فوائد الفراولة
بواسطة:
مقدمة
توصي التوجيهات التغذوية بزيادة تناول الفواكه والخضروات لجعل الحمية الغذائية أكثر صحة،
ولما لها من فوائد وقائية وعلاجية في كل من السمنة والأمراض المزمنة المتعلقة بها مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان (2)،
وذلك لما تحتويه هذه الأغذية من الألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن والعديد من مركبات الفيتوكيميكال النباتية (phytochemicals) المفيدة للصحة،
وتعرف مركبات الفيتوكيميكال بأنها مجموعةً كبيرةً من المركبات الكيميائية المختلفة عن العناصر التغذوية
وهي موجودة بشكل طبيعي في الأغذية النباتية وتمنحها ألواناً مثل اللون الأحمر في البندورة أو صفاتاً حسيّةً أخرى مثل الرائحة في الثوم وتقوم بعمل وظائف عديدة في النباتات
كما أنها تمتلك قدرات في الوقاية من الأمراض في الإنسان.
وتتميز التوتيات بفوائدها الصحية العديدة نظراً لاحتوائها على العناصر الغذائية من الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية، بالإضافة إلى الألياف الغذائية والعديد من مركبات الفيتوكيميكال المتعددة الفينول (polyphenolic phytochemicals) مثل الفلاڤونويد (flavonids) والأحماض الفينولية (phenolic acids) والليغنان (lignans) والتانين (tannins) ،
وقد اكتسبت الفراولة اهتماماً خاصاً كونها من أكثر الفواكه عامة والتوتيات خاصة شيوعاً واستخداماً،
وذلك بسبب دخولها في العديد من الصناعات الغذائية مثل: لبن الزبادي، والعصائر، والمربيات، والجلو(2)،
هذا بالإضافة إلى تناولها طازجة أو مفرزة،
كما أنّ مستخلاصتها دخلت في السنوات الأخيرة في تركيب بعض المكملات الغذائية مع غيرها من مستخلصات الفواكه والخضروات والأعشاب (1)، كما أنّها عرفت حديثاً كغذاء وظيفي، وذلك لما تقدمه من فوائد صحية تتجاوز محتواها من العناصر الغذائية (2).
تركيب الفراولة
تعتبر الفراولة واحدة من أكثر الفواكه احتواءً على العناصر الغذائية الأساسية، حيث تحتوي على:
(2) الكاروتينات، والفيتامين (أ)، والفيتامين (ھ)، والفيتامين (ك). ويميزها محتواها العالي من فيتامين (ج)
حيث أنها تحتوي على 60 ملجم/ 100 جم من الفراولة الطازجة. كما أنها تعتبر مصدراً جيداً للعديد من الفيتامينات الأخرى مثل:
الثيامين (ب1)،
والريبوفلاڤين (ب2)،
والنياسين (ب3)،
والبيريدوكسين (ب6).
وتتميز الفراولة أيضاً بمحتواها العالي من حمض الفوليك (الفولات)، حيث يحتوي كل 100 جم من الفراولة الطازجة على 24 ميكروجرام من الفولات.
بالإضافة إلى ذلك تتميز الفراولة بمحتواها من المنغنيز. تعتبر مصدراً جيداً لليود، والمغنيسيوم، والنحاس، والحديد، والفسفور. كما أنها تحتوي على سكر الفركتوز والألياف الغذائية،
وهي بذلك توفر جميع ما تقدمه هذه العناصر الغذائية من وظائف هامة في الجسم.
بالإضافة إلى العناصر الغذائية التقليدية، تحتوي الفراولة على مركبات الفيتوكيميكال التي توجد بشكل رئيسي كمركبات الفينول والتي جعلت منها غذاءاً وظيفياً،
حيث منحت هذه المركبات الفراولة : (2)
صفاتها المضادة للالتهاب .
والمضاد للأكسدة .
والمخفضة لليبيدات (دهنيات) الدم المرتفعة .
والمضادة البكتيرية
والمضادة للحساسية ولارتفاع ضغط الدم .
والمقاومة لتكاثر الخلايا السرطانية.
