المصور الضوئي عبدو نبيعة
ضرورة الترابط بين القيم الجمالية والفكرية للصورة
اللاذقية
الثلاثاء 23 / 8 / 2005
فدوى مقوص
فن التصوير الضوئي , احد الفنون التي تعكس الحياة ومواقفها وترصد القيم الجمالية المحيطة بنا , وهو كما يطلق عليه فن الرسم بالكاميرا ,
يعد من أكثر الفنون مصداقية في توثيق وتسجيل المواقف المختلفة في حياتنا بحزنها وفرحها , شقائها وبؤسها , تطورها وأزليتها عبر الزمن التقينا الفنان عبدو نبيعة الذي يؤرشف عناصر الجمال والدفء والروعة من حوله من خلال الكاميرا التي يجعلها ضالته ورفيقته , ريشته وألوانه ويسجل بواسطتها المشاهد الإنسانية والحياتية وكذلك الطبيعة من خلال صوره الفوتوغرافية .. حيث دار معه الحوار التالي :
حبذا لو تعطينا لمحة عن تجربتكم الفنية ?
علاقتي بالرسم ولاسيما المدرسة الواقعية كانت البداية للبحث عن وسيلة أسرع وأكثر نشاطا لتسجيل اكبر عدد من المواقف والمشاهد الإنسانية في الحياة .. فكانت الكاميرا هي ضالتي ورفيقتي .. ريشتي وألواني اعتمد عليها في إنجاز موضوعاتي توثيقا وتسجيلا .. جمالا .. وطرفة . فمنذ عام 1990 عندما التقطت الصورة الأهم لتلك المرحلة لرجل كهل جدا يحمل زاده بيده وعصاه بيد أخرى بلباسه الشتوي في فصل الصيف .. من هنا كانت بدايتي .
ماذا عن مشاركتكم في معرض التراث ?
عناصر الجمال والدفء والروعة التي يتمتع بها ريفنا الجميل يجعلني أتفقده بين الحين والحين برحلات اكتشاف للطبيعة البكر , وما يلفت الانتباه هو تلك البيوت الريفية القديمة التي هجرها أهلها إلى بيوت الاسمنت لتصبح أطلالا تشعر وأنت تنظر إليها بالتساؤل والحيرة , كما تحس بالفخر بها وبأهلها الذين عانوا وصمدوا في وجه قسوة الحياة وعاشوا فيها وربوا جيلا أصيلا .. للأيام .. تلك البيوت « التراث » لابد من تحيتها , وحفظها بالذاكرة قبل أن نفقدها .
ورحت أصور كل ما تقع عيني عليه من تلك البيوت بكل تفاصيلها ومفردات العيش فيها لاسيما عندما زرت تلك « الختيارة » في خربة سولاس التي أبت أن تترك بيتها محافظة على كل تفاصيله الرائعة « على الرغم من صعوبة العيش فيه » فكانت لي مجموعة من الصور الرائعة جعلتني أفكر في إقامة معرض خاص .. ولكن دعوة شعبة التراث في اللاذقية من خلال رئيسة الشعبة السيدة نيادا يحيى سرّعت بإحياء هذه الفكرة عندما دعتني للمشاركة في المعرض الأول للتراث فشاركت بمجموعة من الصور التي تحاكي البيت الريفي القديم وبعض الصور الأخرى لمجموعة من الوجوه الريفية الرائعة الطيبة , ومجموعة أخرى للتنور « الخبز والملح » الذي اعشق ..
ما دور الصورة في أرشفة التراث ورصد الواقع بشكله الحقيقي ?
قيل ( أن ترى أفضل ألف مرة من أن تسمع ) .. يعتبر التصوير الضوئي احد أهم وأسرع وأبسط وأدق واصدق الطرق التسجيلية والجمالية التي أصبح الإنسان يعتمد عليها في عصرنا لحفظ تراثه وتوثيقه .. ويقوم التصوير الضوئي بأرشفة التراث بعيدا عن العبث والتزوير. تحمل اللوحة طاقات تعبيرية بقيم جمالية , فكيف تحافظ على هوية القيمة الفنية بالارتباط مع موضوع اللوحة ?
