Faisel Laibi Sahi
شهادات في تجربة النحات الرائد عبدالجبار البناء
كتب /المحرر التشكيلي
وتنبعث من ارض كلكامش دعوة الى الحياة.. تصافح الصباحات الاتية اذ تصيح ما مات كلكامش ولن يموت.. انما سيبعث من جديد في قطعة من حجر منحوت او من خشب.. او لوحة ابدعها فناننا العتيد البناء.. ملبيا نداء الحياة، اذ يصيح ما مات كلكامش بل سينهض من اعماق الخلود ليعيد للرجال وللنساء الذين عاشوا في هذه الارض من ايام سومر واشور وبابل حتى يومنا هذا.. القدرة عل الحياة وعلى تحدي كل قوى الظلام والحروب (الاديبة بديعة امين)..
على مدى مسيرته الابداعية الطويلة التي توزعت ما بين النحت على الخشب، والبرونزيات وفي الرسم بالزيت والتخطيطات بالحبر وقلم الرصاص يستعد الفنان الرائد عبدالجبار البناء لتقديم تجاربه المتنوعة من خلال معرضه الشخصي القادم الذي لخصها قائلا: ليس هناك شيء يغني المرء في مجال اختصاصه اكثر من الاستماتة لحد الامتلاء في المضي بتجاربه التي لا تنتهي حيث يجب ان لا يعتريه الضعف امام الصعاب مهما كانت ومهما كثرت فهي هينة مادام القصد نبيلا والطريق واضحة وان كانت شائكة وطويلة.
الناقد صلاح عباس كتب: البناء طرق ابواب الموضوعات التي الفناها في الفن التشكيلي مثل الملاحم والاساطير المستمدة مادتها مما يحفل به موروثنا الرافديني عبر مراحله التاريخية المتعاقبة، كما جسد بعضها في الصور الفنية الممثلة ببعض النصوص الادبية والشعرية، فالبناء كان قارئا جيدا للادب كما كان مشدودا لقراءة قصائد شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري، فقد اخذ بترجمة النصوص الشعرية من خلال ازميله على الخشب المحلي ليظهر لنا موضوعات عراقية اصيلة.
ويستخلص الناقد الراحل شاكر حسن ال سعيد: سأكتفي بالاشارة الى موقف الفنان نفسه فان عبدالجبار البناء، شأنه شأن كل النحاتين العراقيين الاخرين لم يتجاوز المشهد الثلاثي الابعاد لما بعد (جياكومتي والنحت التكعيبي وما قدمه جواد سليم في العراق) نحو ما قدمه (شوفير وتانجيلي ممن ادخلوا عنصر الحركة عليه) واخيرا ما تطور اليه هذا الفن عالميا من تطور مشهور ولكنه فنان مثابر ومخلص في احترام النقاد والمشاهدين والعمل الفني، وكأنه يحاول ان يقول : اني اقدم للاخرين ما بوسعي ان اقدمه من معطيات لا تتجاوز الثوابت الانسانية والمعرفية نحو المتغيرات التي شوهت معالم حضاراتنا باسم الابداع.
ويعد الناقد عادل كامل تجربة الفنان عبدالجبار البناء في احد اهم سياقات التجربة العراقية، ان كانت قديمة او معاصرة في سياق التقاليد الرصينة لمعنى الفن ودوره في البناء الحضاري فقد كافح الفنان اكثر من نصف قرن لمعالجة المشكلات الاكثر صلة بالنبض الداخلي للانسان.. اساطيره واحلامه ومسراته وعذابه ايضا.
فالفن عنده بدافع الانتماء له حتى الاخير شكل جزءا من ابعاد المعتقد الحيوي وهو المتصل بصناعة الحياة على نحو متوازن بين الميلاد والمطلق.
الفنان عبدالجبار البناء مواليد بغداد 1925 تخرج من معهد الفنون الجميلة 1960 اسهم في المعارض والنشاطات الفنية داخل العراق وخارجه منذ 1960 ولحد الان.