«سيوة… ظل الواحة»، هو عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وهو مصور عن واحة سيوة المصرية من تأليف الأديب والتشكيلي المصري شريف عبد المجيد وتصويره. ويضم قرصاً مدمجاً يحوي فيلماً تسجيلياً عن الواحة، ومجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية للمشاهد الطبيعية والمعالم المهمة في واحة سيوة.
يستعرض العمل تاريخ الواحة وأهم الأحداث التي مرت بها منذ عصر ما قبل التاريخ وحتى اليوم. ويأمل الكاتب بأن يكون كتابه فاتحة لسلسلة من الكتب التي ترصد المعالم والأقاليم المصرية المختلفة من طريق الصورة الفوتوغرافية. وهو مشروع أخذ يلح عليه كثيراً كما يقول بعد حريق المجمع العلمي خلال أحداث ما بعد «ثورة يناير». وأثير الجدل آنذاك حول كتاب «وصف مصر» وهو أحد مقتنيات المجمع، وراودته الفكرة حينها حول ضرورة إنجاز مسح حضاري جديد لمصر على غرار ما أنجزه علماء الحملة الفرنسية.
ويرى عبدالمجيد أن هذا المسح يجب أن يتولاه فريق متخصص من الباحثين في الجيولوجيا والتاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والأدب الشعبي، إضافة إلى المصورين الفوتوغرافيين. ولإيمانه بالفكرة تحمس لتقديم كتاب مصور عن واحة سيوة، وكان حريصاً على ألا يكون الكتاب مجرد تعريف مصور عن تلك الواحة لذا أتته فكرة صنع الفيلم التسجيلي المصاحب للكتاب.
ويحلم عبدالمجيد باستكمال الفكرة في محافظات وأقاليم أخرى في مصر وأن يلقى الكتاب قبولاً لدى القارئ وأن تشارك قطاعات عدة من المجتمع في تطوير الفكرة ونشرها، ويأمل أيضاً أن يكمل ما بدأه عن واحة سيوة بإنجاز كتب مصورة عن النوبة وسيناء والواحات وحلايب وشلاتين لتكتمل تلك المجموعة قبل مرور مئتي عام على إنجاز كتاب «وصف مصر» الذي يعد أحد منجزات الحملة الفرنسية، أي قبل عام 2028.
وتعد واحة سيوة الواقعة في قلب الصحراء ناحية الغرب من أشهر الواحات المصرية، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعديد من الأحداث التاريخية التي مثل بعضها لغزاً محيراً حتى اليوم. وتفيد الروايات بأنها قد أفلتت من الغزو الفارسي لمصر خلال القرن السادس قبل الميلاد بعدما اختفى الجيش الذي كان متوجهاً لغزوها في ظروف غامضة ولم يُعثر له على أثر. وتزعم بعض الروايات التاريخية أن الصحراء ابتلعته بكل عتاده وجنوده. كما يقال إن الإسكندر الأكبر قد أوصى بدفنه بها إلى جوار معبد آمون آخر معاقل الديانة المصرية القديمة، غير أن المصادر التاريخية لم تؤكد المكان الذي دفن فيه تحديداً.
ويعد معبد آمون أحد أهم المعالم الأثرية في واحة سيوة، وقد أقيم لنشر ديانة آمون بين القبائل والشعوب المجاورة نظراً إلى المكانة التي كانت تتمتع بها واحة سيوة كملتقى للطرق التجارية بين جنوب الصحراء وشمالها وغربها وشرقها.
وتذكر المرويات أن الإسكندر الأكبر عندما دخل مصر توجه إلى ذلك المعبد الذي كان يطلق عليه «معبد التنبؤات»، وأنه التقى هناك كهنة آمون الذين رحبوا به ترحيباً كبيراً.
وأولى المؤلف عبد المجيد الصورة الفوتوغرافية مكانة خاصة في كتابه، لكنه لم يغفل أيضاً قيمة النص المكتوب على نحو يرسم صورة قريبة للحياة في واحة سيوة بادئاً بعرض تاريخي لأهم الأحداث المهمة التي مرت بها منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى اليوم. كما استعرض الكثير من العادات والتقاليد السائدة في الواحة، من وضع المرأة وطقوس الزواج والأعياد والاحتفال بموسم الحصاد إلى نوعية الموسيقى والغناء. ولم يغفل كذلك وصف التضاريس والمناخ وأهم المعالم الأثرية والسياحية التي تتمتع بها واحة سيوة في سياق وافٍ لكل باحث عن تاريخ هذه الواحة الخلابة وطبيعتها.