الكاتب: محمد عبدالله
نبذة عن الكاتب: محمد عبدالله | من مواليد – 18.04.1987، يسكن في العراق ويعمل صحافي ومصوّر فوتوغرافي. التحصيل الدراسي – دبلوم فنون جميلة.
التصوير بالأسود والابيض
قد يتساءل أحدكم لماذا نصور بالأسود والأبيض ما دمنا نستطيع التصوير بالألوان؟ الجواب إنك عندما تفقد نعمة الألوان وتصاب بعمى الألوان عندها ستكون مضطرا للتصوير بالرمادي، وإليك طريقة التي تؤدي إلى العمى بالألوان، تأخذ ملعقتين من السكر وملعقة من الملح وملعقة من زيت القطن وتضعهم في نصف لتر من الماء ثم تذيبهم جيدا و تضعهم في قدح معتم وتعرضه أمام الشمس دون تحريك لمدة ثلاثة أيام ثم تصب المحلول في قدح شفاف وتنظر من خلاله إلى الشمس، عندها يقوم المحلول بحرق الخلايا الحساسة للألوان في شبكية العين، حسنا الآن إذا صدقت ما اختلقته سابقا يستحسن بك أن تدرس الفيزياء قبل التصوير.
الحقيقة أنّ التصوير (الرمادي) أو التصوير بالأسود والأبيض شغل زمن ما يقارب 35 عام قبل اكتشاف التصوير بالألوان، وبالرغم من اكتشاف التصوير بالألوان إلا انه لا يزال التصوير بالرمادي يشغل المصورين حتى يومنا هذا، وذلك لما تمتلكه من خصائص وصفات خاصة تميزها في الجانبين الصحفي والفني.
ففي الجانب الصحفي الصور الرمادية أكثر حيادية ومهنية من الصورة الملونة، وذلك لان الأطوال الموجيّة للألوان تأثر على العين وربما تبعد العين عن الهدف الرئيسي خصوصا عند استخدام عدسة واسعة، فلذلك الصور الرمادية تنقل الحدث بكل تفاصيله دون الانحياز ويشاهد الناس الحدث وليس الألوان، ورغم أنّ اغلب الصحف أصبحت تُصدر بالألوان على الأقل الصفحة الأولى والأخيرة، إلا أنّ التصوير بالأسود والأبيض أكثر تأثيراً في هذا المجال.
أما في الجانب الفني فلهذا النوع من التصوير مذاق خاص فكثيراً ما يلجئ المصورين للتصوير بهذا النوع لإظهار المعاناة، أو إظهار تقاسيم كبار السن، والمميز في هذه النوع من التصوير أنك تتحكم في جمالية الصورة من خلال ثلاث أشياء وهي الحدّة وكمية الضوء وعمق الميدان، فكلما ازدادت الحدّة في الصورة أصبح تأثيرها قاسيا من ناحية المعاناة، وكلما أصبحت ناعمة كان تأثيرها لطيفا ودافئا.
أفضل توقيت للتصوير بالأسود والأبيض هو الجو الغائم، أحيانا أسمع تذمر المصورين من الجو الغائم لأنهم لا يستطيعون الحصول على صورها مشبعة بالألوان، إن لم تنجح في الحصول على الألوان استغني عنها نهائيا وابدأ التصوير بالرمادي، إنّ للجو الغائم ظلال جميلة جدا وناعمة وأنا أحب تصوير الأشخاص في الأجواء الغائمة، وهذا لا يعني أنّ التصوير بالرمادي في الجو المشمس غير مجدي بالعكس إنّ للشمس مذاق مختلف وجميل أيضاً شرط إظهار الظلال والأضواء في الصورة.
إنّ جمال التصوير في هذا النوع من التصوير يظهر جلياً في تصوير الفقر، التسول، البنايات المتهالكة، أطفال الشوارع، الأحياء الضيقة والقديمة، المرض، الأشجار الجافة، الحرف القديمة، بقع الضوء، الأطفال الصغار جداً، الزهور البيضاء، المعادن اللامعة، الأشياء أو الأشخاص المتباينين باللون، المنتجات التجارية… وغيرها من المواضيع.
بعض الكاميرات تمتلك خاصية التصوير بالأسود والأبيض، لكني أفضّل التصوير بالألوان ثم تحويلها فيما بعد بإحدى برامج تحرير الصور إلى الرمادي، وذلك لضمان الحصول على صورة ربما تكون بالألوان أجمل، وعد تحرير الصور قم بالتلاعب قليلا بالتباين (contrast)، ستكون النتيجة مبهرة.