الحقوق محفوظة للمصورة: Suher Sabour
الحقوق محفوظة
مشاركة ألبوم صور سانا من قبل الوكالة العربية السورية للانباء -سانا.
المتحف الوطني باللاذقية.. بناء أثري وشاهد حي على تاريخ المدينة العمراني والاقتصادي والإنساني
30 كانون الثاني , 2013
اللاذقية-سانا
يتوسط الجهة الغربية من مدينة اللاذقية بالقرب من باب المرفأ التجاري بناء تراثي جميل يجاور شاطئ البحر وتفصله عنه حديقة عامة تدعى المنشية ..هذا البناء الذي يعود تاريخه الى نهاية القرن السابع عشر الميلادي وفق ما ورد في مخطوطة ” اثار الحقب في لاذقية العرب” للمؤرخ اللاذقاني الياس صالح كان في السابق عبارة عن خان أو نزل اما اليوم فهو مبنى المتحف الوطني.
ازدهار حركة التجارة في اللاذقية أسهم في انتشار الخانات وتحديداً في البقعة المجاورة للمرفأ في دلالة على الدور الهام الذي لعبته في تنشيط الحركة التجارية وخاصة خان الدخان الذي يستخدم الآن كمتحف وطني على مساحة تصل إلى 2750 متراً مربعاً تحيط به حديقة واسعة تتجاوز مساحتها الهكتار.
ويتألف البناء وفق مدير اثار اللاذقية الدكتور جمال حيدر من طابقين الاول عبارة عن مسكن ارضي فيه بناء الخان و يتوسطه فناء مكشوف تطل عليه وتحيط به من جميع الجهات اروقة محملة على دعائم حجرية ويتصدر الرواق الجنوبي ست قاعات على صف واحد ..القاعتان الاولى و الثانية سقوفهما عقود متصالبة اما القاعة الثالثة وحتى السادسة فسقوفهم عبارة عن قبو سريري و عند بداية الرواق من الجهة الغربية إلى الشمال ثمة مدخل صغير يؤدي إلى درج حجري ثم الى درج يصل سطح البناء .
اما الرواق الشرقي فهو عبارة عن صف واحد من الدعائم الحجرية التي تحمل السقف فيما الرواق الغربي المقابل يشكله صفان من الدعائم الحجرية في حين تم تشيد الطابق العلوي عام 1904 فوق الزاوية الجنوبية الغربية من سطح الطابق الارضي و يتألف من بهو أو صالة تتوزع حولها الغرف والقاعات الكبيرة ذات السقوف الخشبية و التزيينات الجميلة.
ويضيف الباحث حيدر.. يتوسط واجهات الطابق الأول من الأعلى نوافذ نصف دائرية تعلوها جبهة مثلثية ذات سطح قرميدي احمر وتتوزع على اليمين و اليسار شرفات ذات أعمدة رخامية جميلة واقواس دائرية يتميز البناء بضخامته ومتانته إضافة إلى حسن هندسته وتناسب عناصره المعمارية و توزع اجنحته المختلفة فضلا عن موقعه الاستراتيجي .
وتعددت وظائف بناء المتحف الوطني خلال الفترات الماضية وفق مدير آثار اللاذقية حيث كان فندقا قبل ان يتحول الى مستودع لتخزين مختلف أنواع التبوغ التي تشتهر اللاذقية بزراعتها وإنتاجها و في القرن التاسع عشر اشترى البناء “ابراهيم نصري” أحد وجهاء اللاذقية وبنى في العام 1904 تحديداً في الزاوية الجنوبية الغربية منه منزلا انيقا لسكنه الشخصي.
ويتابع حيدر .. أن المحتلين الفرنسيين جعلوا منه مقرا لإقامة الحاكم الفرنسي واطلقوا عليه اسم المندوبية كونه مقراً للمندوب السامي الفرنسي و غادر الموقع ممثل فرنسا في الخامس من تموز عام 1945 ميلادية ثم اشترت البلدية البناء عام 1978.