بالإضافة إلى القدرة على إبطال عمل بعض الإنزيمات والمستقبلات لتمنع بذلك العديد من الأمراض المحفزة بالأكسدة.
تعتبر الفلاڤونويدات وتحديدا اللأنثيوسيانين (anthyocyanins) والموجودة على شكل (pelargonidin) ومشتقات ال(cyanidine)، النوع الرئيسي من المركبات المتعددة الفينول الموجودة في الفراولة، ويأتي بعدها الإيلاجيتانين (ellagetannins) وتحديداً (sanguiin-H-6)، وتتبعها الفلاڤونولات (flavonols) التالية (quercetin and kaempferol-3-malonylglucoside) والفلافونولات (catechins and procyanidins)، والأحماض الفينولية (caffeic and hydroxybenzoic derivates) (1).
فوائد الفراولة
الفراولة ومقاومة الالتهابات يحصل الالتهاب بشكل طبيعي عندما يقوم جهاز المناعة بمحاربة الكائنات الدخيلة والأضرار التي تلحق بالجسم من جروح وإصابات وغيرها، ولكن التحفيز المستمر لهذه العمليات أو عدم انتظام عمل جهاز المناعة فيما يتعلق بالالتهاب يسبب حالة التهابية نشطة تلعب دوراً أساسياً في الأمراض المزمنة :مثل أمراض القلب، والأوعية الدموية، والزهايمر، والسكري من النوع الثاني(1). وقد وجدت دراسة أجريت على فئران التجارب المصابة بالسمنة المحفزة بالحمية دوراً هاماً للفراولة في التحكم في سكر الدم وتنظيم العديد من جوانب الالتهاب العام في الجسم والتي تحصل بسبب السمنة، كما قامت دراسة أخرى أجريت على فئران التجارب بتوضيح دور للفراولة في إبطاء وقت تكون الجلطة التي تم تحفيز تكونها عن طريق جرح الشريان بالليزر، وقد قامت بذلك بسبب تأثيرها على بعض نواتج الالتهاب التي تحفز تصلب الشرايين، ووجدت دراسة أخرى أن إعطاء الفراولة لجرذان التجارب يقلل من التضرر العصبي الذي يصيبها عند التعرض للإشعاع(1). أما في الإنسان فلا يوجد عدد كبير من الدراسات التي اختصت بالفراولة، ولكن يوجد عدد أكبر من الدراسات التي تبحث أثر التوتيات ومكوناتها على الصحة. وكمثال أجريت دراسة لتوضيح أثر المركبات المتعددة الفينول الموجودة في الفراولة على مؤشرات الالتهاب واستجابة الإنسولين التي تحصل بعد الوجبة، ولهذا الغرض تم عمل الاختبار على 26 شخصا ذو أوزان زائدة، حيث تم إعطائهم وجبة عالية الكربوهيدرات ومتوسطة الدهن لتحفيز الإجهاد الالتهابي (inflammatory stress) الحاد والإجهاد التأكسدي (oxidative stress) الحاد، وتم إعطاء مجموعة منهم 10 جم من مسحوق الفراولة المجففة بالتفريز مع الوجبة، في حين أعطيت المجموعة الأخرى علاجا وهميا (placebo)، وأوضحت نتائج الدراسة أن تناول الفراولة له تأثير مباشر في تقليل الاستجابة الالتهابية وخفض كمية الإنسولين المفرزة بعد الوجبة(1). وتوضح نتائج هذه الدراسات وغيرها أثر الفراولة في محاربة حالة الالتهاب النشطة التي تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة (1).
الفراولة والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية
تدعم الدلائل العلمية دور استهلاك الفواكه والخضروات في الوقاية من العديد من العوامل التي ترفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، مثل: السمنة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني، كما وجدت العديد من الدراسات علاقة عكسية بين تناول الفواكه والخضروات والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويمكن تلخيص دور الفراولة في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية بثلاث تأثيرات وهي دورها ك:
(1). مضاد أكسدة(1).
مضاد لارتفاع ضغط الدم (1).
مضاد لتصلب الشرايين، وتوضح الدراسات التالية هذه التأثيرات (1).
