مبدعون من بلادي .. حسين كولي ..
عدسة أجادت إقتناص الظل والضوء واللحظة فأنجبت إبداعا عراقيا حلق في سماء العالمية
حاوره : احمد الحاج
يقول الناقد الأدبي الروسي الشهير ، فيساريون بلنسكي ” الإبداع ليس لهواً ، والمؤلف الفني ليس ثمرة وقت فراغ أو نزوة ، إنه يكلف الفنان عناءً وجهداً ، والفنان نفسه لا يعرف كيف استقر جنين المؤلف الجديد ، إنه يحمل بذرة الفكرة الإبداعية ، كما تحمل الأم صغيرها في أحشائها ” و انطلاقا من رؤية بلنسكي للإبداع فقد حفلت الساحة العراقية الولادة بمئات الأسماء اللامعة التي حفرت في صخر الواقع بعد ولادتها من رحم المعاناة أعمالا خلدتها الذائقة الفنية والتشكيلية والشعرية العربية والعالمية ، ولعل المصور الشاب ، او فنان الظل والضوء ، حسين كولي، واحدا من هؤلاء المتميزين ممن ينتظرهم مستقبل واعد ليضع اسمه وإبداعاته في سجل طويل بين القامات العراقية السابقة واللاحقة .
*حصل الفنان الشاب ، حسين كولي ، على جائزة أفضل مصور في مهرجان الأفلام القصيرة الذي أقامته وزارة الشباب والرياضة وهذه ليست الجائزة الأولى التي تحصل عليها في مشوارك الإبداعي ، هل لك ان تجمل لنا حصيلة الجوائز التي حصدتها داخل العراق و خارجه ؟
– ما يخص الجوائز فلدي جوائز طلابية وأخرى محلية وواحدة عالمية ، اما الطلابية فعلى مدار خمس سنين وانا احصل على الجائزة الاولى في معهد الفنون الجميلة لحين تخرجي من المعهد في المرحلة الخامسة وبعد دخولي الى كلية الفنون الجميلة ومشاركتي بالمعرض السنوي الفوتوغرافي حصلت على الجائزة الاولى بالفوتوغراف ولمدة ثلاث سنين ولكن وللأسف قد منعت من المشاركة في السنة الرابعة من دون سبب يذكر ” ربما خشية الفوز بها للمرة الرابعة على حساب الآخرين ” اما ما يتعلق بالأفلام فقد حصلت على جائزة السيناريو لفيلم من تأليفي بعنوان ( الكلاب ) وحصلت على افضل عمل متكامل لفيلم (وتصرخ حواء ) وهو بمثابة اطروحة تخرج في معهد الفنون الجميلة .
اما في كلية الفنون الجميلة فلدي مشاركات كثيرة في السينما اذ حصلت على ثلاث جوائز ، جائزة افضل تصوير وجائزة افضل عمل متكامل ، وصورت 25 فيلما قصيرا على مدار 4 سنوات، حصلت 20 منها على جوائز.
*هل هناك انجازات خارج المؤسسات الأكاديمية والنشاطات الطلابية .
– نعم هناك نشاطات اخرى بعيدة عن الطلابية تتعلق بالفوتوغراف تحديدا ، وكانت اول مشاركة لي في الجمعية العراقية للتصوير في المعرض السنوي الذي ضم مصوري العراق كافة في الداخل والخارج عام 2011 وكنت يومها اصغر المصورين المشاركين سنا وحصلت على الجائزة البرونزية وبعدها في العام الذي يليه حصلت على الجائزة الاولى التقديرية وبعدها حصلت على الجائزة الثانية الفضية بالرغم من ان الصورة الحاصلة على المركز الأول كانت مسروقة لمصور من الناصرية وبعد علم اللجنة تم حجب الجائزة الاولى .
وفي عام 2014 حصلت على 6 جوائز من بين كانون الثاني – حزيران و كانت جميعها في المركز الاول ، في مسابقات نظمتها الجمعية العراقية للتصوير واخرى مراكز متخصصة بالفوتوغراف ، تم اختياري بعدها ضمن لجنة التحكيم في الجمعية العراقية للتصوير وفي هذه الاختيار اكون اصغر مصور في لجنة تحكيم الجمعية منذ عام 1972 حتى 2016 وكنت قد توفقت في هذا المجال كوني معاصر لجيلين.
