المؤسسات الفوتوغرافية العربية تحت المجهر – الجزء الأول
الجمعيات الفوتوغرافية العربية .. نعمة أم نقمة على واقع التصويرالعربي؟
Yahya Massad مع Taha Krewi
ربما يوحي العنوان للبعض ومن تجاربنا السابقة يعني تعرية وسب وشتم ومحاسبة وفتح الباب لخلق فوضى دون التفكير بالتبعيات التي تلي ذلك .. وربما يعتقد البعض إنها مجرد منشورات ستنزلق كغيرها على مواقع التواصل الإجتماعي وتنتهي بعد ساعات أو أيام .. لكن جميعنا يعلم إن الحوار الهادف والبناء بهدف الإصلاح لا بد أن يكون على مستوى الوعي الذي نمتلكه كي لا يتحول الموضوع من مشكلة إلى مصيبة يفتح المجال للطعن الزائف والتنكيل بالآخرين مما سيؤدي إلى ضياع الفرصة الحقيقية للإصلاح والخدمة المجتمعية وأهدافها الحقيقية.
كتب غيري من الزملاء وكتبت شخصياً كثيراً حول هذا الموضوع على شكل همسات وبعض الأحيان شاركت على نقاشات مفتوحة على وسائل التواصل الإجتماعي ومرات كثيرة لم احاول الخوض في نقاشات مفتوحة كي لا أكون محسوباً مع جانب ضد آخر .. كثيراً ما وجهت لي أصابع الإتهام إنني اقف مع صف ضد الآخر أو أتعامل بوجهين كوني اقف على الحياد دائماً .. ولكن إرضاء الناس غاية لا تُدرك .. فكلنا أصحاب مباديء وقيم وأخلاق وتهمنا المصلحة العامة وخدمة الجميع وإن غلبت لدى البعض المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.. ولكن لا بد من كشف الحقائق كي لا نبقى عالقين في العالم الإفتراضي نقنع أنفسنا أننا نتنفس ونبني مستقبلاً في الحقيقة هو عالم ينتهي بمجرد إغلاق الكومبيوتر أو إنقطاع الكهرباء … ولهذا فلا بد أن نتطرق لتحديات الواقع بدل غرس الرؤوس في الرمال حتى لا يكون كلامنا في مهب الرياح.
ربما من مصلحة الكثيرين عدم الوصول إلى هذه الحدود من الواقعية في الطرح وإنني أعلم إن مبدأ الطرح وفتح هذه الملفات مرفوض جملة وتفصيلاً لدى البعض إلا إنني أحد الذين سيتحملون تلك التبعيات والمخاطر التي تلي مثل هذه المواضيع ولو بشكل شخصي إحتراماً لذاتي ولإيماني بمبادئي وحبي لهذا الفن والمهنة التي تربيت عليها .
لا شك إن التصوير ومع إنتشار الثورة الرقمية قد أخذ منحناً آخرغير مسبوق وإنتشار واسع مع إنتشار الآت التصوير الرقمية والتي اصبحت مرافقة مع جميع البشر حتى في منامهم والتي قامت التكنولوجيا بتوفيرها حتى مع أجهزة الجوال.
ويدعي البعض من ذوي الأفكار القديمة أن التكنولوجيا قد أثرت على مكانة التصوير ودور المصور الحقيقي وذلك بخلق جيل دخيل دون أدنى إهتمام بأهمية دور التصوير ومكانة الصورة فنياً, ولكن لو عدنا إلى جميع الأنظمة الداخلية للمؤسسات الفوتوغرافية العربية لوجدنا أنها جميعاً ومن خلال أهدافها تسعى للإهتمام بالحركة الفوتوغرافية وتشجيعها وأن الإنتساب إلى هذه المؤسسات متاح للجميع من مصورين و(محبي التصوير) والذين هم الشعب بجميع فئاته ولو فكرت المؤسسات وأستثمرت ذلك بإستقطابهم بشكل صحيح لخلق ثقافة فوتوغرافية ووعي لدى كافة شرائح المجتمع لأصبح أعداد الأعضاء بها أضعاف ما كانوا يتوقعون خلال وقت قصير وهو ما لم يكن متاح في أي فترة سابقة وكان من الصعب جداً تحقيقه .. فتلك المؤسسات لا ينحصر الإنتساب إليها بمن كانت مهنته مصور أو لديه كاميرا إحترافية فقط بل هي للجميع والتكنولوجيا خدمت تلك الأهداف ولكنهم لم يستثمروها بشكل سليم.
