رحل مصور «انفعالات» عبدالناصر والسادات وبيكاسو.. وبقي السيجار في فم «جيفارا»
رييه بورى.. لو كنت لا تعرفه فهو المصور الذى التقط صورة صارت أيقونة فيما بعد، نرى فيها جيفارا وهو يدخن سيجاره. الصورة الشهيرة جداً عند المهووسين برمز المناضلين فى العالم المعاصر تشعر معها بحميمية غير مفهومة..لا تزال طازجة تشع بالحياة رغم أن المصور رحل والثائر كذلك.. وربما تجهل أيضاً أن بورى المصور السويسرى ذائع الصيت زار مصر عام 1959 والتقط صورة للرئيس جمال عبدالناصر مبتسماً ويظهر فى خلفيتها المشير عبد الحكيم عامر. وصور أيضاً السادات وحرمه فى رفقة الرئيس الأمريكى نيكسون وزوجته عند الأهرامات عام 1974.
كان بورى يهوى الكاريزمات. فى السياسة وفى الفن كذلك لأنه ألتقط صوراً معبرة لبيكاسو الرسام الإسبانى الفريد. كان مرتبطاً بالجوانب الإنسانية فى حياة البشر الأمر الذى ركزت عليه مجلة photo الفرنسية فى أحدث أعدادها وهى تحتفى به تحت عنوان وداعاً، تشكره على أعماله السخية والإنسانية التى تركها لنا.
من صوره تتأكد أن الرجل الذى غادرنا فى 20 أكتوبر الماضى كان يحب أيضاً أن يلتقط صور العابرين..الوجوه الصامتة ..الوجوه الواجمة والوجوه القلقة.. يصور اللحظات المؤثرة.. الأطفال الصم والبكم وهم يرفعون أيديهم فى مدرسة تعلمهم الإحساس بصوت الموسيقى حتى لو عجزوا عن سماعها.. يصور لحظات المغادرة ولحظات الإنتظار.. كانت الصورة حسبه ووفقاً لتعبيره انفعال..وكانت حياته كلها تكريساً لهذه الفكرة..
كان يدافع عن نفسه بالتصوير لمواجهة الزمن الذى لا يقف .. تزيد صوره عن 30 ألف صورة كانت أولها تلك التى صورها وعمره 13 عاماً..قال له أبوه الذى كان يهوى التصوير وهو يقدم له كاميرا كوداك خاصته اذهب هناك رجل مهم سيزور المدينة وكان الرجل هو رئيس الوزراء البريطانى تشرشل ونجح بورى فى تصويره.
ومن هذه اللحظة قرر الصبى الاستمرار فى تصوير “الإنفعال” الإنسانى فى كل حالاته.. صور الحروب فى فيتنام، فى لبنان، ليس بالمعنى المعروف أى أن يصور القتال نفسه لكن كما يقول كان يصور “المعاناة”، معاناة ما قبل القتال ومعاناة ما بعد القتال. المعاناة ليست هى الحرب ولكنها تبدأ قبلها وتستمر وقتاً طويلاً بعدها.
وعن صورته الشهيرة مع تشى جيفارا يقول إنه التقطها وعمرة 30 عاماً وكان جيفارا فى مكتبه وكان يبدو عصبياً ونجح فى تصويره وهو يدخن سيجاره لكنه لم ينجح، كما يحكى، فى الحصول على سيجار له من المناضل الشهير!