لدي معرض شخصي في بغداد بعنوان ” محاكاة ” عام 2009 وبعدها معرض شخصي بأشراف الـ UN اقيم في النرويج وأستراليا.
أما فيما يخص الجائزة العالمية فكانت كأفضل مدير تصوير في مهرجان عالمي يقام سنويا في العديد من الدول الأوربية و الشرق الاوسط تحت شعار ” العنف ضد المرأة” الفيلم الذي فاز بالجائزة كان بعنوان ” زهرة ” ودخل في منافسة حامية الوطيس مع افلام اوربية وايرانية .
حصلت على جائزة افضل تصوير لفيلم ” حالة رقم ” في مهرجان بغداد السينمائي الدولي عام 2013، وجائزة افضل تصوير في مهرجان وزارة الشباب في العراق لذات الفيلم ، كما حصل الفيلم على جائزة افضل فيلم متكامل في مهرجان كلكامش للأفلام القصيرة ، وجائزة افضل تصوير في مهرجان ستوكهولم للفيلم العراقي، كما شارك في مهرجان ” فجر” الإيراني مع انهم استعاروا الفيلم من دون علمي ولا إذني من مهرجان بغداد السينمائي وقد ابلغوني قبل العرض ولذلك فلم اذهب لحضور المهرجان .
* أشرت في احدى لقاءاتك الى ان التصوير (السلوت) يعد واحدا من اصعب أنواع التصوير بالنسبة للمصور المحترف، ما ذا تعني بالسلوت وما هي مكامن الصعوبة التي يشكلها بالنسبة للمحترفين ؟
– صعوبة السلوت تتبلور في ان المصور يجب ان يدرك الماهية الجمالية التي تظهر في الشيء المراد تصويره وعليه ان يمتلك ثقافة عامة وخاصة وأعني بالثقافة الخاصة هنا هو ذلك التمكن من الادوات التي يستخدمها للتصوير اما العامة فعليه ان يكون على دراية بالرسالة والرؤية والهدف التي يظهرها للمتلقي والمختص على سواء .
“السلوت ” هو احد محاور الفوتوغراف تكون فيه اشعة الشمس او الضوء امام العدسة ما يحدد او يضلل الاشياء التي تقبع بين الضوء والعدسة ولهو جمالية وموضوعية مع ان هناك وللأسف الشديد من يظن واهما أن تصوير الغروب يعد احد محاور ” السلوت” وهو ليس كذلك .
* حصلت على جائزة افضل تصوير عن فيلم (بقايا) ضمن فعاليات مهرجان السماوة السينمائي الثاني للأفلام القصيرة ، حدثنا عن الفيلم وعن أي شيء يتحدث ؟ .
-فيلم بقايا هو مشروعي الذي حصل على ثاني افضل عمل متكامل في كلية الفنون الجميلة وحصل على جائزة التصوير في مهرجان السماوة وبصراحة ولكوني اعده فيلما طلابيا لذا فأنا لم اشارك به في مهرجان آخر غير السماوة .
فكرة الفيلم تدور حول شخص يفقد حياته بدون سبب ليرى في العالم الافتراضي ارواحا من مختلف الازمنة في العراق وهي معلقة ومنها اربع حقب مر بها العراق اصبحت مؤثرة في حياة الأجيال الحالية نحو حقبة الحرب الايرانية العراقية احداث الطائفية عام 2006، فيضان بغداد عام 1952، ومنها غير معاشة نحو مجاعة الموصل قديما وماشابه .
