– التنجيم الفوتوغرافي.
من الملاحظ على الساحة الفوتوغرافية مؤخراً إنتشار حركة جديدة يطلقون على أنفسهم قراء الصورة وبعضهم يضيف تعريف القراءة (النقدية أو الأدبية أو الفنية) .. وليس هذا بيت القصيد … فالقراءة الصورية بإتجاهاتها المختلفة الأدبية والفنية أو النقدية جزء لا يتجزأ من دراسات النقد الفني لأي عمل فني وبل لا بد من ذلك .. ولكن وفق أسس وأصول .. وتأتي بعد عملية النقد الفني للعمل شريطة أن يكون العمل قد استوفى الاسس الفنية على الأقل .. وهنا أنوه أنه ليس كل عمل قابل للنقد لأن كثير من الأعمال التي يقدمونها للقراءة بحاجة للنصح والإرشاد لتكون عمل فوتوغرافي حقيقي وبالتالي .. ما ليس قابل للنقد فهو تلقائياً غير قابل للقراءة بأي إتجاه فني أو أدبي .. فلا بد من توافر شروط في القاريء والمقروء بكل الأحوال .. وهذا للأسف ما لا يتوفر في أغلب هؤلاء القراء أو الأعمال التي يختارونها .. فأغلب الأعمال التي يقدمون قراءة لها تفتقر إلى أدنى الأسس الفنية في مواصفات العمل الفوتوغرافي الفني مما يجعل القراءة مجهود مبذول بلا هدف هذا من ناحية … ومن ناحية أخرى أن هؤلاء القراء ليس لديهم المعرفة التامة بأساسيات التصوير وكذلك لا علم لهم في أسس النقد الفني .. فالقراءة التي يقدمونها تعتمد على خلق صورة ذهنية جديدة يُطلق عليها ما وراء الصورة .. فيفسرون لون السماء على سبيل المثال بدلالات زرقته وما توحي به تلك الدلالات .. ويشرحون بأسلوبهم أبعاد العمل وتأثيره في الوجدان وردات الفعل العاطفية لبعض عناصر العمل أو كله وكـأنهم يحولون النص الضوئي إلى أبيات شعرية كنوع من التأثير العاطفي بحيث إن المتلقي يوحى له أنه أمام عمل مخلد لكبار الفنانين التشكيلين من العصور الوسطى .
المُستغرب إن هذه الحركة بدأت تنشط كثيراً في أوساط بعض المجموعات الفوتوغرافية وقد تبنتها أسماء لامعة في ساحات الفوتوغرافيين العرب على مواقع التواصل الإجتماعي .. حتى أن بعضهم أستبدلها وأعتبرها نقداً فنياً حقيقياً للأعمال .. ومن المستغرب أكثر أن يكون لهذه الحركة أتباع ومتابعون يقومون بالتعليق على تلك القراءات والتهويل لها بالمديح غير المبرر كأن مفاهيم النقد أصبحت ملخصة بهذه القراءة أو تلك .. ربما يعود ذلك إلى خلل جلل في التابعين والمتابعين لهذه الحركة في الأساس وإلى عدم وضوح مفهوم العمل الفوتوغرافي وحقيقته لديهم أو نتيجة تعطشهم لفكر جديد وجدوا ضالتهم به لأنه يرفع أعمالهم إلى مستويات الفنانين الكبار دون إحساس بالمسؤولية الأدبية والفنية تجاه المتلقين .. ولكن ومع الأسف ستكون النتيجة كمن يدس السُم في الدسم .. فالعمل الذي يفتقر إلى أدنى الأسس الفنية يصبح عالمياً ببضعة سطور .. والمصور المبتديء يصبح صاحب لقب أستاذ وفنان بكلمتين .. أليست هذه إحدى مسببات الغرور .. فما بالنا لو انتشرت هذه الحركة وأصبح كل المصورين العرب فنانين وأعمالهم عالمية دون أن يفوز أحدهم حتى في مسابقة فيسبوكية وليس مسابقة دولية؟.. هناك الكثير من الأشياء علينا إنجازها والتفكير بها بعمق للحفاظ على الهوية الفوتوغرافية ومسيرة المصور العربي قبل وضعهم على طريق الضياع.