منذ ظهور التصوير في منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت الصورة أهم وثيقة تسجل الأحداث. وعلى مدى أكثر من قرن ونصف القرن، التقطت الكاميرات ملايين الصور لحروب وكوارث ومناسبات سعيدة وحزينة لأفراد وجماعات ودول. ولاشك أن الصورة تعني كثيرا في توضيح أي حدث، وتشد القارئ وتجذبه وتحفزة على القراءة باستمتاع.
في هذه الصفحة، لدينا صور كل منها يتحدث عن مناسبة أو حدث معين نعود من خلالها لقراءة التاريخ برؤية معاصرة.
عبدالرحمن مخلوف مخطط أبوظبي الحديثة
عندما أصبح المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً لأبوظبي عام 1966، كانت المدينة مازالت أرضاً بكراً. ولم يكن هناك مدينة بالمعنى الحديث للمدن، وكان الهدف الأول للشيخ زايد هو تخطيط مدينة أبوظبي الحديثة.
في بداية الستينات من القرن العشرين كانت مخططات المدينة أسندت لشركة «هالكرو»، وفي بداية حكم الشيخ زايد أسندت إلى شركة «أرابيكون»، وفي عام 1967 تم تعيين المهندس الياباني تاكاهاشي لتخطيط المدينة، إلا أن الشيخ زايد رغب بمهندس عربي يستطيع بلورة الأفكار معه بشكل مباشر، ومن خلال الحوار المستمر، وطلب من حسن محمد حسن، ممثل الأمم المتحدة للمعونة الفنية أن يرشح له خبيراً عربياً في تخطيط المدن، فوقع اختياره على الدكتور عبدالرحمن حسنين مخلوف، خبير المدن العربية. وكان مخلوف حصل على الدكتوراه من جامعة ميونخ عام 1957، وانتدب خبيراً لتخطيط المدن في السعودية خلال الفترة من 1959 إلى 1963، وأنشأ خلالها جهاز تخطيط المدن، وأنجز مشروعات التخطيط العمراني لكل من جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة وينبع، وانتدب عام 1966 مديراً عاماً لإدارة التخطيط العمراني للقاهرة الكبرى.
وبعد ترشيحه للعمل في أبوظبي، وصل مخلوف في أكتوبر/تشرين الأول 1968، وصدر مرسوم أميري بتعيينه مديراً لتخطيط المدن في أبوظبي، اعتباراً من 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1968. بدأ مخلوف مهمته في تخطيط المدينة، فأبوظبي الجديدة بعوائدها النفطية التي بدأت تنمو منذ تصدير الدفعة الأولى من النفط عام 1962، تحتاج إلى خطة حديثة تجمع بين رغبة الشيخ زايد بخصوصية البناء العربي الإسلامي للمدينة، والمخططات الحديثة. وبدأ مخلوف بوضع المخططات الأولى، بحيث تتكون المدينة من المنطقة المركزية التي تضم الأسواق والمساجد ومركز الشرطة، وتوجد حول هذه المنطقة قصر الحصن والفرضة، أو الميناء، والمناطق السكنية والساحات الرياضية. ويقول مخلوف إن الشيخ زايد كان يتابع مراحل التخطيط بمختلف جوانبها: التوجيه، المراجعة، المتابعة الميدانية، الحسم والبت، واقتحام الصعاب وتذليل العقبات بعزم وعزيمة دون تراجع، وصولاً إلى ما نراه اليوم من نهضة عمرانية شاملة.