التجريد يطغى على «مهرجان الفوتوغرافيا المعاصرة»
القاهرة – محمد الصاوي
تزحف الفنون المعاصرة والتجريبية رويداً رويداً على المدارس التقليدية في مختلف الفنون، لتلبي حاجة الفنان إلى التعبير عن تعقيدات الوقت الراهن ومتناقضاته، خصوصاً تجاه المسائل السياسية التي صارت محور الحياة في كثير من دول العالم المتطلعة إلى الحرية وفي بلدان الثورات العربية.
في الدورة الثانية من «مهرجان الفوتوغرافيا المعاصرة» الذي تستضيفه القاهرة حتى 12 من الشهر الجاري، لم تعد الصورة هي اللقطة التي تسجل حدثاً ما، في شكل مباشر وصريح، على رغم ما تحمله من معانٍ ودلالات. اتجهت الفوتوغرافيا نحو الأسلوب المشحون بفكر المصور حاملة رسالة في قضية أو موقف سياسي أو اجتماعي.
تطلَّب تحقيق هذه الرسالة وتأكيدها الاتجاه نحو التجريدية وفي مرحلة لاحقة السوريالية، وإن كانت قواعد فن التصوير الضوئي هي الأساس كما يرى المصور أيمن لطفي منسق المهرجان. ويقول لـ «الحياة»: «يغلب على الفكر السائد لدى الجمهور أن الفوتوغرافيا التجريدية مجرد عمل برامج على الكومبيوتر، والحقيقة أن التكنولوجيا الحديثة تخدم رؤية الفنان وتتيح له تقنية عالية، كأن أسلط الضوء أكثر على المنطقة التي أرغب في أن تراها عين المتلقي وهذه هي لعبة الفنان، أو كيف أربط المشاهد باللوحة، وما الفكرة التي تصل وكيف تشد وعيه؟ وهو ما يسمى «قلب أو صلب الموضوع أو الفكرة»، وهذا علم يدرس وليس اجتهاداً، وهي أشياء أساسية نبني عليها آراءنا في لجان التحكيم في المسابقات الدولية والمحلية».
ويؤكد لطفي أن الفوتوغرافيا التجريدية أثْرت الفوتوغرافيا وجعلتها أقرب من الفنون الجميلة من حيث التكوين والخطوط والألوان، إضافة إلى إمكانات كاميرا 15 ميغا و36 ميغا، وعدسات فيها تطبيقات هائلة. وبعد ذلك، تأتي جودة الطبع على أعلى مستوى تقني، ومرحلة التوضيب النهائية، من برواز وغيره، حتى يظهر العمل في أحسن صورة، وفق متطلبات المعارض الدولية. هكذا، تكون دورة الصورة من مرحلة الاسكتش إلى المنتج النهائي. ويبقى دور الوسيط أو الموديلز، وهو وفق كلام الفنان، ليس مجرد «موديل» طبقاً للمفاهيم القديمة، بل يعتبر الآن ممثلاً له دور في نقل موضوع العمل والتأثير فيه.
ويقول لطفي: «إن الموضوع الأساسي للمهرجان هو فكرة التخفي وراء أي سلطة أو بذلة أو ذقن أو ملامح ما، المتخفي الذي يختبئ خلف جدار أو قناع أو قطعة من القماش، المتخفي الذي يختبئ خلف عالم من صناعته ويتلون بألوان زائقة ليس لها علاقة بالواقع الخاص بالإنسان يعتقد أننا لا نراه. لكننا نراه وإن بعد حين، وسيصبح بالفعل مختفياً لكن من الواقع والعالم الخاص بنا».
ويضيف الفوتوغرافي المصري: «كان ممكناً أن يضيع البلد في مرحلة حكم «الإخوان». وفي كل مرحلة ندخلها نجد طابوراً خامساً لكننا نمضي، لأننا شعب له جذور وتراث، وكما يقال، متدين بطبعه. فمثلاً في بلد مثل سنغافورة تجد المعبد الصيني إلى جانب البوذي وغيره، والكل يتعبد في صمت ووقار».
ويشير إلى أن «معرض التخفي نظم العام الماضي في جزيرة كريت اليونانية بعد الاتفاق على ذلك مع المصور اليوناني ميلانوش أزكساس حين قابلته في بينالي الصين 2012 ودارت بيننا حوارات ونلت هناك الجائزة الكبرى».
وكان يفترض أن تشارك 20 دولة في الدورة الثانية، لكن الأوضاع الأمنية المتوترة منعت الجميع من الحضور، فاقتصرت المشاركة على الفنانين المحليين.
ويوضح لطفي أن العمل في تنسيق المهرجان استغرق وقتاً طويلاً، على رغم تعاون قطاعات وزارة الثقافة، ولكن المعرض كلف مبلغاً باهظاً للطبع وتجهيز الأعمال، خصوصاً أن الوزارة لم تدعم الحدث مادياً.
وأقيمت على هامش المهرجان ندوات ومحاضرات، منها محاضرة عن الفوتوغرافيا التجريدية والسوريالية، وأخرى عن تجهيز الفوتوغرافيا للمسابقات الدولية. ويذكر أن المعرض انتقل إلى الأكاديمية المصرية في روما من 17 نيسان (أبريل) الماضي.