نصائح في انتاج تقارير فيديو جيدة؟
تراهن المواقع الإلكترونية على المواد الصحفية البصرية لاجتذاب أكبر عدد من المتابعين، فيلقي ذلك بالعبء على المصورين الفوتوغرافيين وصحفيي الفيديو لانتاج المزيد من التقارير الجيدة، كل ذلك وسط ظروف أمنية تتسم بالصعوبة والحساسية من قبل الشخص العادي في الشارع تجاه كل من يحمل كاميرا. مما دفع بالشرطة من جانبٍ آخر لرفع شعار “ممنوع التصوير”، ليصبح انتاج فيديو لا يتعدى الدقائق الثلاث مهمة شاقة على شخص واحد، سواءً حمل البطاقة الصحفية أو لم يحملها.
نعرّفكم اليوم على أبانوب عماد وأحمد حامد يعملان كصحفيي فيديو ومصورين فوتوغرافيين أيضاً، يملكان سجل من التقارير المصورة الجيدة على موقعي المصري اليوم وأصوات مصرية، حاورناهما لنعرف ما هو المزيج الذي يصنع قصصهما ويجتذب المهتمين والمتتبعين على شبكات التواصل الاجتماعي.
يقول أبانوب عماد، صحفي الفيديو بموقع المصري اليوم أن الزاوية المختلفة التي يختارها الصحفي هي واحدة من أهم عناصر الفيديو الجديد، كما يُضيف جانباً آخر للموضوع وهو ما الهدف الذي أصنع الفيديو من أجله؟ هل أريد أن أصنع تقرير أم قصة إنسانية أم فيلم قصير. كما يجب التنبه إلى مدى قدرة الصورة أو الفيديو على التعبير وإيصال الفكرة بدون كلام، كل هذا مع الحفاظ على ثبات الصورة نفسها وعدم اهتزازها.
يقول أحمد حامد رئيس قسم المالتيميديا بموقع أصوات مصرية التابع لوكالة رويترز، إن ما يصنع الفيديو الجيد شقّان، شق صحفي فهو مثل أي خبر لابد أن يحمل جديداً ويقدم زاوية مختلفة ومتفردة ويصل الى الجمهور في الوقت المناسب، أما الشق الثاني فهو تقني متعلق بجودة الصورة والصوت. كل ذلك لا يمنع من مشاهدة الناس أحياناً لفيديو رديء لانه يكون الوحيد الذي يسجل الواقعة أو الحادثة، مثل فيديو إعدام الرئيس العراقي صدام حسين، وهي وجهة النظر التي يتفق معها أبانوب تماماً.
لنأتي الى جزئية إيجاد الافكار إذن، أبانوب وأحمد يرفضان فكرة أنه لا يمكن لصحفيي الفيديو إيجاد فكرة أو مواضيع للتناول في لحظة معينة، فيقول أبانوب لا يوجد شيء اسمه “مفيش أفكار”، فالحياة اليومية مليئة بالمواقف لكن دائماً ما تميز زاوية التناول قصّة صحفية عن أخرى.
ويذكر مثالاً عن تقرير أنتجه عن الغاء الشرطة لاحتفالية نظمها متطوعون في منطقة الاهرام بعنوان “بلالين في حب مصر”، وكان هناك وسائل إعلامية أخرى تغطي الحدث غير المصري اليوم، وعندما ألغت الشرطة الاحتفالية وفرقت الجمهور أخذوا معداتهم وذهبوا، في حين أن هناك قصة فعلية وهي “المواطنون يدعمون السياحة والشرطة منعتهم خوفاً على السياح”.
يرى أحمد، أنه من الصعب أن تستيقظ صباحاً ولا تجد ما تعمل عليه، فمصر يعيش فيها قرابة 100 مليون إنسان، وان افترضنا غياب الاحداث السياسية يمكن أن تنتج تقارير عن صناعة الفخار مثلاً، أو برد القاهرة والشتاء في العشوائيات. هناك دائماً قصص إنسانية “لو كنا نشبه سويسرا مثلاً سنستطيع انتاج قصص إنسانية قوية، ومبادرات وحياة ثقافية واجتماعية واقتصادية”، لكن يجب الإضاءة على المشكلة “التي لا تتعلق بنقص الافكار بل بغياب الحرية، فإذا ما انعدمت الحرية بالرغم من غزارة الأفكار لن تستطيع انتاج فيديوهات جيدة.”