للأسف إن كثير من هذه الجمعيات والنوادي الفوتوغرافية لا تعمل وفق ما تأسست وإنشئت عليه غالباً .. حيث تبدا بمجموعة أشخاص مؤسسين لديهم آمال وطموحات للحصول على رخصة مزاولة نشاطاتهم وهواياتهم ومع اول تغيير إداري تنقلب الطاولة ليستلمها مجموعة من الأشخاص ذوي الطموحات الخاصة والذين يقومون بكل الوسائل للحفاظ على مقاعدهم بأساليب ملتوية للتحايل على الأنظمة الداخلية والقوانين المرعية في البلاد تحت ذريعة موافقة الهيئة العامة على القرارات والتي تعتبر سارية المفعول بعد إيجازها من الوزارة أو الدائرة المعنية مع الأخذ بعين الإعتبار إن أغلب الأنظمة الداخلية تقر أن إجتماع الهيئة العامة يعتبر قانونياً إذا اجتمع أكثر من خمسين في المئة من الأعضاء المسددين لإشتراكاتهم وفي حال لم يكتمل النصاب يتم تحديد موعد جديد للإجتماع ويكون قانونياً مهما كان عدد الحضور في الإجتماع الثاني .. حيث أنه وغالباً لا يكتمل النصاب في الإجتماع الأول لعدة أسباب منها عدم الإبلاغ عن الإجتماع حسب الأصول أو مقاطعة الأغلبية للإجتماعات نتيجة الشللية القائمة عليها تلك الإدارات والخلافات المتعددة معها مما يجعل المؤسسة قائمة على عدة أشخاص تربطهم بالهيئة العامة التي تحضر الإجتماعات علاقات شخصية ومصالح مشتركة.
كثير من المؤسسات تتحول نتيجة هذه الأوضاع إلى مؤسسات شخصية ربحية خاصة تتقنع بواجهة المؤسسة الرسمية ولكن خلف أبوابها تكون عبارة عن مكتب خاص لبعض الشخصيات يديرون أعمالهم وإستغلال مكانتهم وصفتهم الإعتبارية وتسخيرها لحسابهم الخاص وفي حال إنتهاء فترة إدارتهم يحاولون المستحيل كي لا تنتقل إلى اي شخص خارج دائرتهم المغلقة وبعضهم يتحايل على الأنظمة الداخلية ويقوم بتغيير النظام لتكون فترة ترأسه مفتوحة أو زمن اطول وفي حال عدم قدرتهم على ذلك وكشف تلاعبهم يعتمدون أسلوب آخر وهو حركة البندول الثابتة لتبقى بين طرفين منهم فقط يستلم هذا لفترة ويستلم الآخر الفترة التي تليها لتعود للأول وهكذا .. وهذا بحد ذاته تحايل على الأنظمة الداخلية ولكن للأسف ليس ضد القانون.
إن هذا الوضع ليس محصور في بلد محدد أو أشخاص معنيين .. بل هو منتشر كالنار في الهشيم في أغلب مؤسساتنا الفوتوغرافية في كل البلدان العربية إلا من رحم ربي من الأشراف والمخلصين لأنفسهم وفنهم وبلدانهم وهم قلة نادرة وهذا ما دفع الأغلبية عن العزوف للإنضمام إلى تلك المؤسسات لعلمهم الأكيد أنها لا تخدم سوى أشخاص وأن لا مكانة لهم للإستفادة منها سوى لحمل بطاقة عضوية قد تعفي البعض من ممارسة الهواية تحت غطاء رسمي ولكن الحقيقة أن هذه المؤسسات لم تقم بواجبها في الدفاع عن أحد من منتسبيها ممن تعرضوا لأي موقف وحتى لم تفتح الباب والدفاع عن فن التصوير لإيجاد حلول لممارسته بحرية في بلدانها أسوة بالرياضة والفنون المختلفة.
علينا جميعاً التعلم من المؤسسات التي سبقت ووضعت بصمتها القوية على الساحات المحلية والعربية والدولية والأخذ بمبادرتها وتعميم تجربتها كي تكون الفائدة كبيرة وخير دليل على ذلك وعلى سبيل المثال وليس الحصر الجمعية العُمانية للتصوير التي تعتبر تجربة خاصة ناجحة ويجب تعميمها والسيرعلى خطاها وعلينا إستقطاب أطرافها في فعالياتنا ومهرجاناتنا كي يكون لهم حضور نستقي منهم تجربتهم ونستمد منهم طريقنا إلى النور إن كان هدفنا مستقبل التصوير والمصور العربي.
همسة : محاربة الناجح لن تؤذيه ولكنها ستضعف قدرتك على العطاء بشكل إيجابي.
يحيى مساد
قريباً .. الجزء الثاني بعنوان (إتحاد المصورين العرب .. الأمآل والطموحات)
#Yahya_Massad
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي انتظار الجزء الثاني