أثر الأساليب التكنولوجية الحديثة
[15] وقد عززت الكاميرات الأصغر حجمًا والأخف وزنًا بشكل كبير من دور المصور الصحفي.. فمنذ الستينيات من القرن العشرين، ساعدت المحركات الآلية، والفلاش الإلكتروني، والضبط التلقائي للبؤرة، والعدسات المتطورة، وغير ذلك من التحسينات التي شهدتها الكاميرات، على تيسير عملية التقاط الصور. حررت الكاميرات الرقمية المصورين الصحفيين من القيود التي يفرضها طول بكرة الفيلم، إذ يمكن تخزين الآلاف من الصور في بطاقة ذاكرة واحدة.
يظل المحتوى أهم عنصر في الصحافة المصوَّرة، لكن القدرة على مد المواعيد النهائية للعمل عن طريق التجميع والتحرير السريع للصور أدت إلى إحداث تغييرات مهمة. فمنذ 15 عامًا فقط، كان المسح الضوئي لصورة ملونة واحدة ونقلها من مكان بعيد إلى مكتب إخباري لطباعتها يستلزم نحو 30 دقيقة. أما الآن، فيمكن للمصور الصحفي الذي يحمل كاميرا رقمية وهاتفًا محمولاً وكمبيوتر محمولاً إرسال صور عالية الجودة في دقائق، بل وثوانٍ، بعد وقوع الحدث. كما تسمح الهواتف المزودة بكاميرات واتصالات الأقمار الصناعية بنقل الصور من أية بقعة تقريبًا على الأرض.
ينتاب بعض المصورين الإخباريين مخاوف من تحول مهنة الصحافة المصورة، كما هي معروفة الآن، إلى مهنة لا قيمة لها في ظل التقدم الطبيعي لتكنولوجيا التصوير.[16] فقد انتشر ما يُعرَف بصحافة المواطنين وزادت مساهمة المستخدمين وإرسال صور الهواة إلى المواقع الإلكترونية الإخبارية. منذ حرب القرم في منتصف القرن التاسع عشر، استخدم المصورون تقنية الكاميرا الصندوقية الحديثة لتسجيل صور الجنود البريطانيين في الميدان. لكن انتشار استخدام الكاميرات كوسيلة لتسجيل الأخبار لم يظهر إلا بعد ظهور الكاميرات الأصغر حجمًا والأيسر في حملها التي استخدمت نيجاتيف الأفلام لتسجيل الصور. وظهور كاميرا ليسا المزودة بفيلم 35 ملم في الثلاثينيات من القرن العشرين يسّر على المصورين التحرك مع الحدث، والتقاط الصور للأحداث أثناء وقوعها.
إن عصر صحافة المواطنين والحصول على صور إخبارية من متفرجين هواة ساهم في فن الصحافة المصوَّرة. يُرجِع بول ليفينسون هذا التحول إلى كاميرا كوداك التي تُعَد إحدى أولى تقنيات الصور الرخيصة سهلة الاقتناء التي “وضعت قطعة من الحقيقة المرئية بين يدي كل فرد”.[17] ساهمت الجماهير الإخبارية المُمكَّنة مع ظهور الإنترنت في نشأة المدونات، ونشرات البودكاست والأخبار على الإنترنت بشكل مستقل عن المنافذ الإخبارية التقليدية، “ولأول مرة في تاريخنا، صارت الأخبار تُنتَج بواسطة شركات خارج مجال الصحافة المصورة”.[18][19] ويرى دان شونج، المصور الصحفي السابق في صحيفة جارديان ورويترز أن المصورين الصحفيين الاحترافيين ينبغي عليهم التأقلم مع تقنية الفيديو لجني قوت يومهم.[20]