دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– يعجز المرء أحياناً عن فهم ما يجري في سوريا في ظل طوفان من الأخبار والقصص اليومية، وكما هو الحال في كل حرب، تضيع الكثير من التفاصيل الإنسانية في خضم القتل والدمار والجوع والقهر.
وهنا تكمن أهمية الفن أكثر من أي وقت مضى، فبغض النظر عما إذا كان صورة فوتوغرافية أو لوحة أو فيلماً أو منحوتة، يخلّد الفن حادثة أو لحظة بشكل إنساني تلمس المشاعر أكثر من الأرقام والإحصائيات، وبلغة تخاطب أي شخص مهما ابتعد عن الشأن السوري. وتقول مديرة مؤسسة الأتاسي للفنون والثقافة، شيرين الأتاسي، إن دور الفن في هذه المرحلة هو إعطاء صورة حضارية جميلة عن الشعب السوري، بعيداً عن الحرب والتهجير والمجازر.
الوجه الجميل لسوريا
ويبدو التوجّه لعرض الجانب الجميل لسوريا بارزاً في قسم مؤسسة الأتاسي ضمن النسخة الأخير من معرض “آرت دبي” في شهر مارس/ آذار الماضي، إذ ترحّب بالزوار مجموعة من الأعمال الفنية من مختلف حقبات الفن السوري، من الفن الفلكلوري الشعبي، مروراً بأعمال من العصرين الحديث والمعاصر، وانتهاء بالفن السوري ما بعد العام 2011. والأعمال التي عُرضت هي من مجموعة مؤسسة الأتاسي التي تعود بداياتها إلى تأسيس غاليري الأتاسي في حمص في ثمانينيات القرن الماضي.
وتأتي مبادرة المؤسسة في مرحلة مليئة بالتحديات للفن السوري. ويشير الفنان السوري فارس خاشوق، الذي كان لديه بعض الأعمال المشاركة في المعرض، إلى أن الحرب السورية أدت إلى توجه الاهتمام العالمي إلى الفنانين السوريين، فضلاً عن بروز أسماء فنانين جدد في ظل اتّساع حيز حرية التعبير. ولكن، الكثير من الفنانين وجدوا أنفسهم في عداد اللاجئين المجبرين على الابتعاد عن الفن بحثاً عن عمل لإعالة أنفسهم وعائلاتهم.
ويشيد خاشوق بالدور الإيجابي لمؤسسة الأتاسي في هذه المرحلة، عن طريق تنظيمها لنشاطات ومعارض تشجع الفنانين السوريين أينما كانوا على الإنتاج ضمن إطار زمني، وإتاحة الفرصة لهم لعرض أعمالهم في مبادرات فنية عالمية.
قد يهمك أيضاً: هل تخيلت يوماً وجه سوريا الجديد؟
فن يفهمه الجميع
وخاشوق هو من الفنانين الذين لاقت أعمالهم أصداء عالمية في ظل مآسي الحرب السورية، نظراً إلى توظيفه رموزاً تبسيطية سهلة الفهم جذبت المشاهد الأجنبي خصوصاً، وهو ما أدى إلى تضمين أحد تصاميمه في كتب المنهاج الدراسي الفرنسي. ويصف خاشوق أعماله بأنها “توثيق للحظات من الثورة السورية ونقلها ببساطة الى مشاهد آخر قد يكون سورياً أو غالباً من جنسية أخرى”.
ورغم فظاعة الأحداث التي يتحدث عنها في أعماله، إلا أن خاشوق يحاول التعبير بصيغة سلمية وغير دموية، موضحاَ: “أريد أن أحكي عن المجازر التي يُذبح فيها الأطفال في سوريا… ولكن ليس بالضرورة عبر وضع صورة طفل مغطى بالدم، بل أطمح إلى ايجاد حل يجعل المشاهد الغربي لا يشيح بنظره بسبب الصدمة”.
ومع دخول الحرب السورية عامها السادس، قد يصعب على الفنانين السوريين، خصوصاً الذين غادروا البلاد، إنتاج أعمال بعيدة عن أثر الحرب، النفسي أو الجسدي أو المادي. وهنا يحذر خاشوق من أن تصبح الحرب العدسة الوحيدة التي ينظر الفنان من خلالها، مضيفاً: “إذا بحثنا عن كلمة حمص، فإن أول 300 صورة ستظهر على محرك البحث، ستركز على الدمار.”
ويرى الفنان السوري أن “هذا التأثير للصورة فيما يتعلق بالتواصل (البصري) هو كارثة ويحتاج الى سنوات حتى يختفي”، مشيراً إلى أن مؤسسة الأتاسي تقوم بدور “مميز” في تغيير هذه الصورة عبر المشاركة في المحافل الفنية حول العالم وعرض الجانب الجميل من سوريا