الحارس.. جــورج مختـــــار
ابراهيم الخليل
حارس مرمى نادي الجزيره سابقاً وحارس مرمى المنتخب الوطني في السبعينات من العام الماضي .
كان دمث الأخلاق ، حسن السيرة ، محبوباً من الجميع
توفي في الحسكه في مشفى عصام بغدي ، من مواليد 1944
::(( مسيرته الكروية ))::
حارس منتخبنا الوطني وناديي الجزيرة والجيش في سبيعينات القرن الماضي وأحد المع النجوم الذين مروا على تاريخ الكرة السورية وقد كرمه الرئيس الراحل حافظ الأسد بمنحه سيارة كهدية لصده ضربات الجزاء في مباراة سوريا والبحرين التي حصل فيها منتخبنا على كأس القنيطرة ، وبعد اعتزاله عمل مدرباً لحراس المنتخب والجيش وخرَّج العديد من حراس المرمى حتى تاريخ وفاته .
انتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل، فلجأ الفريقان إلى ضربات الجزاء الترجيحية، أنظار المتابعين على أرض الملعب وشاشات التلفزة مسمرة على حارس المنتخب السوري وهو يطير ليتصدى لضربة الجزاء ويمنع الكرة من هز الشباك فينطلق صوت المعلق الرياضي الشهير المرحوم الصديق عدنان بوظو ببحته المتميزة »الله أكبر يا جورج«..
يأخذ جورج مختار الكرة ذاتها ليواجه المرمى الذي يعرفه جيداً والذي حرسه بكل ما أوتي من موهبة ومهارة وقوة، فيتمكن من خداع حارس المنتخب المنافس ويودع الكرة في الشباك ليهدي سورية التأهل إلى نهائيات كأس العالم العسكرية.
ولد فقيدنا جورج مختار عام 1944 في مدينتنا الحبيبة الحسكة المستلقية على طرف نهر الخابور »المحتضر« والتي تفتخر بأنها مدينة المودة والمحبة والتسامح والوحدة الوطنية، هي مدينة معطاء.. فإلى جانب ما تنتج من محاصيل وثروات تنتج رجالاً مخلصين وطنيين متميزين في كافة مناحي الحياة العامة والخاصة علماً وأدباً وفناً وصحافة ورياضة.
جورج هو ابن المرحوم عمنا المختار المحترم يوسف صابونجي رحمه الله.
إلى جنان الخلد جورج مختار..حظي بتكريم القائد الخالد.. الحارس العملاق وشيخ الحراس من أحب الألقاب إلى قلبه
آخر لحظات العمر
وفي صبيحة اليوم التالي الخميس 24/9/2009، ودع الرياضيون ومحبو جورج مختار جثمانه، ضمن موكب مهيب انطلق من باب مشفى الحياة، يتقدمهم رئيس وأعضاء فرع الاتحاد الرياضي في المحافظة. حيث طاف الموكب شوارع المدينة ثم أرجاء ملعب تشرين، والصالة الرياضية حيث مقر فرع الاتحاد الرياضي، وودع الرياضيون جثمان الفقيد عند دوار البانوراما. حيث أقلته سيارة خاصة وجّه محافظ الحسكة معذى نجيب سلوم بفرزها، إلى مدينة دمشق ليصلى عليه في كنيسة سيدة دمشق عند الساعة الثالثة من عصر الجمعة 25/9/2009.
وهكذا شاءت العناية الإلهية أن يقضي الحارس العملاق وشيخ حراس المرمى في سورية، جورج مختار آخر لحظات عمره في ربوع محافظته الحسكة، وبين ذويه وأقاربه وأصدقائه ورفاق دربه، الذين بدأ معهم مشواره الرياضي في اللعبة الجماهيرية الأولى كرة القدم. لكأنه حضر إلى بلده ليودع خلانه الوداع الأخير، ويلقي عليهم وعلى الشوارع والساحات والحارات في مسقط رأسه ومرتع صباه وشبابه النظرة الأخيرة.
من أهم الداعمين لرياضة المحافظة
ولم يكن يترك (أبو جريج) أية مناسبة رياضية تجري في المحافظة، إلا ويحضر من دمشق للمشاركة فيها. فقد حضر قبل أيام للمشاركة في أحد المهرجانات في القامشلي، وتم تكريمه في المهرجان كأحد أبرز نجوم الرياضة في سورية. وفي أواخر عام 2007 حضر الحفل الفني الذي أقامه نادي الجزيرة وتم تكريمه فيه مع العديد من الرياضيين.