* الضوء والظل يشكلان ثيمة تفرد بها حسين كولي في مجمل أعماله الفوتوغرافية حتى ان الجمعية العراقية للتصوير في معرضها السنوي بدورته الأربعين منحتك الجائزة الفضية عن صورتك “الضوء والظل” بمشاركة نحو 600 مصور من داخل العراق وخارجه في المعرض الذي ضم أكثر من 1900 صورة، ما سر الضوء والظل الذي ابدعت عدستك اقتناصهما ؟
-الموضوع المثير بالنسبة لي كون الفوتوغراف يصنف كفن فردي وشخصي تابع للانطباعات والبيئة التي يعيش فيها المصور وبناء على ذلك فقد كان لطفولتي دور فيها التي عانيت فيها من مرض مزمن اقعدني لفترة من الزمن ، وبت ارى جميع الاشياء منذ ذلك الحين سوداء معتمة لا جمال فيها و وظفت ذلكم الانطباع السائد على صوري وكنت مميزا به .
وعلى هذا الاساس فأن اغلب المصورين باتوا متأثرين بي وبالأسلوب الذي اتناوله مع ان الظل والضوء وقراءته ليست بالأمر الهين وعلى المصور ان يهتم بالموضوع والمضمون والشكل فيما اغلب المصورين غير مهتمين بالرسالة لهذا المحور ، نعم انا لا اقلل من اهمية الجمال في الصورة إلا ان الموضوع والمضمون شيء مهم جدا فالمتلقي يبحث عن شيء لما تراه العين المجردة .
*سبق ان نوهت ولأكثر من مرة الى إن إقبال الشباب على تعلم الفوتوغراف ناتج عن التطور التقني إلا ان ما يؤسف عليه حقا هو تلاشي رواد الصنعة من الفوتوغرافيين المحترفين أمام التطور التقني ، مقابل دخول عدد هائل من الشباب الى هذا الفن، لماذا برأيك مرد هذا الإحجام من قبل الرواد ، عدم القناعة بالتصوير الديجتال خارج السياقات التي تربوا عليها مثلا ام الفجوة التقنية بين الأجيال ؟ .
-لدينا انانية في هذا الفن والمصور غالبا ما يتصور نفسه بأنه هو الافضل واخص الرواد منهم ، مع ان التقنية شيء مهم يساعد المصور على التمكن من اظهار النتيجة الافضل وانا قد صورت في الكاميرا الفيلم لسنين ، نحن الان نعيش فوضى فوتوغرافية فالشاب اليوم يبحث عن شيء يوصله الى النجومية ليكون شيئا وليس رقما في هذا العالم والفوتوغراف يمكنه من تحقيق ما يصبو اليه ليكون لهم متابعين واصدقاء كثر وعلى هذا الاساس كان الاقبال على الفوتوغراف من قبل الشباب.
اما بالنسبة للرواد فلو اطلعنا على CV الكثير منهم لم نشاهد مصورين لديهم شهادات تصوير فوتوغرافي بمعنى ان معظمهم ليسوا اكاديميين ومن لديه شهادة منهم فهي من خارج العراق وهم منزعجون من الشباب ليس بسبب الديجتال وانما حتى في المعالجة ودقة الصورة والتقنيات المتوفرة.
* بماذا تنصح المصورين الفوتوغرافيين الشباب وانت مدرب ومشرف على عدد من الدورات التي اقيمت لهذا الغرض .
-انصح المصور بأن يهتم بالبيئة التي يعيش فيها فهو الوحيد الذي يعبر عنها وهو الوحيد الذي يظهرها للعالم ، وعليه الاهتمام بالقراءة ودراسة كتب علم النفس لأن علم النفس هي طريقك الى إثارة العاطفة لدى المتلقي وعلى الجمعيات المختصة ان تعزز مؤسساتها بدماء شابة لأنهم على دراية بالتقنية والدروس الحديثة.
* اي من انواع الكاميرات تفضلها وهل الكاميرا هي التي تصنع الإبداع أم من يقف خلفها؟ .
– أفضل كاميرا بالنسبة لي هي NIKON بالرغم ان الكاميرا مجرد آلة وانت الذي تصنع جمالها من خلالها ، وعدسة النيكون هي العين الثالثة بالنسبة لي.
* كتاب لا تمل قراءته ؟
– كتب دكتور ابراهيم الفقي جميعها.
*صورة أفرحتك كثيرا وأخرى أحزنتك .
– جميع الصور التي التقطها اثارت بي العاطفة واحزنتني والصور التي تفرحني هي التي تتغلب على اقرانها وتفوز بجائزة.