يتنقل زائر المعرض بين الصور مكتشفا حقيقة هؤلاء الأشخاص المترفين الذين يتظاهرون بالسعادة لكنهم تعساء رغم مظاهر البذخ الكاذبة، يبدو الجمال المزيف واضحا في حالات شتى، يبدأ بصورة الفتاة التي تحولت إلى دمية تأخذ صورة سيلفي أمام لوحة متجر هارودز الشهير، وهناك أيضا صورة معبرة لفتيات أنيقات عابسات على الرصيف، وكذلك صورة امرأة متعبة تستريح على مقعد خشبي، ويظهر أمامها كرسي للمقعدين تستخدمه لنقل غنائم التسوق، أما عبث الشباب الطائش في إزعاج المارة بواسطة هدير سيارت البنتلي والفيراري فلا يمكن وصفه بالكلمات.
في صور والاس شخصيات من جنسيات مختلفة نصادفها في حياتنا اليومية تمارس سلوكياتها المزعجة ذات النزعة الاستهلاكية العبثية، نراها تركض لاهثة خلف الموضة، وتستمتع بالتعالي على الآخرين في الأماكن العامة والتفاخر بالثراء المادي الذي لا يعبر سوى عن إفلاس أخلاقي وفراغ روحي.
لا يدعي والاس الحياد عبر تصويره تلك المناظر المدهشة بطريقة ساخرة، هدفه تدوين التفاصيل البراقة مع تجاهل صريح لردود الأفعال الغاضبة والنظرات الساخطة، يلتقط المعنى البديع ويمضي في حال سبيله، يسرق صور تجمعات البرجوازيين عند الفنادق وأمام الفاترينات، وفيها كثير من التعبيرات العميقة في مواقف سريالية تعبر عن التناقضات والجوهر العميق للظواهر السطحية، الأمر يشبه ما يحدث في جدة أثناء الموسم السياحي، زوار المدن الصغيرة يتجاهلون الآداب في الأماكن العامة، وليس هناك احترام للتنوع الثقافي لسكان المدينة الساحلية.
هذا المشروع رابع أعمال والاس الوثائقية بعد مشاريع تصاوير حول مهرجان بلاكبول والحياة المتوحشة في ليالي المدينة، ومقاربة فريدة لسائقي سيارات الأجرة في بومباي. يقول والاس “ما يحفز صوري هو السلوك البشري والتفاعلات العاطفية، مواضيع قصصي عن طغيان التسليع وتأثيراته السلبية في حياة الناس والسياحة العالمية والعواقب التي لا مفر منها من هيمنة الشركات والعلامة التجارية على العقول والأفكار. أحاول التعبير عن وجهة نظري الشخصية النقدية التي لا تخلو من روح الدعابة، وأعتقد أن صوري يمكن أن تكون قابلة للتصديق وليست مجرد مبالغة سخيفة”. وسرد والاس ما حدث عند لقائه المصور البريطاني المخضرم مارتن بارر في مطار لندن قبل قدومه المملكة، وعند علم بارر وجهته أهداه نسخة من كتابه المصور إلى صاحبة الجاليري الأميرة ريم الفيصل تحية لجهودها في عرض أعمال الفنانين العالمين في جاليري الربع الخالي في دبي خلال السنوات الخمس الماضية.
يدرك المشاهد في النهاية بعد زيارة المعرض أن المصور صاحب موقف في الأساس تجاه مصير مدينته التي يعيش فيها، ولم تكن الغاية انتهاك الخصوصية كما يفعل البباراتزي، إذ يسافر المتلقي معه في رحلة للتعرف على طريقة تفكيره وأسلوبه عبر مشاهدة فيلم قصير على شاشة كبيرة في إحدى زوايا المعرض، مصطحبا معه كتالوج المعرض الذي طبع بحرفية بالغة على شكل صحيفة تابلويد، ومتجولا في قاعة الجاليري الذي أعاد إلى الفوتوغرافيا الاعتبار والتقدير بعد تدشين مقره الثاني في جدة قبل أشهر قليلة، مانحا المتعة الجمالية لهواة هذا الفن النبيل.