وفي منتصف تموز من العام الماضي شارك جورج مختار في الفعاليات التي أقامها فرع الإتحاد الرياضي بالحسكة، بالتعاون مع لجنة المغتربين الرياضيين في السويد، وتم فيها تكريم قدامى رياضيي الحسكة. وضمن هذه الفعاليات ركل وزميله جوزيف ابراهيم، ضربة البداية في المباراة الاحتفالية بكرة القدم التي أقيمت في ملعب المدينة الرياضية بين متقاعدي المنتخب الوطني وقدامى الجزيرة. و فاز فيها متقاعدو المنتخب بستة أهداف مقابل هدفين. وبعد المباراة تم تكريمه في الحفل الفني الذي أقيم مساء مع مجموعة من الرياضيين القدامى.
وكان دائماً من الداعمين للحركة الرياضية في المحافظة، وبشكل خاص لعبة كرة القدم. ولم يتوان أبداً عن تقديم أية مساعدة لنادي الجزيرة وبقية أندية المحافظة.
انعطافة هامة
( الله اكبر ياجورج ) جملة أطلقها المرحوم المعلق الرياضي الشهير الأستاذ عدنان بوظو، للحارس جورج مختار عندما تصدى لضربات الجزاء في مباراة جمعت سورية والبحرين عام 1976، وأحرز شخصياً في هذه المباراة هدف الفوز لسورية. ليشكل ذلك نقطة تحول هامة في حياته الرياضية والشخصية، حيث نال تكريم القائد الخالد حافظ الأسد ( طيب الله ثراه). ولهذا كان جورج مختار يـُعـِد هذه المباراة من أجمل المباريات التي خاضها عبر مشواره الرياضي الطويل والحافل. إذ اُعتـُبـر من أشهر الأسماء التي مرّت على الكرة السورية، وكان حارس مرمى فريق الجيش والمنتخب العسكري والمنتخب الوطني، حيث يعد مركز حراسة المرمى من أهم المراكز داخل المستطيل الأخضر، وكانت سورية تتمتع على مر الزمن بحراس من مستوى عال ودائماً يكونون من أهم معالم المنتخب، من أمثال جورج مختار، الذي استحق عن جدارة لقب الحارس العملاق وشيخ الحراس.
وقد انتقل جورج إلى صفوف فريق الجيش في عام 1967، وبقي كابتن المنتخب العسكري لمدة أحد عشر عاماً. وعرضت عليه عدة أندية أوروبية في الدرجة الأولى الانضمام إلى صفوفها، لكنه رفض مفضلاً اللعب في بلده سورية، وحقق لها العديد من الانتصارات. وكان يحمل الرقم واحد، وزار دولاً غربية عدة كألمانيا وإيطاليا واليونان وتركيا وفرنسا والكثير من الدول العربية.
ورغم أنه عاصر الكثير من نجوم الرياضة وكرة القدم السورية، كرياض أصفهاني وشاهر كسكين ومحمود طوغلي و سهيل لطفي وجوزيف شهرستان وحسن درويش وعبد الغني طاطيش وعبد الفتاح حوا وعزام غوتوق ونبيل نانو وعزمي حداد وفارس سلطجي وأحمد جبان وأحمد طالب تميم وإسماعيل تميم وسمير سعيد وموسى شماس وأفاديس وآكوب وحنين بتراكي وحافظ أبو لبادة ومحمد عزام وعبد الحفيظ عرب، فإن ابراهيم محلمي كان الأقرب إليه من اللاعبين المحليين. في حين كان معجباً جداً بالحارس الهزاز محمد من بين الحراس العرب.
وداعاً جورج مختار
وقد وصل جورج مختار إلى هذا المستوى الرفيع على الساحة الكروية السورية، بعد مشوار حافل قضاه في خدمة كرة القدم ( الجزراوية ). فهو من مواليد الحسكة عام 1944، ومنذ نعومة أظفاره برع في كرة القدم، ولهذا لعب مبكراً في مدارس المدينة. ثم سرعان ما لعب لنادي الخابور تحت إشراف المدرب أمين نحلاوي. لينتقل بعد ذلك إلى صفوف نادي الحسكة، إلى جانب زملائه المتميزين آنذاك كنبيل نانو وحنا نصري، ويعد بحق من أشهر الأسماء التي مرت على نادي الجزيرة. ورغم أنه كانت تربطه بكاتب هذه السطور علاقة بسيطة، بدأت عبر لقاء عابر في أحد المطاعم الدمشقية منذ سنوات، حيث كان يتناول طعام الغداء مع أحد الرياضيين الحسكيين وهو الذي عرفنا على بعض. ثم التقينا مرتين أو ثلاثاً لا أكثر، أيضاً بالمصادفة ضمن لقاءات سريعة وخاطفة، فقد غمرني بلطفه ووصلتني على الفور نسائم تواضعه ودماثة خلقه، ولازالت تلك الابتسامة التي لا تفارق شفتيه محفورة في مخيلتي. إلى جنان الخلد يا أبو جريج. لك الرحمة، ولنا ولقرة عينيك رندة ورنا الصبر والسلوان.