الإحساس والثقافة هما المدخل إلى تحقيق الترابط التام بين القيم الجمالية للصورة وما تحمله من بعد وفكر وفلسفة عندما تتوفر آلة تصوير جيدة بين يدي فنان موهوب مرهف يعرف كيف يختار موضوعه ويوجه عدسته بزاوية رؤية مناسبة ومدروسة لاختيار لحظة الحسم بالضغط على زر الكاميرا وتثبيت الزمن .. هناك .. الفنان الموهوب هو الذي يستطيع أن يعرف متى يقرن ويربط ويجمع ويفرز بين مجموعة الأشياء أو الأحداث أو التأثيرات ضمن إطار واحد يحسبها المتلقي للوهلة الأولى أكثر من صورة مدمجة .. إنها عيون الإحساس , عيون التجربة التراكمية التي تغني مخيلة الفنان المصور الذي يجب أن يفكر قبل أن يصور ويكون سريع البديهة إلى حد الحدس العالي ..
ما الموضوعات التي تشدك إليها ?
الشارع بإنسانياته المتباينة .. عفوية وعذابات .. شقاء وفوضى .. حق وباطل .. هجر وحرمان .. الإنسان الكهل .. المحروم .. المهجور .. المقهور .. تنور الضيعة « خبز وملح الأصالة » .
ماذا عن مشاركاتك في معرض التصوير الضوئي?
أول مشاركة لي كانت في المسابقة الدولية للصورة الصحفية بأمستردام هولندا عام 2004 , ثم شاركت في المهرجانات والمعارض التالية : معرض مهرجان ملامح أوغاريتية عام 2004/2005, معرض جمعية العاديات بحلب / 2004 / , ومعرض التصوير الضوئي في ألمانيا مع نادي التصوير الضوئي بدمشق , تصوير وحروفيات خط عربي / المعرض السنوي للخط العربي بدمشق / 2002 – 2005 / .
والجدير بالذكر أن الفنان عبدو نبيعة من مواليد اللاذقية / 1964 / ويحمل شهادة دبلوم تربية رياضية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“عبدو نبيعة”، فنان .. لأربعة فنون
الثلاثاء 15 أيلول 2009
جمعَت كلمة فن الكثير من أعمال الإنسان الإبداعية والجميلة على مختلف الصُعُد وعلى مر العصور، يسمّى “فنان” كل من اختار واحدة من الفنون وعمل بها، أما الأستاذ “عبدو نبيعة” فلم يكفيه نوع واحد فهو رباعي المواهب، فالرسم، التصوير الضوئي، الكاريكاتور، والخط العربي كلها فنون من اختصاصه.
موقع eLatakia زار مرسم الأستاذ “نبيعة” ليبدأ حديثه معنا بالتحدث عن بداياته في هذه الفنون حيث قال: «لم يكن للمورثات أي دور في مجموعة المواهب التي وهبني إياها رب العالمين، فقبل سن المدرسة تفتحت موهبة الرسم بشكل لافت وكنت أرسم كل ما أراه في محيطي من أشياء وما أتخيله من حيوانات وهذا ما جعلني فيما بعد أعتمد على نفسي في رسم الواجبات المدرسية، فكان هذا بمثابة التدريب اليومي على التآلف مع القلم واللون والمنظور والتنسيق، تطورت فيما بعد إلى البحث عن مراجع واكتشاف مدارس الفن وطبيعة الألوان وتعددها وكيفية التعامل معها، وكان ذلك كله بحث ذاتي دون الاعتماد على أحد سوى بعض الملاحظات من هنا وهناك».
وأضاف قائلاً: «أما الوافد الثاني الذي سكن روحي فقد كان فن الخط العربي الذي غيّر مجرى حياتي فيما بعد، فكنت أتدرب يومياً على جميع أنواع الخطوط وخاصةً بعد أن اقتنيت كتاب “محمد هاشم البغدادي” الخطاط العراقي الكبير وكان ذلك عام 1980، حيث بدأت مرحلة التمييز بين الخطوط، ولعلاقتي الوثيقة وحبي بالرسم فقد أدخلت الحرف العربي إلى لوحاتي كعنصر تشكيلي وصرت أشتغل على اللوحة الحروفية وأهتم بها كثيراً».
