عاليه الفارسي – صور الفنانة التشكيلية العمانية عاليه الفارسي
تنتقل الرسامة العُمانية عالية الفارسي، من «التعبد في القمة»، وهو عنوان معرضها التشكيلي السابق، إلى «ضفاف الخلود»، معرضها الجديد، الذي سيفتتح بعد غد الأحد في السابع عشر من الشهر الحالي في صالة الفنون في فندق «الشنجريلا» بالعاصمة العمانية مسقط. المسافة بين القمة التي تعبدت بها، والخلود الذي تعرض أكثر من 35 لوحة على ضفافه، ليست زمنية فحسب، بل هي مسافة أسلوبية ولونية مع الإبقاء على جوهر الموضوع الذي تشتغل عليه الفارسي، البيئة والمرأة، لا سيما أن المعرض يقام بمناسبة يوم المرأة العمانية.
الفارسي التي تقف اليوم في مقدمة التشكيليات، ليس في سلطنة عمان فحسب، بل في منطقة الخليج العربي، ونستطيع أن نصنفها باعتبارها إحدى الرسامات العربيات التي أسست لفنها وأسلوبيتها مكانة بين التشكيليات العربيات، أو في خارطة الفن التشكيلي العربي، كانت قد بدأت مبكرا في مسيرة الفن التشكيلي، ماضية على خطى عمتها الرسامة العمانية المعروفة عربيا وعالميا، نادرة محمود. تقول الفنانة «منذ دراستي في الابتدائية وأنا أرسم أخطط وألون على أوراق دفاتري المدرسية، وهذا ما انتبهت إليه عائلتي ومعلماتي مبكرا وصاروا ينمون في موهبة الرسم».. وما إن ترعرعت وصارت تمسك الفرشاة حتى مضت في رحلتها مع سطح اللوحة والألوان، موضحة «منذ 17 عاما وأنا أرسم. شاركت في العشرات من المعارض الجماعية التي أقيمت داخل عُمان أو خارجها، والتقيت بعدد كبير من الفنانين العرب والعالميين والنقاد الذين ساعدتني النقاشات معهم وبينهم على اكتساب المزيد من التجارب». لكن عالية الفارسي، على الرغم من الانتباه المبكر لموهبتها، فإنها لم تدرس الفن متعمدة، بل درست الإدارة وحصلت على شهادة جامعية عليا في علوم الإدارة.. تقول «أنا لم أدرس الفن حتى لا أتقيد بقوانين الفن. أنا درست إدارة.. لم أدرس الرسم حتى أعمل بحريتي وأتعلم من أخطائي في توازن وإنشاء اللوحة وحتى اللون. الدراسة الأكاديمية للرسم كانت ستزرع في داخلي قوانين صارمة، وتعاليم ربما من الصعوبة التمرد عليها. نعم درست في لندن وغيرها بعض الكورسات لدعم تجاربي في الرسم وليس لحفظ قوانين الرسم، فأنا أؤمن بأن الموهبة والتجربة لا تحتاجان إلى قوانين، وهكذا اكتسبت خبراتي عن طريق الرسم وحضور المعارض والنقاشات. الدراسة كانت ستعوق حسي التجريبي، وباعتقادي أن الفن لا يتحمل قوانين ثابتة يجب أن أتبعها».
تشتغل عالية في مرسمها، كما يشتغل أي باحث في مختبره العلمي، وتقول لـ«الشرق الأوسط» التي التقتها قبيل افتتاح معرضها بأيام «أنا أحب التجريب، كل لوحة بالنسبة لي هي تجربة جديدة، وأفضل الانتقال بين المدارس التجريبية. لا أحب أن أتقيد بأسلوب معين أو تجربة أو أسلوبية ثابتة، الأسلوبية الثابتة مطب لترويض تمرد الفنان وحسه التجريبي في الرسم، الآن أنا في تجربة تحويل الأشياء التي في البيئة والتي يعتقد البعض أنها لا أهمية لها، لكنني أعيد صياغتها في أعمالي لتتحول إلى مفردات فنية.. النقود العمانية القديمة، ملابس النساء ذات الألوان البهيجة، حصى أجده على ساحل البحر، أو جزء صغير من صخرة، وأشياء أخرى لها علاقة بالبيئة، وهي كثيرة.. تتداخل لتكون موضوع وشكل اللوحة، فأنا أسافر كثيرا داخل عُمان، وأكتشف، بل أستعيد اكتشاف الأشياء والأشكال والألوان، لا أدري إن كانت لهذا الأسلوب علاقة بفن الكولاج، أم أنه صياغة جديدة للبيئة من خلال العمل الفني».
تستطرد قائلة «منذ سنوات وعيي الأولى اختزنت ذاكرتي الصورية أشكال البيئة التي أعيشها، وانبهرت بألوان الطبيعة العمانية التي أعشقها، وكذلك الألوان الزاهية للنساء اللواتي يعشن في الريف أو في مناطق الداخل (الصحراء)، فكان للون البحر الأزرق الصافي تماما وانعكاس الشمس على هذه الزرقة، وبياض الأبنية، واللون البني، ولون التراب، والأبنية القديمة والقلاع، والصخور التي تحمل لونا بنفسجيا مبهرا، تأثيراتها في تشكيل وعيي اللوني سواء كنت أعي هذا التأثير أم لا، لكنني أعيه الآن جيدا عندما أراه واضحا في لوحاتي، مع أنني ما زلت أتخذ من المرأة العُمانية والبيئة موضوعا جوهريا لأعمالي، لكنني لا أنقلها بأسلوب واقعي، بل أعتمد التجريد في تنفيذ اللوحة».