تقترح الدراسات المختصة بالفراولة دور الفلاڤونويدات كمضادات أكسدة في المحافظة على أغشية الخلايا من التأكسد الذي يساهم في أمراض القلب والشرايين، وفي دراسة أجريت على 23 شخصا من المتطوعين الأصحاء، تم إعطاء الفراولة لمدة شهر، ونتج ذلك في خفض كوليسترول الدم الكلي والكوليسترول السيء (LDL) والدهون الثلاثية وعدداً من المركبات الحرة التي ترفع من الإجهاد التأكسدي في الجسم، ويقلل تناول الفراولة من العديد من العمليات التي تساهم في أمراض القلب والشرايين، مثل تراكم الصفائح الدموية وتنشيطها (1). وفي دراسة أخرى وجد أن تناول 500 جم (جرعة اختبارية) من الفراولة يوميّاً رفع من مستوى مضادات الأكسدة في الدم، لا سيّما تركيز الفيتامين ج، كما وجد أنّ الفراولة تحسن من مقاومة خلايا الدم الحمراء للتحلل،
ووجد أن الأنثيوسينين المستخلص من الفراولة والتوت الأزرق يقلّل من ارتفاع ضغط الدم، كما وجد في دراسة أخرى أخرى أن الأنثيوسيانين (60% منه مستخلص من الفراولة والتوت الأزرق) يخفض من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي وأنّ استهلاك 3 حصص أسبوعيّاً على الأقل من الفراولة والتوت الأزرق يخفف من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي(1)
الفراولة والمتلازمة الأيضية
تعرف المتلازمة الأيضية بإصابة الشخص بثلاثة على الأقل من الحالات التالية: السمنة الوسطية، مقاومة الإنسولين، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم، والخلل في نسبة الكوليسترول السيء (LDL) بالنسبة للكوليسترول الجيد (HDL)، وترتبط المتلازمة الأيضية بارتفاع مؤشرات الاتهاب وأكسدة الدهنيات في الجسم. وقد اكتسبت التوتيات اهتماماً خاصاً في البحث عن دورها في مقاومة هذه المتلازمة، حيث وضحت العديد من الدراسات دور الفراولة أو مستخلصات الأنثيوسيانين في تخفيض سكر الدم في حالات السمنة والسكري، كما وجد أن مستخلصات الفراولة تلعب دوراً مشابهاً للإنزيمات الهاضمة للنشويات والدهون، مما يفسر قدرتها على التحكم في سكر وضغط الدم وتحسين حالات المتلازمة الأيضية (1). وفي تجربة أجريت على 27 شخص مصاب بالمتلازمة الأيضية، تم إعطاء 50 جم من مسحوق الفراولة المجففة بالتفريز (أي ما يعادل 500 جم من الفراولة الطازجة) يومياً، لينتج عن ذلك انخفاضاً في كوليسترول الدم الكلي والكوليسترول السيء (LDL) والمالوندايالديهايد (مقياس للإجهاد التأكسدي) وجزيئات الكوليسترول السيء الصغيرة، مما يحسن من حالة المتلازمة الأيضية في الأشخاص البالغين المصابين بالسمنة، ووجدت غيرها من التجارب تأثيراً للفراولة في خفض الارتفاع في سكر وإنسولين الدم بعد الوجبات (1). ويمكن الاستنتاج مما سبق أن للفراولة تأثير إيجابي في مقاومة المتلازمة الأيضية وفي الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني، وقد يكون من المفيد تناولها بكثرة من قبل الأشخاص الذين لديهم قابلية أو خطر الإصابة بهما (1)
الفراولة ودورها الوقائي والعلاجي في السرطان
