملك وله قبة ذات عيون زجاجية.
في القصر ست عشرة قاعة كبيرة وتسع عشرة غرفة صغيرة في طابقه الأرضي، وكذلك ثلاثة إيوانات كبيرة وأربعة أقبية وأربع برك متنوعة الأحجام والأشكال. مع بداية الاحتلال الفرنسي لسوريا عام 1920 اتخذ المفوض السامي من القصر مقراً لإقامته ثم حوّله إلى معهد للدراسات العلمية، لكن القصر تعرّض لأضرار كبيرة خلال القصف الفرنسي لدمشق إبان الثورة السورية عام 1925 إذ وجهت له بعض الضربات المباشرة، ما أدى إلى هدم وحرق قسم كبير منه، وفي عام 1954 رممت مديرية الآثار جميع أقسام القصر الداخلية والخارجية وقاعاته وحولته إلى متحف شعبي بعد إعادته إلى حالته الأولى، وقد ضم المتحف أقساماً للحرف الشعبية والصناعات اليدوية التقليدية ، ومن أهم أقسام المتحف، قاعة «الكتابة والتدريس» ، وتعرض مشهد المدرسة التقليدية القديمة التي كانت تدرس التلاميذ القرآن الكريم واللغة العربية والعمليات الحسابية البسيطة، و«قاعة الاستقبال» ، أثاثاً دمشقياً قديماً مصنوعاً من خشب الجوز المطعم بالصدف البحري والمغطى بقماش الأغباني المصنوع من خيوط الحرير الموشى بالذهب والفضة، وقاعة «الآلات الموسيقية الشرقية» تعرض نماذج للآلات الموسيقية الشرقية النفخية والوترية والإيقاعية مع مجموعة من الغرامافونات والأسطوانات الشمعية الخاصة، و«قاعة العروس» تعرض مشهد العرس التقليدي القديم والأزياء التي كانت ترتديها العروس في هذه المناسبة والهدايا التي كانت تقدم لها مع مجموعة من الأواني الزجاجية، و«قاعة الحج» تعرض مشهداً لمحمل الحج الشامي القديم مع أمير الحج والسنجق وكذلك لباس الحجيج والهدايا التي يحضرونها من مكة والاحتفالات الدينية التي تتم أثناء استقبال القافلة وتوديعها، عرض في وسط القاعة مصاحف مكتوبة بالذهب والفضة والتقويم الهجري.
– See more at: http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/06879cf1-986c-4f3a-ae70-3fc7566da46a#sthash.oecakE4P.dpuf