من قبل Abdelfattah Ameen — مع Malak Abida
هناك أشخاص يتركون بصماتهم في حياتنا .. ويبقون خالدين في الذاكرة مهما طال العمر واتسعت مسافات البعاد .. أو حتى لم نعد نلقاهم .. فقط لأنهم كانوا على ذلك القدر العظيم من النبل الإنساني .. والاحترام والتقدير .. والوعي والرقي الفكري .. والمهنية العالية .. فوق ذلك كله … الخلق الرفيع .
طالعت على صفحة أختنا المحترمة الفنانة الكبيرة Hoda Omar صورة لها في معرض لها في فترة سابقة تجمعها والفنان شريف منير ..ومعالي الفنان السفير أو السفير الفنان فخري عثمان … و تداعت الذكريات فقد شرفت بالقرب منه في الثمانينات .. عندما كان سفيرا لمصر في صنعاء وكنت أعمل وقتها صحفيا في صحيفة الثورة اليمنية .
وكنت قدمت لوحتين من أعمالي وقتها هدية إحداهما لمكتب مصر للطيران والثانية لسفارتنا في صنعاء .. ولسوء حظي أن سعادة السفيريومها لم يكن موجودا فتركتها وبعدها بيومين فوجئت بتلفون وكان من سعادة السفير حقيقة لم أصدق وقتها من عذب حديثه ورقة كلماته .. ثم دعوته الكريمة لي للقائه في مكتبه .. وهناك استقبلني استقبالا رائعا .. أحسست معه بعظمة مصر ورجالها الذين يمثلونها في الخارج .. فالرجل – ما شاء الله تبارك الله مهاب الطلعة .. قامة .. ووجاهة – إلا أني فوجئت بالإنسان النبيل .. صاحب الخلق الرفيع .. والأدب الجم ..ووده الذي طغي على الرسميات .. وجدت أبا حانيا .. أنساني لحظتها كل هموم الغربة .. ولما تجاذبنا أطراف الحديث عرفت الفنان الكبير فيه .. وكان لي بعدها شرف مشاهدة الكثير من أعماله الفنية الرائعة في منزله .. وظلت دعواته الكريمة ولقاءاته حتى غادرت صنعاء إلى السعودية – خلال مشوار الحياة في البحث عن لقمة العيش والذات –
وحقيقة – لا مراء فيها – كان هذا الرجل العظيم من أعظم من مثل مصر رسميا بالخارج فلقد علمت – عن ماقدم للبلد – الكثير الكثير… منه ما لمسته وعايشته بنفسي ولا تكفي صفحات هنا للكتابة عنه ، وأكثر منه ما لم أعايشه .. أما عن الجانب الشخصي والإنساني فمهما قولت فلن أوفيه حقه ، فقد كان يستمع كثيرا ويتسع صدره لكل من يتصل عليه أو يتكلم معه ويذلل العقبات للمصرين ويحل مشاكلهم وأقسم أن هناك من كان يتصل عليه في مسائل عائلية ( كمصريين مقيمين في الغربة ) ولم يتخل الرجل عن دوره الإنساني أبدا إلى جوار دوره الرسمي.. كان وحده قريبا من المصريين .. ينزل النادي المصري في صنعاء فيلتقي بالناس فتتلاشى المساحات بين الرسمي والإنساني فتبدو الصورة أكثر إشراقا وروعة … يشعر معها المغترب بأن مصر الدولة .. تقف إلى جانبه .. قريبة جدا منه رغم المسافات
افتتح لي معرضي الشخصي في قاعة نادي الوحدة الرياضي بصنعاء … شاركنا – تواضعا منه – معرض الفنانين المصريين بأحد أعماله في قاعة نادي القوات المسلحة بصنعاء .. افتتح معرض الفنانة الكبيرة الرائعة السيدة جميلة نسيم حرم الدكتور عبدالمنعم البدراوي في قاعة فندق شيراتون صنعاء .. كم كان حريصا على رسم ملامح صورة مصرية رائعة من خلال رعايته للفنون والفنانين المصريين هناك
نعم قد كان صورة مشرفة … ويقينا أنه رغم المقاطعة العربية لمصر بعد كامب ديفد .. إلا أنه استخدم ( القوى الناعمة ) على أروع ما يمكن .. وعبر عن مصر أعظم تعبير .. ولا أنسى احتفال السفارة بذكرى ثورة 23 يوليو في فندق رمادة حدة وحضور ممثلين لكل البعثات الدبلوماسية في صنعاء وكبار رجال الدولة اليمنية أذكر منهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والعديد من الوزراء .. متجاوزا بذلك كل قطيعة .. ولا أنسى للراحل العظيم محمد الزرقة الصحفي اليمني الكبير مقولته تعليقا على المقاطعة … فلينظر كل واحد حوله في أي دولة عربية ليعرف أن مصر موجودة بكل أطيافها .. تعلم وتعالج وتبني وتزرع وتصنع … كم هم حمقى يا صديقي – يقصد الحكومات – وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع كامب ديفد إلا أنه يبقى دور أمثال هذا الرجل العظيم في الحفاظ على حلقات الوصل والتواصل والصورة المشرقة لمصر
للأسف الشديد مرت سنوات طويلة ولم ألتق سعادة السفير لكنه بقي محفورا في وجداني وذاكرتي بصورته الرسمية والإنسانية والفنان المتميز … تحياتي وتقديري له أينما كان