تتصف الفراولة بصفات مقاومة للسرطان ومضادة للأكسدة وبتأثيرات واقية للجينات، وأثبتت هذه الصفات في دراسات أجريت على العديد من أنواع الخلايا السرطانية في الإنسان وفئران التجارب خارج الجسم (in-vitro studies)، وفي دراسات أجريت على حيوانات التجارب داخل الجسم (in-vivo studeis)، ولكن لازالت دراسات داخل الجسم التي تبحث تأثير الفراولة على السرطان في جسم الإنسان محدودة وبحاجة إلى المزيد من الدراسات لتدعيم نتائجها. ويوجد في الفراولة العديد من المركبات المتعددة الفينول التي تحمل خصائص مضادة للسرطان، كما أنها ترفع من عمل بعض العلاجات الكيماوية (1). ويتم تفسير دور الفراولة في مقاومة السرطان بقدرتها على إزالة سمية بعض المواد المسرطنة، التخلص من مركبات الأكسجين النشطة، خفض الضرر التأكسدي الذي يصيب الحمض النووي (DNA)، وخفض تكاثر الخلايا السرطانية عن طريق تحفيز موتها ووقف دوراتها الانقسامية، ووقف تكوين الأوعية الدموية المغذية لها، بالإضافة إلى ميكانيكيات أخرى (1). في دراسة أجريت على سرطان الفم المحفز بالمواد الكيميائية في حيوانات التجارب، وجد أن الفراولة تقلل من تكون الأورام ومن مؤشرات الالتهاب وتكاثر الخلايا السرطانية، وفي دراسة أجريت على الإنسان، ارتبط تناول بعض النباتات المزهرة ومن ضمنها الفراولة بخفض خطر الإصابة بسرطان المريء والرأس والرقبة، كما وجد في دراسة أخرى أجريت على أشخاص مصابين بتقرحات سرطانية في المريء أن تناول الفراولة بجرعة 60 جم في اليوم لمدة 6 أشهر قادر على منع تطور هذه التقرحات السرطانية (1). بالنسبة لسرطان القولون، فقد أجريت دراسة على فئران التجارب ووجد تأثير إيجابي للفراولة على العديد من مؤشرات تطور السرطان، في حين أجريت دراسة كبيرة على البشر لتوضح علاقة بسيطة للفراولة مع خفض خطر الإصابة بسرطان القولون(1). وفي فئران التجارب، وجد أن المستخلصات المائية للفراولة قادرة على تثبيط نمو أورام الرئة المحفزة بالتبغ، كما أنها منعت النفاخ الرئوي (pulmonary emphysema) وتنكس الكبد (liver degenration) وخسارة الوزن وخلل الجينات، كما استطاعات مستخلصات الفراولة الميثانولية وقف سرطان الثدي في فئران التجارب المعدلة جينيا لتحفز الإصابة بسرطان الثدي (1)
الفراولة والأمراض العصبية
وجدت دراسة أجريت ما بين سنة 1980 إلى سنة 2001 ارتباطاً بين تناول الفراولة والتوت الأزرق بكميات عالية مع بطء تراجع القدرات الإدراكية، ووجدت العديد من الدراسات دورا للفراولة في محاربة تراجع القدرات العقلية مع تقدم العمر (2).، كما وجد لأحد المواد الموجودة في الفراولة (الفيسيتين) خواصاً مضادةً للاكتئاب في فئران التجارب، كما وجد أنه يرفع من إفراز السيروتونين والنورإبينفرين، الأمر الذي يدل على إمكانية اتخاذ الفيسيتين كمضاد طبيعي للاكتئاب، ووجدت دراسة واحدة دوراً للفيسيتين في محاربة مرض الهنتنغتون الذي يتسم بتراجع القدرات الإدراكية بالإضافة إلى أعراضه النفسية والحركية التي تحصل بسبب موت خلايا الدماغ، وهو مرض لا يوجد له علاج حتى يومنا هذا، وبالتالي يمكن أن تلعب الفراولة دوراً في السيطرة على هذا المرض(1). بالإضافة إلى فوائد الفراولة التي تم ذكرها، فإنّه يمكن أن تساعد الفراولة في علاج بعض أنواع فقر الدم وذلك بسبب محتواها العالي من حمض الفوليك والحديد وغيرها من العناصر الغذائية، كما أنّها تعتبر غذاءاً منخفضاً بالسعرات الحرارية ومناسباً لحمية خسارة الوزن، (3). وعلى الرغم من الفوائد اللامتناهية للفراولة إلا أنّ بعض الأشخاص يعانون من الحساسية تجاه هذه الفاكهة وكل ما يحتوي عليها مثل بعض أنواع الحلويّات أو المشروبات، ويجب تجنّب تناولها تماماً في هذه الحالات (3).