على مدار تسعة أشهر سيطر الملل والتعب والإرهاق على الجميع داخل أركان أكبر جهة تشريعية، وبعد طول غياب حانت اللحظة المنتظرة ألا وهى نهاية دور الانعقاد الأول، فالكل بدى على طبيعته وكانت العفوية سيد الموقف مثلما هى دائما فى لحظات الفرح والحزن، وفى تلك الأثناء، دارت عدسات المصورين بالشكل المعتاد هنا وهناك لكنه وقعت هذا المرة على صيد ثمين، متمثل فى قبلة طائرة فى سماء القبة التقتها إحدى الكاميرات ليحدث بعد ذلك ما لم يخطر على بال أحد.
المثير أن “القبلة الطائرة” زادت قيمتها من قيمة صاحبها، الذى كان لحسن الحظ أو سوءه حسب كل فريق تنتمى إليه، رئيس البرلمان بنفسه الدكتور على عبدالعال، الذى قرر إهداء تلك القبلة إلى نوابه نظرًا لتأديتهم المهمة على أكمل وجه فى رأيه، لذا استحقوا تلك اللافتة الطيبة، التى خرج بها عن المألوف فى عديد من النقاط سواء جمود المنصب وطابعه الكلاسيكى وأيضًا طابعه الشخصى الوقور الذى اكتسبه نتيجة عمله كأستاذ جامعى قبل ترأس للبرلمان لكنها العفوية فى النهاية.
ونعود إلى حكاية اللقطة المثيرة بعدما استقرت القبلة الطائرة داخل الكاميرا، فلم تلبث إلى أن طارت مرة أخرى لكن هذه المرة على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى، هنا تحولت العفوية إلى معركة كل فريق يحاول استغلال تلك اللقطة على حسب رؤيته فمنهم من اعتبار القبلة رسالة شكر من الرئيس لنوابه على طاعتهم وتمرير القوانين والمقترحات بدون جدال أو مناقشات فكل ما أرادته الحكومة تحقق على أرض الواقع ولا عزاء المواطن البسيط، بينما اعتبر الطرف الآخر أن اللقطة وما عليها من تعليقات ما هى إلا محاولات للصيد فى الماء العكر وإنكار جهد “برلمانى” جبار، والدليل على فعالية المجلس ما حدث مع وزير التموين المستقيل.
وفى ثنايا هذا الصراع بين الفريقين فوجئت عدسة الكاميرا حجب النور عنها فى اليوم التالى، كعقاب لها على أداء مهمتها، وعدم التزامها بالطابع الروتينى والصبغة الرسمية المفروضة على من يدخلون إلى هذا المكان .. مثلما لم يدوم المنع طويلا، لم تطول لحظات العفوية تحت القبة.