فن الاكتشاف واستعادة ما تكتشفه عالية يشكل تيمة أساسية في تحفيزها على الرسم، تقول «أنا لا أخطط للوحاتي بل أرسم اللوحة مباشرة، خاصة بعد أن تتشبع روحي بالمواضيع. زرت متاحف إيطاليا كلها، وعندما عدت شعرت بأنني أريد أن أرسم. أنا أحب أن أرسم.. الرسم بالنسبة لي هو أفضل طريقة للتعبير عن ذاتي، ففي لوحة «التعبد في القمة» رسمت امرأة تدخل في تأمل صوفي، تأمل ذاتي في القمة، قمة الروح أو المكان أو حتى الزمان.. هذه المرأة هي أنا، وهذه هي المرة الأولى التي أرسم فيها نفسي، وقد ضمنت اللوحة رموزا رقمية وحروفية لها مدلولاتها الشخصية التي تهمني. أنا لا أضع عناوين للوحاتي، بل عنوانا واحدا للمعرض، باستثناء «التعبد في القمة» العنوان الذي حمله معرضي السابق. كما أنني لا أفسر لوحاتي، وأترك ذلك للمتلقي.. اللوحة لا تفسر، مثلما القصيدة أو المقطوعة الموسيقية لا تفسر من قبل شاعرها أو مبدعها».
اللوحة البيضاء تقلق هذه الرسامة، فهي تعني لها أكثر من موضوع ومغامرة.. تعترف «نعم اللوحة البيضاء تقلقني كثيرا، أبقى أمامها حائرة، أحدثها، غالبا ما أحدث لوحاتي، فأنا كتومة بطبعي، قليلة الكلام مع الآخرين، ولا أبوح بأسراري للآخرين، سوى للوحاتي، أسراري في لوحاتي وفي أعمالي، ولوحاتي هي أيامي وتاريخي، لوحاتي ملغمة بالرسائل والأسرار».
في معرضها «ضفاف الخلود» تعرض عالية الفارسي إلى جانب اكتشافاتها الإبداعية للبيئة، وجوها «هي وجوه الناس الذين نلتقيهم دائما، لكنها ليست وجوها تقليدية، أعني أنني لم أرسمها كوجه فقط، وإنما يدخل في ذلك فهمي لهذا الوجه أو ذاك. هي فكرة عن هذا الإنسان أو ذاك، لهذا ترى هذا الوجه باسما وآخر حزينا، وهذا ستحبه وذاك ستكتشف طاقة الشر التي تكمن فيه، وأنا لم أرسم هذه الوجوه المنفذة بأسلوب تجريدي رغبة في أن أرضي أحدا، فأنا لا أرسم قيد الطلب أو تنفيذا لأحد لاستكمال ديكور بيته، ولا يهمني أن يرضى المتلقي أو لا، بل يهمني أن يتفاعل مع العمل، وأن أثير فيه طاقة الأسئلة. أفكر في المتلقي لكنني لا أضعه في ذهني عندما أرسم، وكذلك الناقد، مهمة الناقد تأتي بعد عرض لوحاتي، ويهمني رأي النقاد، لكن في النهاية أعمل ما أريده وما أراه صحيحا، ولا أغير اللوحة بناء على ملاحظات الآخرين سواء كانوا نقادا أو متلقين أو حتى فنانين».
لزيارة موقعها الشخصي
http://aliafarsi.com/page.php
من دبي: الفنانة عالية الفارسي تعرض 30 لوحة
عرضت الفنانة التشكيلية الإماراتية عالية الفارسي ٣٠ لوحة في مركز دبي المالي العالمي
لوحات الفنانة عالية الفارسي
شهدت قاعات معرض “االربع الخالي” The empty Quarter في مركز دبي المالي العالمي افتتاح معرض فردي للفنانة التشكيلية المعروفة عالمياً عالية الفارسي في دبي، وذلك بحضور عدد كبير من الفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي والفعاليات الثقافية والفنية في المنطقة. وكانت الفنانة العمانية قد عرضت لوحاتها سابقاً في العديد من العواصم الفنية العالمية مثل ستوكهولم وطوكيو وبرلين وشانغهاي وأبوظبي وجنيف وباريس خلال السنوات العشرين الماضية.
المعرض الفردي الأول للفنانة عالية الفارسي في إمارة دبي والذي يحمل اسم “سُموّ” يغطي رحلة أعمالها التي تتضمن بعض المحطات البارزة في مسيرتها المهنية، وتشكل صور الأشخاص الجزء الأكبر من التشكيلة الحالية وتظهر المسيرة الروحية للفنانة بمواضيع تعكس موروثها العماني. وقد حقق المعرض نجاحاً كبيراً وحضرته أهم وسائل الإعلام في المنطقة إلى جانب شخصيات رفيعة ومرموقة في دبي.
وقد جاء اختيار الفنانة لإقامة معرضها في إمارة دبي ضمن توسيع مسيرتها الفنية في المنطقة بعد أن اكتسبت شهرة ومتابعة مرموقة في مختلف أروقة الفن التشكيلي وتدشينا” لعدة مشاركات عالمية إضافية مقتبل صيف هذا العام في كل من فينيسيا وبازيل. وقد تواجدت كذلك عالية الفارسي في الأمسية التي حصل فيها عشاق الفنون في دبي على فرصة التحدث إليها وتوجيه الأسئلة لها مباشرة. وقد اتسمت الأمسية بجوها المريح والحيوي وتملؤه الموسيقى الحية التي يؤديها عازف آلة الناي خلال تناول الضيوف للعصائر والمأكولات الخفيفة المتنوعة.