درس في مدينة الحسكة وكان زميل دراسة وصديق شقيقنا المحامي مروان، وبرزت موهبته الرياضية منذ نعومة أظفاره في كرة السلة قبل أن ينتقل إلى كرة القدم، حيث لعب أولاً في مدارس المدينة ثم لعب لنادي الخابور ومن ثم لنادي الحسكة بمركز حارس المرمى، وهو المركز الذي يعتبر العمود الفقري لفريق كرة القدم والذي كان دربه وسبقه »أوميد« الأستاذ الصديق إبراهيم نانو الذي صار فيما بعد خبيراً إدارياً ومصرفياً، والمدرب أمين حلاوي، وكان يسير على درب حراس المرمى السوريين اللذين سبقاه: مروان دردري وفارس سلطجي.
في العام 1965 انتقل إلى صفوف فريق الجيش والمنتخب العسكري وكان كابتن المنتخب لمدة أحد عشر عاماً حمل خلالها الرقم واحد، كما كان حارس مرمى المنتخب الوطني وحقق معه العديد من الانتصارات والبطولات، رفض خلالها العديد من عروض الاحتراف الخارجي في عدد من الأندية الأوروبية مفضلاً البقاء والدفاع عن مرمى فريق الجيش والمنتخب الوطني، وقد أكسبته قامته الفارعة لقب الحارس العملاق، كما أكسبته خبرته الكبيرة في حراسة المرمى لقب شيخ الحراس، وقد تم تكريمه من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد اعترافاً بخدماته الكبيرة للكرة السورية بشكل خاص وللحركة الرياضية بشكل عام.
جورج أبو يوسف- أو أبو جريج كما كان يطلق عليه زملاؤه تحبباً- كان واحداً من مجموعة لامعة من لاعبي كرة القدم »أبو كربو جوزيف جاويش- إبراهيم أنطون- جورجيك- هماياك- نبيل نانو- الأخوان دكدوك- زوزو عارف- صوماني- إيشايا- فوزي خليل- إلياس ميرو- وأبو ديمة زيتو.. وغيرهم«، والتي ما زالت صورهم حاضرة في ذاكرتي وهم يختالون في طرقات وحارات وساحات الحسكة يصولون ويجولون، يتألقون في ملاعبها، ومنذ أن كنا فتية صغاراً في مقتبل العمر نتابعهم ونشجعهم معجبين بهم.
وكانت الأندية الرياضية المختلفة التي لعبوا فيها »نادي الخابور- نادي الحسكة- نادي الرافدين في القامشلي- نادي الهومنتمن في القامشلي- نادي الجزائر- نادي الشباب العربي« نواة الكرة الجزراوية ومنشأ أندية الجزيرة والجهاد فيما بعد، التي لعبت وتلعب دوراً كبيراً ورائداً في رفد المنتخب الوطني السوري لكرة القدم وقبلهما فريق الجيش والمنتخب العسكري بنجومه ولاعبيه والذي ضم أسماء كبيرة أخرى مثل: »الكابتن موسى شماس- حنا نصري- جاك اسكندر وإخوته- إبراهيم محلمي- جوزيف شهرستان- سعيد ناعوم…«.
ظل الراحل جورج مختار بعد اعتزاله لعب كرة القدم ناشطاً في الحياة الرياضية مقدماً خبرته الكبيرة ومشاركاً وداعماً لجميع الأحداث الرياضية التي تجري في سورية ومحافظة الحسكة رغم انتقاله للعيش في دمشق، وكنت في السنوات الأخيرة كثيراً ما ألتقيه أو أحدثه وهو واقف أمام حلاقنا غسان في شارع القصاع بقامته المديدة وحضوره الآسر وابتسامته العريضة التي لا تفارق وجهه، وحوله بعض المعجبين الشباب..
توفي جورج مختار في مسقط رأسه الحسكة عصر يوم الأربعاء 23-9-،2009 وشيع جثمانه منها يوم الجمعة 25-9-2009 بعد أن طاف بشوارع وحارات مدينته ومرتع صباه وشبابه باتجاه دمشق، حيث صلي عليه ووري الثرى وخلف نعشه سار المحبون والمعجبون والأصدقاء.
؟؟ التعازي لنا جميعاً ولزوجته الفاضلة رباح جانبرت وابنتيه رالده وريم، ولشقيقيه عبد المسيح وجاك وشقيقته ولكل عائلات صابونجي وجانبرت وبطرس الشيخ وتانو وعساف وقس إيليا وقاطرجي وخزوم وسلوم وإلياس وظماط ودلالة ومسعودي ودولة وأرتين، ولفقيدنا جورج جنات الخلد.