وفي العام 1981 تحولت ملكية البناء الى المديرية العامة للآثار و المتاحف وأجرت أعمال ترميم و صيانة للطابق الأرضي ثم حولته الى متحف وطني لمدينة اللاذقية حيث تم افتتاحه عام 1986 ويستخدم الطابق الأول منه كمقر لمديرية الآثار باللاذقية فيما خصصت قاعات الطابق الارضي الست التي تتصدر الرواق الجنوبي لتضم المقتنيات المكتشفة في مواقع المحافظة الأثرية.
ويشير حيدر إلى أن الآثار منسقة في القاعات من الأقدم إلى الأحدث حيث تضم القاعة الأولى ست خزائن تحتوي الاثار المكتشفة في موقع أوغاريت و هي نماذج من الفخار البسيط و الملون والمزين بأشكال بحرية و هي للاستخدامات المنزلية اليومية إضافة إلى مجموعة قيمة من الرقم الفخارية المكتوبة باللغة الاوغاريتية و الآكادية و تمثال للاله “ايل ” فضلاً عن مجموعة من الأواني المصنعة من “الالباستر” المرمر و كذلك نسخة عن الأبجدية المكتشفة في أوغاريت و هي أول أبجدية في العالم.
وتضم القاعة الثانية آثار موقع ابن هاني الاثري المعاصر لمدينة أوغاريت حيث تم ترتيب الآثار في ست خزائن عرض تتضمن عدداً من المكتشفات أهمها الدمى الفخارية ذات الأشكال الإنسانية والحيوانية واختام أسطوانية كانت تستخدم في توثيق الأعمال التجارية و أدوات و رؤوس حراب مصنوعة من البرونز إضافة إلى قالب لصب السبائك البرونزية و النحاسية التي كانت تستخدم أساساً للتبادل التجاري بين دول حوض المتوسط.
وتم تخصيص القاعة الثالثة بحسب الدكتور حيدر للاثار الكلاسيكية اليونانية والرومانية والبيزنطية وتتوزع اثارها في خمس خزائن عرض تضم مجموعة من النقود الفضية والبرونزية والتماثيل البشرية والأواني الفخارية متنوعة الاشكال والحجوم.
كما تضم هذه القاعة قوارير من الزجاج و السرج الفخارية ذات الزخارف الإنسانية والنباتية التي تعكس صورا من الحياة الدينية والفنية والاجتماعية و نماذج من المصنوعات العظمية والعاجية التي يعود تاريخها الى مابين القرن الثالث قبل الميلاد و حتى القرن الخامس الميلادي.
أما القاعة الرابعة تم تخصيصها للآثار الإسلامية وهي تضم ست خزائن عرض فيها نماذج من السيراميك الذي ازدهرت صناعته في العصر الاسلامي إضافة إلى مجموعة هامة من النقود البرونزية و الفضية وقطع من الدنانير الذهبية الاموية و قميص من الزرد المعدني وسيف صفوي و مصحف كريم يرجع الى بداية القرن العشرين.
اما القاعة الخامسة فهي مخصصة لمعالم الفن الحديث و فيها 30 لوحة زيتية مرسومة من واقع الساحل السوري و طبيعته الجميلة رسمتها ايادي فنانين تشكيليين من القطر العربي السوري إضافة إلى وجود أعداد من التماثيل الجصية و الخشبية والحجرية في حين خصصت القاعة السادسة كمستودع لحفظ و أرشفة الآثار المكتشفة في المحافظة.
وعن حديقة المتحف يقول الدكتور حيدر” إن مساحتها تبلغ قرابة الهكتار و هي أقرب ما تكون الى متحف في الهواء الطلق تتوزع فيها الآثار الحجرية والرخامية التي تعود الى العصرين الكلاسيكي والإسلامي وهي عبارة عن تماثيل حجرية لأشخاص وشواهد ونصب تذكارية ونذرية تعلوها كتابات بلغات قديمة و مجموعة هامة من التيجان و الأعمدة والقواعد تشكل بدورها أجزاء من النسيج العمراني القديم للمدينة.
سلوى سليمان