المرأة وكفاحها الثوري على مر العصور
مي منصور
لم يكن اشتراك المرأة المصرية بكثافة فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو من قبيل المصادفة وإنما ترجمة حقيقية لتصرفات المرأة المصرية على مر العصور، فقد سجل التاريخ نضال نساء مصر الطويل من أجل الحرية والاستقلال للوطن والحصول على الحقوق فى التعليم والعمل والمساواة بالرجل.
وقد عرفت مصر الكثير من المناضلات فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية أمثال هدى شعراوى وصفية زغلول وسيزا نبراوى حتى إن نساء مصر كن حديث العالم إبان ثورة 1919 ، وقد سجلت عدسات المصورين العالميين الكثير من اللقطات لنساء إشتركن فى المظاهرات كتفاً بكتف مع الرجال مطالبات بالإستقلال والحرية وتصدرت هذه الصور أغلفة المجلات والجرائد وأبدع الرسامون فى رسم لوحات لهن مثل التى تصدرت غلاف إحدى أشهر المجلات الفرنسية LE PETIT JOURNAL أو الجورنال الصغير المصور تحت عنوان « مظاهرة نسائية فى مصر » تظهر فيها النساء بكثرة فى الصفوف الأولى للمظاهرة خلف الرجال ويحملن علم مصر الأحمر ذا الهلال والنجمة البيضاء ويهتفن بحماس من أجل الإستقلال.
وبعدها بعدة أعوام وبالتحديد عام 1923 احتلت صورة السيدة هدى شعراوى غلاف إحدى أشهر المجلات المصرية وهى «اللطائف المصورة» مع موضوع بعنوان « خروج السيدة المصرية الى ميدان العمل .. مثال للشجاعة » تحدث فيه الكاتب عن دور السيدة هدى شعراوى الزعيمة المصرية مشيداً بفضلها فى تاريخ النهضة المصرية الحديثة فهى مثال الوطنية وعنوان الشجاعة النسائية حتى إنه قال إننا لا نغالى إذا أطلقنا عليها إسم « جان دارك مصر « فقد سارت أيام الثورة فى طليعة جماهير السيدات المصريات اللواتى قصدن دور السفارات الأجنبية للاحتجاج ووقفن تحت أشعة الشمس الحارقة ساعات طويلة وأحاط بهن الجنود البريطانيون مصوبين اليهن حراب بنادقهم التى يتراجع أمامها كثير من الرجال ..ثم مضت بعد ذلك تعمل من أجل تحرير المرأه المصرية والخروج بها الى ميدان العمل وقد بذلت من أجل ذلك الكثير من الجهود فى مؤتمر السيدات العام فى روما ثم فى باريس حيث أوقفت العالم الأوروبى على حقيقة المرأة المصرية ونصيبها من الحركة الحديثة ومطالبها وغايتها التى ترمى اليها وهى التعليم العالى والخروج من القيود الثقيلة التى بقيت ترسف فيها أجيالاً طويلة، ولإن مصر لا تنسى جهاد نسائها فقد أقامت دار الأوبرا المصرية منذ أكثر من 45 عاماً إحتفالاً ضخماً وبالتحديد يوم الاثنين 31 مارس 1969 بعنوان «اليوبيل الذهبى 1919 – 1969 لإشتراك المرآة فى الثورة الوطنية » شاركت فيه وفود من مختلف الدول العربية والهند ورموز مصرية وجامعة الدول العربية تم فيه إلقاء الضوء على الدور البارز الذى لعبته النساء فى مصر فى الثورة ومن أجل رفعة البلاد وخاصة المظاهرة النسائية التى قامت يوم 16 مارس 1919 ضد الاحتلال البريطانى وأفعالة الوحشية ضد المصريين وللمطالبة بعودة الزعماء المصريين المنفيين وكان على رأس هذه المظاهرة الضخمة السيدة هدى شعراوى وكانت شفيقة محمد على رأس من أصيب من المصريات برصاص الاحتلال تلاها فهيمة رياض وعائشة عمر وحميدة خليل .
والآن بعد مرور ما يقرب من قرن على ثورة 1919 عادت المرأة المصرية لتقوم بنفس الدور الذى قامت به من قبل وكأنه مكتوب عليها أن تتصدر الصفوف وتتقدم المظاهرات وتتلقى الرصاص وتقدم الشهيدات وتقف فى الطوابير الضخمة لتدلى بصوتها فى الانتخابات حتى تقدم لمصر رئيساً جديداً لتفتح به ومعه صفحة جديدة من التاريخ المصري.