نشر بواسطة Youness EL Alaoui
صفحة مجلة فن التصوير ترصد لكم الخبر:
مقال للفنان عادل أزماط.
سنوات 1948,1949 سيقوم المصور الأمريكي ألكسندر طايلور بزيارة المغرب لإنجاز روبرتاج عن اليهود المغاربة, في إطار روبرتاجات كان يقوم بها عن اليهود المستقرين في أوربا, و شمال إفريقيا, و الشرق الأوسط. لصالح The American Jewish Joint Distribution Committee, المعروفة اختصارا بـ JDC, و هي منظمة يهودية أمريكية خيرية تأسست سنة 1914, تقوم على تقديم المساعدات لجميع المنتسبين إلى الديانة اليهودية في كل بقاع العالم.
الصور التي بين أيدينا هي في ملك هذه المنظمة و الراجح أن المصور ألكسندر قد زار المغرب في إطار تغطية المساعدات التي قدمتها هذه المنظمة آنذاك 1948-1949 لصالح بعض اليهود بالمغرب, و للقيام أيضا بروبرتاج توثيقي ينقل الواقع المعيشي لليهود المغاربة القاطنين بملاح الدار البيضاء خصوصا ( و إن كنا سنجد صورتين أو ثلاث بمدن مغربية أخرى (طنجة و وجدة)).
تُصور هذه الاعمال حياة المغاربة اليهود بالملاح و هو الإسم الذي يطلق على الحي اليهودي بمدن المغرب و يكون جزءا من المدن العتيقة داخل سور الحماية, و كان مفتوحا أمام المسلمين كذلك لما كان يعرف من حركة تجارية كما هو معروف. فنجد مثلا صورا لبعض المدارس التقليدية و العصرية و الحرفية, صورا لحرفيين (حدادين منتمين إلى مدرسة الحرف و المهن, بائعي الخبز,..). حضور فضاء دار أيتام, و المعبد, هناك حضور لجميع الفئات العمرية من الأطفال مرورا باليافعين ثم الشباب وصولا إلى الشيوخ, حضور للجنسين ( نساء و رجال ), نقل فضاءات الدراسة و اللعب, و الشارع بكل ما يحتويه من مظاهر الفقر و البؤس. أيضا نقف عند الأزياء فنجد الزي المغربي ( الجلباب و البلغة ), و االقبعة ( الكيباه )اليهودية, عند الرجال, فيما نجد عند النساء تنوعا ما بين الفستان البسيط مع تغطية الرأس, و بين اللباس الأوربي ( لباس المعلمة كمثال). هناك تنوع أيضا في لباس الأطفال بين التقليدي و العصري, و -لربما- قد يعود ذلك راجع إلى تأثيرات اليهود الذين هاجروا من أوربا إلى الدار البيضاء. نقل لنا أيضا الحياة داخل البيوت اليهودية و ما تحتويه من اسرار و تفاصيل.
لقد تمكن المصور إلى حد بعيد من نقل مظاهر الحياة بالملاح من مختلف الزوايا و لكن برؤيا – في اعتقادي- تركز على مظاهر الفقر و البؤس فقط حيث لم تظهر علامات السعادة أو الغنى في كل الصور التي بين أيدينا, إذا ما استثنينا صورتين أو ثلاث لأطفال يلعبون أو يبتسمون, يبقى باب التأويل مفتوحا للإجابة عن سؤال : هل نقل المصور ما رآه فعلا ؟ أم كان هذا خياره الشخصي ؟.
للإحاطة أكثر بجوانب هذا الروبرتاج لابد من استحضار واقع مدينة الدار البيضاء في الأربعينات من القرن الماضي و هي ترزح تحت نير الإستعمار الفرنسي, كما لابد من التذكير من ن وجود اليهود المغاربة هو قديم جدا ثم انضاف إليهم اليهود الأندلسيون بعد سقوط الأندلسو و أيضا اليهود الهاربين من جحيم النازية التي سادت في أوربا ( الحرب العالمية الثانية).
عمل الكسندر طايلور كمصور محترف مع المنظمة الأمريكية اليهودية لما يزيد عن 30 سنة غطى خلالها الكثير من الأحداث المهمة في تاريخ اليهود, خاصة بعد الحرب العالمية الثانية. بكل من أوربا, الشرق الأوسط, شمال افريقيا.
إن قراءة مثل هذه الأعمال لا تتأتى إلا بقراءتها ضمن سياقها التاريخي أولا ثم الإجتماعي, ذلك أن عزلها قد يطرح اشكالات عديدة عند الباحث, أما عند المصور فالقراءة هنا يجب ان تكون مزدوجة داخل السياق و خارج السياق, فالعمل الفني يطرح أبعادا لا يجب الإلتزام فيها بالسياق التاريخي على عكس الطرح العلمي السوسيولوجي البحث.
هذه مجرد ملاحظات و تقديمات لهذا الروبرتاج و ليست قراءة تحليلية أو نقدية.
تحياتي
عادل أزماط