يقال أن الخط العربي يمكن أن يكون مصدراً للرزق على غير الكثير من
إحدى لوحات التصوير الضوئي |
الفنون الأخرى وهذا ما لم ينكره الأستاذ “نبيعة” حيث قال: «أتذكر أول عمل (تجاري – إعلاني) قمت به، حيث كنت في الصف السادس الإبتدائي عندما كتبت لوحة إعلانية صغيرة (30×30) ويومها أخذت أجرتها – ليرة سورية كاملة – وقد كان فعلاً مصدر رزق لي بعد أن عملت في مجال الإعلان، وكانت هذه مرحلة مهمة جداً إذ أنها ساعدت على تطوير الحالة الإقتصادية والمادية واكتساب مهارات إضافية في العمل الفني الخاص».
وعن التصوير الضوئي (الفوتوغرافي) حدثنا الأستاذ “نبيعة” عن سبب اهتمامه بهذا الفن الحديث مقارنةً مع الفنون الأخرى قائلاً أن حبه للرسم وعالم اللون والاهتمام بالواقعية ومفردات الحياة ومراقبة ما يوجد حوله من بشر وحجر ولّد لديه عشقاً لتوثيق ذلك وتثبيت الزمن، فوجد الكاميرا ضالته، فلم تفارقه منذ أكثر من 30 عاماً، وعند سؤالنا عن أكثر ما لفت انتباهه كمصوّر قال: «لفت انتباهي الإنسان البسيط في الشارع كثيراً، لا سيما الإنسان الكهل ومعاناته في الحياة وصراعه مع لقمة العيش وتشرده على الأرصفة الموحشة، كما صوّرت الطبيعة والمناطق الجميلة في سورية واهتممت كثيراً بتصوير الآثار لاسيما بعد انضمامي لأسرة مهرجان “ملامح أوغاريتية”، ولا أنسى البحر الذي أحب التقاط صور له بأوقات وظروف مناخيّة مختلفة كما القوارب والصيّادين
مختارات من لوحات الخط العربي |
والزبد والموج والصخر».
أما عن حكايته مع فن الكاريكاتور فقد قال أنها تعود إلى فترة التسعينيات التي كانت تضج بكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية ومفارقات الحياة في العالم والعراق وفلسطين، وأضاف: «إن أكثر ما استهواني في هذا الفن هو الاختزال في التعبير عن الفكرة وارتباطه بمسحة من الدعابة والإبتسامة».
وبعد المرور السريع على قصص بداياته بهذه الفنون الأربعة، يخطر على البال سؤاله عن اللقب الذي يحب أن يوضع قبل اسمه، حيث قال رداً على السؤال: «لم أبحث في يوم من الأيام عن لقبٍ ما ولكن –والحمد لله- أثق بإمكانياتي وأرى في نفسي القدرة على ممارسة كل مواهبي بثقة كاملة دون إدعاء أو تكلف، فكلمة فنان وفنان خطاط أو مصور فنان تؤدي جميعاً إلى طاحون الفن»، وأضاف بجو من الدعابة: «لقد كنت لاعب كرة قدم فنان أيضاً».
وعن مشاريع الأستاذ “نبيعة” القادمة، أخبرنا قائلاً: «الأحلام كبيرة جداً، ففي مجال الخط العربي هدفي الوصول إلى لوحة تشكيلية حروفيّة خاصة بي وإقامة معهد لتعليم فن الخط العربي بالتعاون مع كبار الأساتذة الخطاطين في سورية، وعلى صعيد التصوير فأسعى إلى إنتاج أفلام وثائقية عن سورية ومشروع سورية في (50.000) لقطة».
ختم الأستاذ “عبدو نبيعة” حديثه بكلمة أخيرة وصف
إحدى لوحات “عبدو نبيعة” |
بها واقع الفنون الأربعة في “اللاذقية”، حيث قال: «”اللاذقية” مدينة غنية بالمواهب والفنانين على كل الصعد ولكنهم –مثلي- كسالى في التعريف بما لديهم».
والجدير بالذكر أن “عبدو نبيعة” هو مدرس تربية رياضية، يعد الآن خطاط محترف للإعلان، ومصمم فوتوشوب يعلم فن الخط العربي وتحسين الخط المدرسي في مرسمه، كما صمم العديد من أغلفة الكتب، ونشر العديد من المقالات عن الخط العربي، بالإضافة إلى مشاركته في معارض للخط العربي والتصوير الضوئي داخل وخارج القطر.