وفي سؤالنا عن النصائح التي يجدر بكل صحفي فيديو مبتدىء أن يأخذها بعين الإعتبار، قال لنا أحمد أنه اعتمد طريقة خاصة في التعلم منذ البداية، فبجانب دورة تدريبية حضرها مع المركز الدولي للصحفيين لمدة 9 أشهر بعد تخرجه من الجامعة مباشرةً وقد علّمته الكثير، كان حريصاً أيضاً على التعلم الذاتي، من خلال ملاحظة وتتبّع عمل المصورين المحترفين، وتوجيه الأسئلة لهم حول التقاط الصور والزوايا المناسبة، وطبعاً لم يغفل عن الاحتفاظ بوسائل التواصل معهم فيما بعد.
أضاف حامد على ما سبق، أنه على صحفي الفيديو المبتدىء أن يشارك في المسابقات، أن يبحث عن مجتمع المصورين ويشارك في ما يسمى photo walks، ويقرأ مواد ومعلومات عن التصوير على الانترنت. من جانب آخر، ميدانياً يجب أن يبحث في البداية عن مساحة آمنة للتصوير بدلاً من المساحات التي يمكن أن يتعرض فيها للمضايقات من الناس أو من رجال الأمن. بالاضافة لكل هذا، من الضرورة أن يبني علاقة جيدة مع الناس، فالمصور يحتاج أن يكون ودوداً ويطوّر قدرة على إجراء حديث هادىء معهم “كي تستطيع أخذ القصص الجيدة منهم”.
أمّا أبانوب فيعتمد قاعدة “من لا يقرأ لا يكتب”وينصح بتطبيقها في صحافة الفيديو. فمن لا يشاهد أعمال الآخرين لا يستطيع أن ينتج فيديو خاص به، ومن لا يجرّب لن يستطيع معرفة أخطائه وكيفية تصحيحها. من الضروري أن يشاهد صحفي الفيديو المبتدىء باستمرار انتاج صحفيين آخرين حتى يتجنب التكرار ولكي يخلق لنفسه مع الوقت والتجربة أسلوباً يتميز به.
ويرى أبانوب أن هناك فارقاً بين مصور الفيديو الذي يقتصر دوره على التقاط مشاهد دون أن يكون حريصاً عن الإجابة على الأسئلة الخمس الرئيسية (من-ماذا-متى-أين- لماذا) وكيف، وبين صحفي الفيديو الذي يشكّل فريق عمل في حد ذاته، فإلى جانب التصوير فهو منتج أفكار ومعد ومخرج وفني صوت وإضاءة ومونتاج، مستخلصاً أن إتقان كل هذه الفنون والتقنيات يتطلّب العمل الدؤوب والإرادة بجانب المتابعة والقراءة لتكوين الخبرة اللازمة.
إن كنت قد حددت زاوية الفيديو الذي ترغب بتصويره وإلى أي نوع ينتمي، ينصحك أبانوب بالتالي:
- حدد المصادر وأماكن التصوير
- الرؤية البصرية: تصوّر الشكل البصري لقصتك، ما المشاهد التي تريد تصويرها
- تأكد من جودة الإضاءة وإن كان معك معدات صوت تتناسب مع المكان، فالشارع مثلاً يحتاج لميكروفون خاص
- تنبّه كثيراً للمونتاج، فهو من يحدد إن كانت قصتك جيدة أو سيئة
ينصحكم أحمد بدوره:
- حاول أن تقرأ التقارير التي سبق وكُتبت عن الموضوع
- تأكد من انك تعرف العنوان جيداً ولديك وسيلة تواصل مع المنظمين للحدث
- أثناء بحثك عن زاوية مختلفة لا تنسَ تصوير المشاهد الأساسية التي يحتاجها موضوعك
يقول أبانوب، إذا ما واجهت مشكلة في الشارع تحدث مع الناس المتذمرين، بعد المناقشات سيوافقون على التعاون معك. أمّا إذا كان هناك رجل شرطة أظهر له البطاقة الصحفية أو إذا كان التصوير يتطلب تصريحاً إبحث عن من يساعدك في استخراجه، مع عدم إغفال أن هناك صعوبة تواجه الصحفيين المستقلّين تحديداً وذلك لصعوبة إثبات هويتهم لرجل الأمن.
أخيراً، لا مجال للإحباط والإستسلام للمعوقات، فإذا أغلقت المؤسسة التي تعمل بها أو تمّ تسريحك لأي سببٍ كان، فلا تنسى بأنّك صحفي فيديو يمكنك أن تنتج أفكار تنشرها بنفسك أو تبحث عن مؤسسة للنشر لأن “كل الصحف متعطّشة لمحتوى بصري جيد”، وفق ما قاله أحمد.
الصورة الأولى لأبانوب عماد، أمّا الثانية فهي لأحمد حامد.